كشفت الكيفية التي تعاطت بها العدالة البلجيكية مع الطائرة الجزائرية المحجوزة بمطار بروكسل، أن الدول الأوربية عادة ما تلجأ إلى الأساليب العنيفة في التعامل مع قضايا يكون طرفها دولا من العالم الثالث. وكان يمكن للعدالة البلجيكية أن تبحث عن بدائل أخرى، وهي متاحة أمامها، قبل أن تعمد إلى حجز طائرة الخطوط الجوية الجزائرية، التي كانت بصدد الإقلاع وعلى متنها ما يقارب ال200 مسافر، موقف قال بشأنه سفير الجزائر الأسبق بإسبانيا، عبد العزيز رحابي، إن أقل ما يقال عنه إنه "عنيف". وإن كانت القضية ذات طابع تجاري محض، إلا أن السلطات البلجيكية تعمدت التعسف في القضية، بحسب رحابي، الذي أكد في اتصال مع "الشروق" أمس، أن العدالة البلجيكية كانت أمامها خيارات أخرى قبل الوصول إلى إجراء حجز الطائرة، الذي كان يجب أن يكون آخر الحلول. وفي مقدمة هذه الخيارات، تجميد الحساب المصرفي لشركة الخطوط الجوية الجزائرية على مستوى بلجيكا، طالما أن لها مكتبا وحسابا بنكيا هناك، وهو الحل الذي كان يمكن أن يجنب العشرات من المسافرين القادمين من بروكسل باتجاه الجزائر، المزيد من معاناة انتظار طائرة أخرى، وهو أمر ما كان ليحدث لو كانت الطائرة أوربية مثلا أو أمريكية، يضيف المتحدث. وبرأي وزير الاتصال والثقافة الأسبق، فإن الأوربيين بصفة عامة والبلجيكيين بصفة خاصة، لمسوا تساهلا من قبل السلطات الجزائرية في ترحيل المهاجرين الجزائريين من أوروبا، بالرغم من أنهم لا يمثلون أكثر من خمسة بالمائة من عموم المهاجرين، فضلا عن أنهم لا يشكلون خطرا على الأمن الأوروبي، وهو ما شجع دول القارة العجوز على التمادي في إهانة الدول الضعيفة. وكانت الشرطة البلجيكية قد ارتكبت تجاوزات بحق مسافرين عبر طائرة أخرى تابعة للخطوط الجوية الجزائرية قبل نحو أسبوعين، حيث حاولت ترحيل أحد المهاجرين الجزائريين عنوة، ولما احتجت سيدة جزائرية بسبب رفضها الجلوس إلى جانب هذا المرحّل، خوفا مما قد يحدث أثناء السفر بسبب تهديده بالانتحار، أنزلت بالقوة من الطائرة وحرمت من السفر عبر تلك الرحلة، مع ما سبّبه لها ذلك من معاناة، لتحال بعدها للعدالة بحجة إهانة هيئة نظامية. وتساءل رحابي: "لماذا لا تعمد الدول الأوربية إلى ترحيل المهاجرين على متن شركاتها للطيران، وتصر على ترحيلهم على متن الخطوط الجوية الجزائرية؟ إنه مظهر من مظاهر قلة الاحترام الذي تتعامل به الدول الأوربية مع دول العالم الثالث ومن بينها الجزائر". وجاءت حادثة حجز الطائرة الجزائرية بالعاصمة البلجيكية بروكسل، من قبل جزائري الأصل يدير شركة هولندية، ضربة جديدة لصورة البلاد، مثلما أضرت بسمعة شركة الخطوط الجوية الجزائرية التي لم تستفق بعد من صدمة الحوادث التي ألمت بطائراتها.