كشفت مصادر مطلعة للشروق عن اتصالات مكثفة تقودها الدبلوماسية الجزائرية منذ أسابيع في عدد من العواصم الإفريقية لحشد الدعم اللازم لانتخاب الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة (55 سنة) في منصب المفوض الإفريقي للسلم والأمن لخلافة مواطنه سعيد جنيت الذي انتهت عهدته بعد ان شغل المنصب منذ جويلية 2003 . وتريد الجزائر الاحتفاظ بإحدى المسؤوليات التي توصف "بالأكثر أهمية وثقلا" بين الثمانية التي تتشكل منها مفوضية الاتحاد الإفريقي، حيث يشرف مفوض السلم والأمن على "عدة ملفات كبرى" مكلفة بفض نزاعات مسلحة قائمة ومتابعة إنشاء جملة من المؤسسات الدفاعية والنصوص القانونية والاتفاقيات الجديدة، التي سمحت لأول مرة بخلق أدوات إفريقية خالصة لمعالجة أزماتها دون تدخل خارجي ودعم التعاون الأمني والدفاعي بين دول القارة، ومنها المركز الإفريقي للدراسات والبحث حول الإرهاب الذي منحته الجزائر مقرا على ترابها "ومولت نشاطه كلية بما يقرب من 15 مليار سنتيم" ويخضع المركز للوصاية المباشرة لمفوض السلم والأمن. وقالت مصادرنا أن اتصالات حشد الدعم يشرف عليها الوزير المنتدب للشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل ويتابعها السفراء الجزائريون في عدد من العواصم الإفريقية قبل القمة الرئاسية المرتقبة الشهر الجاري في إثيوبيا والتي ستعيد انتخاب مفوضية جديدة للاتحاد الإفريقي. وتعتمد الجزائر في تسويق مرشحها على "السمعة والخبرة" التي يحوزها الأمين العام السابق لوزارة الخارجية، ويوصف لعمامرة بأنه ملم بالملف الإفريقي في بعده الاقتصادي والأمني، كما يعتقد أن اختياره لخلافة جنيت تم منذ شهور بموافقة ودعم الرئيس بوتفليقة، حيث أسندت اليه عدة ملفات إفريقية على مستوى ديوان مراد مدلسي منذ مغادرته منصب الأمين العام لوزارة الخارجية قبل نحو عام، وفي مرحلة سابقة كان سفيرا للجزائر لدى منظمة الوحدة الإفريقية في أديس أبيبا قبل أن يعين سفيرا في واشنطن، ويواجه لعمامرة منافسة قوية من خمسة مترشحين آخرين تقدموا لخلافة جنيت أبرزهم مرشح نيجيريا جون كايود شينكاي، مدير ديوان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ألفا عمر كوناري. وشكل اللقاء الذي جمع السبت الماضي في الجزائر رؤساء الآليات المعنية بالأمن في الاتحاد الإفريقي محطة أخرى للدبلوماسية الجزائرية لدعم فرص مرشحها، وانطلقت في ذلك من ما تعتبره الإنجازات الهامة التي حققها مواطنه السابق جنيت طوال أربع سنوات من نصف من عهدته، حيث خصص جدول أعمال الاجتماع "لإعداد تقييم شامل حول ما أنجزته إفريقيا في مجال السلم والأمن"، وأشرف جنيت وتابع عمل بعثات حفظ الأمن في السودان والصومال، كما نسق لإعداد خطة العمل الافريقية لمكافحة الارهاب والجريمة المنظمة وآلية الوقاية من النزاعات والأزمات في القارة وإطلاق عدد من المؤسسات الدفاعية والامنية منها تشكيل جيش احتياطي افريقي، كما لعب مفوض السلم والأمن دورا في تقوية قاطرة المعارضة الإفريقية لإنشاء قيادة وقواعد عسكرية أمريكية على تراب القارة، وهو الموقف التي تبناه الاتحاد الافريقي بشكل رسمي لاحقا. من منطلق أن القارة السمراء عبر مؤسساتها هي المخول الأول والقادرة على ضمان أمنها وحل أزماتها. عبد النور بوخمخم