شرعت وزارة الطاقة في ضبط برنامج استثنائي لترشيد استهلاك الجزائريين من الطاقة بمختلف أنواعها، الكهرباء الغاز والوقود، وحتى الماء، وفي المقابل فتحت الحكومة من خلال وزارة المالية ملف دراسة كل الآليات المتاحة لتحديد الفئات المعوزة بشكل دقيق والنظر في إعداد بطاقية وطنية خاصة بالمعوزين في خطوة لترشيد الدعم والتحويلات الاجتماعية مستقبلا، بعد أن تبلور شبه إجماع داخل الحكومة بخصوص ضرورة تصويب الدعم وجعله مركزا على المحتاجين إليه. تطبيقا للمحاور الكبرى لورقة العمل التي أفضى إليها المجلس المصغر الذي استدعى إليه الرئيس بوتفليقة أركان الدولة مدنيين وعسكريين الثلاثاء الماضي، أكدت مصادر "الشروق" أن لجنة خاصة شكلها وزير الطاقة يوسف يوسفي، وكلفها بمهمة رسم خطة لترشيد استهلاك الطاقة بجميع أنواعها، سواء بالنسبة لاستهلاك الكهرباء والغاز، وحتى الوقود بمختلف أنواعه، هذا الترشيد الذي يشمل الاستهلاك الطاقوي الداخلي، موجه للخواص وأصحاب الشركات، من خلال وضع مجموعة من الإجراءات التحفيزية وأخرى عقابية لحمل المواطن والشركات على الالتزام بترشيد استهلاك الطاقة. وينتظر أن تنتهي وزارة الطاقة من وضع برنامجها المتعلق بالنجاعة الطاقوية، في الأيام القليلة القادمة وترفعه للحكومة للنظر والمصادقة عليه، وقالت مصادرنا أن أهم محور ضمن هذا البرنامج يتعلق بترقية الانتقال الطاقوي والتوجه نحو استغلال الطاقات الجديدة والمتجددة وتحيين برنامج الطاقات المتجددة الذي يتضمن انتاج 22 .000 ميغاواط من الكهرباء انطلاقا من الطاقات المتجددة أي الطاقة الشمسية والهوائية، حيث تتوقع وزارة الطاقة انتاج الكهرباء بنسبة 30 بالمائة ،من هذه الطاقات. وقالت مصادرنا أن برنامج العمل يكاد يكون جاهزا، حيث سيتم الاعتماد على خفض نسب ضريبة القيمة المضافة على المؤسسات العاملة في قطاع الطاقة المتجددة، واستيراد مدخلات الصناعات والطاقات الجديدة والمتجددة لتقليص الاستهلاك. وفي السياق راسلت وزارة الطاقة سونلغاز، وأخطرتها بضرورة وضع إجراءات جديدة، وردعية لتحسين عمليات تحصيل الفواتير لدى كبار المستهلكين، وكذا المواطنين، وذلك بعد أن كانت قد شرعت وزارة السكن في اعتماد تجربة نموذجية لبناء 600 وحدة سكنية على المستوى الوطني باعتماد قواعد النجاعة الطاقوية في البناء وتجهيز المساكن بشكل يجعلها تعتمد بشكل أكبر على المصادر الطبيعية المتجددة ومنها الإضاءة والتسخين بغرض الحد من الاعتماد على الغاز والطاقة الكهربائية لتفادي التبذير بشكل كبير بسبب أسعارها المنخفضة مقارنة مع دول جارة، على اعتبار أن هذه المواد مواد مدعمة . ويرجح أن تستهدف الخطة الجديدة لوزارة الطاقة والمتعلقة أساسا باستعمال التطبيقات الخاصة بالطاقات الجديدة والمتجددة، القطاع الصناعي والزراعي والسكن والأشغال العمومية والمياه والتطهير وغيرها من القطاعات ذات الصلة، حتى تتمكن الجزائر من تخفيض اعتمادها على الطاقة المنتجة. ودائما في إطار سياسة الدعم والتحويلات الاجتماعية المقدرة بعشرين مليار دولار، والتي تشغل مساحة واسعة بصفة دورية في ميزانية الدولة، أكدت مصادر حكومية ل "الشروق" أن قضية ترشيد وتوجيه الدعم، وجعله يحمل صفة الخاص وليس العام، فصل في أمرها بين أعضاء الحكومة وتبلورت قناعة جماعية لديهم بدراسة ملف ترشيد أموال الدعم وجعل هذه الأموال تذهب لمحتاجيها، على النحو الذي لا يستوي فيه الغني والفقير ويبدو أن الرأي قد استقر على الذهاب نحو بطاقية وطنية للمعوزين والفقراء، لكن بعد تحديد مفهوم العوز في الجزائر وتحديد من هو المحتاج إلى الدعم، ومن ليس في حاجة الدعم. وبحسب مصادر "الشروق"، فإن فوج العمل الذي كلف بالملف استشار الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري في أمر ترشيد الدعم أو اعتماد الدعم الانتقائي وأكد هذا الأخير أن التحويلات الاجتماعية أو الميزانية المخصصة لشراء السلم الاجتماعي أصبحت عبئا على الدولة وتهدد توازناتها المالية غير أن الحكومة تنظر إليها على أنها ضرورة في ظل تأجج الوضع الاجتماعي من حين إلى آخر إلا أن مؤشر انهيار أسعار النفط في السوق العالمية أملى ضرورة التفكير بجدية في الأمر من باب أن ليس الجميع بحاجة إلى دعم من الخزينة العمومية.