أمهات ينتظرن '' زغرودة '' الفرح , مختصون يؤكدون على دور الأسرة و متتبعون متخوفون من صدمة يوم الامتحان يعتبر التحضير النفسي و الاستعداد الذهني من أهم العوامل لنجاح أي نشاط فكري أو رياضي أو غير ذلك و لا يخرج امتحان البكالوريا عن هذه القاعدة، إن لم نقل أن العامل النفسي يدخل بنسبة 50 بالمائة لمن درس بصفة متوسطة و عادية و كانت نتائجه في حدود المتوسط فكثيرا ما نسمع بقصص تلاميذ كانوا يعتبرون من النجباء في ثانوياتهم إلا أنهم فشلوا في اجتياز امتحان البكالوريا لأسباب أو لأخرى لكن الأسباب النفسية تبقى الأكثر ورودا جراء الخوف الزائد و الضغط الذي يتعرض له التلاميذ في هذه المرحلة من الدراسة. ووقفت النهار على ذلك من خلال دردشة مع بعض تلاميذ الأقسام النهائية في الثانوية و المتوسط حيث لامسنا اهتمام هؤلاء التلاميذ بوعيهم بضرورة التحضير الجيد إلا أن الحالة النفسية التي يمر بها أغلبهم ليست على ما يرام كما استطلعنا بعض آراء المختصين حول عملية التحضير النفسي و كيفية التعامل مع الأسئلة و عن دور الأسرة الذي لا يقل أهمية عن دور الأستاذ و مستشار التوجيه في إطار تكامل العملية التربوية . تلاميذ البكالوريا ... قلق و خوف من صعوبة المواضيع بين الوعي بضرورة النجاح في شهادة البكالوريا لفتح باب المستقبل حسب تعبير تلاميذ الذين اتقيناهم وبين التسيب الاجتماعي، و تأثيره على نفسية التلاميذ، يبقى المقبلون على شهادة البكالوريا في حالة من الارتباك بعدما خرجوا الى الشارع في الأيام الماضية و لأنه لا يوجد دخان بلا نار حسب المثل الشعبي فإن اتهام الوزارة لبعض الأطراف بافتعال خروج التلاميذ لأسباب سياسية إلا أن المتتبعين للكتب المدرسية و المناهج الجديدة يؤكدون كثافة البرامج و صعوبة هضمها حتى على الأستاذ في بعض الأحيان ، و سمير أحد هؤلاء الطلبة الذين التقيناهم أمام ثانوية عمر راسم بوسط العاصمة الذي عبر عن استيائه من كثافة البرامج و عدم وضوح بعض الدروس رغم أنه من التلاميذ المجتهدين و بتحصل على معدلات مقبولة و يداوم على الدروس الخصوصية في المواد الأساسية مثل الرياضيات والفيزياء بأثمان عالية لم يشأ الإفصاح عنها أما أصدقائه حيث أصبحت أعباء الدروس الخصوصية تثقل كاهل الأسر الضعيفة الدخل في ظل الانتشار الرهيب لهذه الظاهرة دون ضابط أو مراقبة من السلطات المخولة لذلك و رغم اعتماد وزارة التربية لنظام الدروس الخصوصية في المساء للتلاميذ ذوي التحصيل الضعيف يؤطرها أساتذتهم بالثانويات إلا أنهم يفضلون تلقي هذه الدروس في مؤسسات خاصة نظرا للسمعة التي تتمتع بها أو عند أستاذ ذاع صيته في وسط التلاميذ بحسن طريقته في التدريس لمادة معينة . ارتياح أكثر من تلاميذ الثانوي و قلق في مستوى المرحلة السنية عبر بعض التلاميذ المقبلين على امتحان شهادة التعليم المتوسط عن بعض القلق باعتبارهم سيجتازون أول امتحان لشهادة التعليم المتوسط بعد الإصلاحات التي شهدتها المنظومة التربوية في الجزائر بعدما درسوا أربع سنوات وفق النظام الجديد إلا أنهم ظهروا أكثر ارتياحا من تلاميذ الأقسام النهائية بالثانويات و قد يعود ذلك الى عامل السن حيث يكون التلميذ في مرحلة المتوسط أكثر حرصا على الدراسة خوفا من العائلة من جهة و متابعة من طرف هذه الأخيرة من جهة أخرى و هو الشيء الذي يتحرر منه تلاميذ البكالوريا كونهم في منعطف هام في الحياة و ترتبط قضية الاهتمام بالدراسة لديهم بمفهوم الاختيار و ليس الجبر من طرف العائلة أو المجتمع بالإضافة الى معدل الانتقال الذي يحتسب المعدل السنوي و هو ما يزيد من حظوظ الانتقال لفئة كبيرة مكن التلاميذ. فئة المتفائلين و الناجحين حتى لا نبخس التلاميذ جهدهم حتى لا نصف كل تلاميذ البكالوريا بالارتباك النفسي تتميز فئة غير قليلة من التلاميذ بثقة في النفس تعكس حنكة هؤلاء في التعامل مع الأمر الواقع و من هؤلاء المتفائلين التلميذ علي الذي يدرس بثانوية الإدريسي و