ارتأت الحكومة مراجعة بعض الإجراءات الجبائية والرسوم لتشجيع الاستثمار وترقية الإنتاج الوطني، كما اتخذت إجراءات تشريعية أخرى لصالح تحسين تحصيل ومراجعة قائمة الضرائب. وذلك في سياق الإجراءات التشريعية التي حملها المشروع التمهيدي لقانون المالية لسنة 2015 فيما حمل مشروع النص القانوني هذا مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تبسيط المعاملات الإدارية لصالح المؤسسات، وتنوعت الإجراءات بين إعفاءات جبائية وفرض رسوم جديدة. ومن بين أهم الإجراءات التي ارتأت الحكومة إدراجها في سياق المقترحات المتعلقة بتشجيع الاستثمار وتحسين مردودية الإنتاج الوطني، إعادة النظر في نسبة الضريبة على أرباح الشركات على النحو الذي تقرر توحيدها ما بين القطاعين الإنتاجي والتجاري، ففي الوقت الذي تم رفع نسبة هذه الأرباح إلى 23 بالمائة بدل 19 بالمائة التي كانت مطبقة على أرباح الشركات العاملة في قطاع إنتاج السلع و البناء والأشغال العمومية والسياحة، اقترح أصحاب النص خفض هذه النسبة إلى 25 بالمائة على الشركات العاملة في قطاع التجارة والخدمات. بمعني أن الشركات الأولى سيفرض عليها نسبة أعلى ب 4 نقاط مئوية والثانية ستخفض بنقطتين اثنتين مئويتين، ومن شأن هذا الإجراء أن يشكل أحد العناصر التحفيزية للشركات العاملة في قطاعات التجارة والخدمات.
زيادات منتظرة في أسعار السجائر في سياق مغاير، وضمن سياسة الحكومة الرامية إلى وضع استراتيجية وطنية لمكافحة التدخين يقترح مشروع النص، الذي تحوز "الشروق" نسخة منه، فرض رسم داخلي على الاستهلاك نسبته 10 بالمائة من قيمة وسعر علبة السجائر إضافة إلى الحقوق المفروضة على الكمية، مما يعني أن أسعار السجائر سترتفع عند نفس نسبة الرسم الجديد. هذا الرسم الذي يشكل مع رسوم أخرى منها ذلك المفروض على الكحول موردا أساسيا للصندوق الوطني لمكافحة داء السرطان. كما تشكل في جانب آخر أحد موارد الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية.
زيادات في حقوق التسجيل على العقود التوثيقية المشروع التمهيدي لقانون المالية الأولي للسنة الجارية زاوج في جانبه التشريعي بين الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية، وإن كانت في غالبها تشمل فئات بعينها إلا أنها ستنعكس على المواطنين، ومنها الزيادة في حقوق التسجيل المطبقة على كل العقود المعنية بقانون التسجيل مثل عقود كراء المحلات العقارية، إذ سترتفع هذه الحقوق من 500 دينار إلى 1500 دينار، وإن كان هذا الإجراء يخص الموثقين بصفة مباشرة إلا أنه سيحال على المواطنين من خلال مراجعة الموثقين لتكاليف عمليات البيع والشراء والكراء في مرحلة لاحقة.
رسوم جديدة على الأملاك المستعملة رابع إجراء يستدعي الوقوف عنده يتعلق بفرض رسم القيمة المضافة أي tva على الأملاك المستعملة بهدف تأطير سوق السلع المستعملة، هذا الإجراء من شأنه أن يفرض على كل مواطن يقدم على اقتناء سلع مستعملة باختلاف أنواعها، سواء كانت شققا أم سيارات أم غيرها من الأملاك، دفع الرسم على القيمة المضافة المعلوم أنه عند حدود نسبة 17 بالمائة.
رسم على القيمة المضافة بالنسبة إلى المواد الأولية لتربية الدواجن خامس إجراء وعلى نقيض إجراءات الإعفاء التي شملت في وقت سابق المواد الأولية التي تدخل في تربية الدواجن، اقترحت وزارة المالية على الحكومة فرض الرسم على القيمة المضافة عند نسبة 7 بالمائة على جميع المواد الأولية التي تدخل ضمن تربية الدواجن، هذا الإجراء قد يؤدي إلى رفع أسعار الدواجن على اعتبار أن المربين يشتكون دوما من كلفة وتقلبات سوق أسعار اللحوم البيضاء.
