أجمع خبراء في الشأن الأمني الجزائري، على أن الدبلوماسية الجزائرية تعاملت بحنكة مع قضية الرهائن المختطفين بمالي، دون أن ترضخ لمطالب الإرهابيين، وأكدوا على أن الجزائر تمسكت بمبدأ عدم دفع الفدية للجماعات الإرهابية حتى آخر لحظة. وأكد الخبير العسكري عمر بن جانة في تصريح ل"الشروق"، أمس، أن الجزائر تمسكت بمبدأ عدم دفع الفدية للإرهابيين حتى آخر لحظة، معتبرا خطوة إطلاق سراح الرهائن الجزائريين، إنجازا كبيرا للدبلوماسية الجزائرية، التي كانت دائما هادئة وراجحة في تعاملاتها مع مثل هذه الأزمات، كذلك "لا ننسى أن للجزائر التزامات دولية تناضل من أجلها، وهي عدم دفع الفدية وكذلك عدم الحوار مع المجموعات التي تقوم باختطاف مواطنين أبرياء"، حسب ذات المتحدث. وفي رده على السؤال المتعلق بكيفية إطلاق سراح الرهائن الدبلوماسيين قال بن جانة، إن هناك أسبابا غير مباشرة تتعلق بالتغيرات التي طرأت على شمال مالي، خاصة في الأشهر الأخيرة، على غرار تدخل الجيش الفرنسي وعودة المجموعات المسلحة الأزوادية إلى طاولة الحوار والضعف الذي عصف بالمجموعات الإرهابية، خاصة من ناحية التمويل والتسيير، أما الأسباب المباشرة، فهي تتعلق بحنكة السلطات المختصة في الجزائر لحل الأزمة عن طريق الوساطة، مع إصرارها وتصميمها بعدم التفاوض أو الرضوخ لمطالب الجماعات الإرهابية التي وجدت نفسها تحت ضغوط عديدة، ما أجبرها على الاستسلام وإطلاق سراح الرهائن الجزائريين. من جهته، أكد اللواء عبد العزيز مجاهد في تصريح ل"الشروق" أمس، أن تحرير آخر الرهائن المختطفين بشمال مالي تم وفق السياسة الثابتة التي تنتهجها الجزائر بعدم دفع الفدية لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، مبرزا أن توقيت هذه الخطوة يأتي قبيل استئناف المفاوضات حول تسوية الأزمة المالية، وأن عملية التحرير تمت حسب المبادئ الجزائرية الثابتة. وأضاف مجاهد أن الدبلوماسية الجزائرية تفاعلت مع قضية الرهائن الدبلوماسيين بحنكة وصبر وبدبلوماسية مرنة وسلمية، ولعبت على وتر الزمن وتتابع الأحداث عن كثب، مضيفا أن التطورات الأخيرة سواء ما يتعلق منها بالوضع في مالي وما حدث من تقارب بين الفصائل المتصارعة مع الدولة وفيما بينها والأجواء التي وفرتها الجزائر لهم للتشاور، إدراكا منها بأن أفضل الحلول هي تلك التي تنبع من الداخل، منوها بأن كل هذه النشاطات الدبلوماسية وجدت قبولا لدى الأطراف المالية الداخلية ولدى هذه المجموعة التي كانت تحتجز الدبلوماسيين، موضحا أنها ما دامت أفرجت عنهم بدون فدية مالية وبدون مقابل، فمعنى ذلك أنها ستجني فوائد دبلوماسية كبيرة بالنسبة للجزائر. وأردف اللواء مجاهد قائلا: "للجزائر مواقف ثابتة واستراتيجية صائبة وسياسة واضحة، مقارنة مع الدول الأخرى التي غيّرت مواقفها واستراتيجيتها اتجاه الإرهاب والمتطرفين، ما أسقط القناع عليها أمام الرأي العالمي الدولي".