ما الذي تستطيع أن تفعله الجزائر تجاه تزايد الهجرة الإفريقية والعربية نحوها؟ وكيف تستطيع أن تعيد الأمل لإخواننا الأفارقة والعرب الذين لجأوا إليها نتيجة الأزمات التي تعصف ببلدانهم؟ هل نتصرف كما يتصرف الأوروبيون تجاه الهجرة غير الشرعية ونغلق الأبواب والمنافذ بكل الوسائل ولا نندم إذا ما هَلك المئات في الصحراء كما لا يندمون عند هلاك الآلاف من إخواننا في البحر؟ أم لدينا حلول أخرى... يبدو أننا ينبغي ألاّ نقارن أنفسنا بتاتاً بالمجتمعات الأوروبية التي تستقبل شعوبا غير شعوبها تدين بديانة غير ديانتها ولا تريد أن تعترف بمسؤولياتها في الذي حدث ويحدث لها. وباستثناء إيطاليا الوحيدة التي خرجت على الإجماع الأوروبي وتصرفت بإنسانية مع الهجرة غير الشرعية فإن بقية الدول الأوربية ينبغي أن تُدان، ليس لأنها رفضت استقبال المهاجرين ولكن لأنها لم ترد أن تعترف بأنها مسؤولة إلى أبعد الحدود عن الحالة التي دفعتهم للهجرة إليها وإلى الجزائر. ألم يسارع التحالف الغربي إلى تحطيم الدولة الليبية وبسرعة فائقة من غير أن يُعير أي اهتمام لما سيترتب عن ذلك من هجرة نحو تونسوالجزائر، ومن تشتت لعشرات الآلاف في الفيافي والصحراء؟ ألم تسارع الحكومة الفرنسية إلى التدخل العسكري في شمال مالي من غير أن يؤدي ذلك إلى حل الأزمة بل زاد من تعقيدها؟ ألم تدعم الدول الأوروبية عملاءها في البلدان الإفريقية ممن يسهِّلون طرق النهب للرجل الأبيض بنفس عقلية المستعمر القديم؟ أليست هذه هي المنطلقات التي ينبغي للجزائر أن تتصرف من خلالها مع هذه الظاهرة كبلد مسلم أولا، وكبلد لم يشارك في تأجيج نار الفتنة بين هؤلاء وأولئك ثانيا؟ ألا ينبغي لها أن تتصرف وفق ما تفرضه الأخوّة في الدين والاشتراك في الإنسانية بعيدا عن كل حسابات ضيقة؟ هل من شيمنا أن تبيت مسلمة أو مسلم مع أبنائهم في العراء بلا غذاء ولا غطاء؟ هل من شيمنا أن نردّ من استجار بنا؟ أم علينا أن نكون في مستوى الأمل الذي وضعه فينا إخواننا، إن بتعميق المساعي السلمية لتسوية النزاعات المختلفة، أو بالوقوف ضد دعاة الحرب مهما كانوا، أو بالتكفل بهؤلاء المهاجرين كما بدأنا نفعل بعيدا عن كل خوف من أن يصبحوا ذات يوم عبئا علينا... فنحن شعب لا يجوع ولا يُظلم غريب بديارنا، يكفي شهر رمضان يتحدث عن إنسانيتنا وكرمنا ونصرتنا... أفلا تفعل ذلك دولتنا؟