عقوبات جبائية على المتهربين من دفع ضرائب المجوهرات والمعادن الثمينة أما سادس إجراء فيخص هواة المجوهرات والمعادن الثمينة، إذ اقترح النص فرض عقوبة جبائية تعادل أربع مرات قيمة الحقوق الضريبية المفروضة على مجوهرات المعادن الثمينة التي تم اقتناؤها أو بيعها في سياق يهدف إلى التهرب الجبائي على أن لا تقل هذه العقوبة عن قيمة 10 ملايين سنتيم، وذلك في سياق الإجراءات الرامية إلى حماية الاقتصاد الوطني، والتهرب الجبائي الذي مازال يؤرق الحكومة ولم تتوصل إلى إيجاد حلول له وسط إدراكها أن العجز الكائن في التحصيل الضريبي يشكل نقطة ضعف الحكومة التي تضطر دوما إلى الاستعانة بالجباية البترولية لتغطية عجز الموازنة بين طرفي ميزانية الدولة. مليون سنتيم لطابع جواز السفر وإلغاء الطوابع الضريبية على بطاقة التعريف والجنسية والسوابق العدلية أما الإجراء السابع والذي له علاقة مباشرة بجيوب المواطنين، فيكمن في رفع الطابع الضريبي المفروض على استخراج جوازات السفر إلى مليون سنتيم، في حين حاولت الحكومة التوفيق بين هذه الزيادة التي بررتها بتمديد آجال صلاحية جواز السفر من 5 سنوات إلى عشر سنوات بإلغاء الطابع الضريبي المفروض على الوثائق الإدارية ويتعلق الأمر شهادة الجنسية وسجل السوابق العدلية وبطاقة التعريف الوطنية، وإن كانت قيمة هذه الطوابع الضريبية مجتمعة لا تمثل نصف قيمة الطابع الضريبي المفروض على استخراج جواز السفر في الوقت الراهن. من جهتها، سيصبح بإمكان الإدارة الجمركية بدخول مشروع قانون المالية حيز التطبيق أن تمنح الحق للأشخاص المتابعين في إطار المخالفات الجمركية بدفع مقابل مالي للسلع المحجوزة وتحديد قيمتها بناء على سعرها الحقيقي في السوق المحلية، وذلك في خطوة لرفع العبء عن الجمارك في تسيير هذه السلع المحجوزة وإيقاف أي نوع من النزاعات مع صاحبها بأقل التكاليف علاوة عن تخفيف الإجراءات الخاصة بالمسألة، وهو إجراء سيدرج بالموازاة في قانون الجمارك الجديد.
إعفاء عقارات المشاريع الترقوية من عقود الامتياز وإمكانية التنازل عنها للمرقين في سياق الإعفاءات الجبائية، يقر مقترح في النص إعفاء الشركات الناشطة في الفروع الصناعية من دفع ضريبة الأرباح على الشركات أو ضريبة الدخل الشامل والرسم على النشاط المهني لمدة 5 سنوات كاملة، وهي مزايا جبائية تمنح إضافة إلى تيسير فوائد القروض بنسبة 3 بالمائة خلال الفترة نفسها، وبإمكان هذه الإعفاءات أن تشكل إحدى مزايا التشجيع على التشغيل طبعا بعد ضمان مستوى معين من الإنتاجية. بالموازاة لذلك سيتم إعفاء العقارات المدرجة ضمن مشاريع الترقية العقارية، من عقود الامتياز أي عقود التأجير وستكون إمكانية التنازل عنها لصالح المرقين، هذا الإجراء يرمي إلى تشجيع المرقين. المشروع التمهيدي لقانون المالية للسنة المقبلة لم يفرض أي نوع من أنواع التقشف. كما لم يطلب من الجزائريين شد الأحزمة، مما يعني أن الوضعية المالية للجزائر ورغم بعض التحذيرات التي وقف عندها خبراء وزارة المالية عند صياغتهم للمشروع الأولي الذي صادقت عليه الحكومة، إلا أن هذه الأخيرة واصلت على نفس الريتم في وضع تصورها للإنفاق العام السنة القادمة وخصصت ميزانية قاربت ال5000 مليار لنفقات التسيير في مقابل ميزانية تجاوزت ال3000 مليار دينار بالنسبة إلى نفقات التجهيز.