الذي أكد لنا كل ما قاله أقرانه حول كثافة البرامج و الصعوبات البيداغوجية التي اعترضتهم إلا أنه ذكر لنا أنه يتعامل مع دروسه بثقة كاملة في النفس و التحضير الجيد دون إغفال العامل النفسي حيث يعمل على تنشيط نفسه ببعض التمارين الرياضية مساء كل نهاية أسبوع للتخفيف من عبء المراجعة و الضغط الاجتماعي الذي يصله من العائلة و الأصدقاء و كل من يفتح معه موضوع البكالوريا الى درجة أنه أصبح يتحاشى الحديث في هذا الشأن. جمعيات تحل محل المستشارين التربويين عمدت بعض الجمعيات في الآونة الى الأخيرة الى الاهتمام بفئة الطلبة المقبلين على امتحان شهادة البكالوريا في ظل اعتماد الكثير منها على إعطاء دروس خصوصية للتلاميذ في المواد الأساسية و من بين هذه الجمعيات جمعية شعاع الأمل بالكاليتوس التي نظمت في الأول من الشهر الجاري يوما دراسيا حول التعامل مع أسئلة البكالوريا و طريقة المراجعة الناجعة قدمها مختصون في مجال التربوي منهم الأستاذ محمد بن مسعى و الأستاذ عبد الحميد نقيب و هم مختصان في العم النفس التربوي و بحضور 12 أستاذ من أساتذة المواد الأساسية العاملين بمختلف ثانويات العاصمة قدموا ورشات خاصة بكيفية التعامل مع مواضيع المواد التي يدرسونها في نفس السياق أكد لنا السيد بلقاسم صخري رئيس الجمعية حضور 235 طاب من ثلاث ثانويات متواجدة على تراب بلدية الكاليتوس وشهدت العملية نجاحا منقطع النظير حسب تعبيره. أولياء الأمور ...الحلقة المفصلية في العملية '' كل أم تتمنى زغرودة الفرح بحصول ابنها على البكالوريا مثلما تتمنى زغرودة زواجه '' هي عبارة أم تحب الخير لابنها و تتمنى له الحصول على شهادة البكالوريا و هي تدعو له في صلاتها , خالتي فاطمة تنتظر هذه السنة اجتياز ابنها أيوب هذا الامتحان حيث أعاد السنة بعدما تعثر في السنة الماضية و قالت لنا أنه يعز عيلها ألا يتحصل ابنها على البكالوريا بعد كل هذا العناء من المراجعة و التحضير و لن تخف هذه السيدة أنها تضغط على ابنها في بعض الأحيان حتى تحسسه بضرورة النجاح حتى '' يرفع رأسها أمام الناس مثلما قالت '' و لما ذكرناها بما يقوله المختصون في هذا ألأمر من عدم الضغط على الأبناء قالت لنا أن أميتنا و حنان الأمومة لا تعترف بهذه الأمور. مختصون يؤكدون أهمية الأسرة في عملية التحضير النفسي أكد الأستاذ أحمد فاضلي أستاذ علم النفس بجامعة البليدة و المدرب بمركز الراشد للتنمية البشرية في اتصال مع "النهار" على أهمية دور العائلة في تحضير التلاميذ المقبلين على الامتحانات الرسمية النهائية مضيفا أن مساعدة الأسرة تكمن في التعامل مع التلميذ بطريقة عادية مثل باقي أيام الدراسة و عدم تحسيسه بأنه أمام منعرج مصيري إن لم ينجح فيه فستنتهي حياته و هي الطريقة التي تتعامل بها أغلبية العائلات ربما في الكثير عن غير قصد و لكن تعبير عن الاهتمام بمستقبل الأبناء حيث مازال يحضى امتحان البكالوريا في الجزائر بمكانة مرموقة حيث تشد الأنظار في شهر من كل عام الى موعد الامتحان و يهتم له الكبير و الصغير و تقام له الأفراح للمحظوظين بالنجاح و تصل الهزيمة النفسية الكثير ممن لم يسعفهم الحظ في اجتياز الامتحان الذي يكرم في يومه المرء أو يهان. قرارات وزارة التربية ...خلط أوراق التلاميذ قبل الامتحان 70 بالمئة نسبة النجاح في شهادة البكالوريا ترددت كثيرا على لسان بو بكر بن بوزيد وزير التربية الوطنية لكن المثير فيها أنها وردت بصيغ متضاربة و مختلفة بين الفينة و الأخرى فمرة قال الوزير أن نسبة النجاح هذه السنة ستفوق ال 70 بالمئة وفق تطلعات الوزارة و مرة أخرى ينفي ذلك و يقول أنه لم يحدد نسبة مسبقة للنجاح أضف الى ذلك القرارات المهدئة لثورة التلاميذ بعد خروجهم الى الشارع تذمرا من كثافة البرامج و صعوبة فهمها حيث صنفها العديد من المتتبعين و النقابيين أنها لا تعدو أن تكون مجرد مسكنات لألم مزمن يحتاج الى عملية جراحية و لكن بمنظار إصلاح الإصلاح.