دواء فرنسا الفاسد..للأهالي.. تعيش المستشفيات العمومية والعيادات الخاصة في الفترة الأخيرة وضعية حرجة جدا جراء ندرة الأدوية الرئيسية في الصيدلية المركزية التابعة لوزارة الصحة والمختصة في تزويد المستشفيات والعيادات العمومية والخاصة بالأدوية على المستوى الوطني. * * حرق 1 كلغ من الدواء يكلف 8 أورو بفرنسا * * وهذا بسبب رفض شركات الاستيراد تزويدها بالكميات والأصناف الدوائية المطلوبة، بحجة التأخير في إصدار الترخيص بالاستيراد من وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات. * وكشف مدير عيادة النهضة المختصة في إجراء العمليات الجراحية الدقيقة في الجزائر العاصمة أن المستشفيات أصبحت تجد صعوبة كبيرة في التزود بالأدوية من الصيدلية المركزية، مضيفا أن نسبة تغطية بعض الطلبات لا تتجاوز 10 بالمائة من قائمة الأدوية والمواد الصيدلانية التي تقدم لمصالح الصيدلية المركزية، مما يدفع بالأطباء على مستوى المستشفيات إلى اللجوء إلى وسائلهم الخاصة لتدبير بعض الأدوية لإنقاذ أرواح بشرية. * وأرجع مصدر من الصيدلية المركزية ندرة بعض الأدوية على مستوى الصيدلية المركزية للمستشفيات إلى الضغط الممارس من قبل شركات الاستيراد عليها من أجل إجبارها على شراء كميات الأدوية التي لم تتمكن شركات الاستيراد من تسويقها على مستوى الصيدليات. * وأكد الدكتور غيطة ممثل النقابة الوطنية لصناعة الأدوية في تصريح "للشروق اليومي"، أن شركات الاستيراد تريد تحميل وزارة الصحة مسؤولية ندرة الأدوية، حيث تحاول الترويج لدى الرأي العام لمعلومات خاطئة مفادها أن الوزارة لم تمنح الترخيص لها باستيراد كميات كافية من الأدوية في الوقت اللازم، في حين أن الحقيقة غير ذلك تماما، مضيفا أن تلك الشركات تطلب الترخيص باستيراد كميات معينة ولكنها عادة ما تستورد كميات خارج الاتفاق، وعندما تفشل في تسويق تلك الكميات تلجأ للضغط على الوزارة وعلى الصيدلية المركزية للمستشفيات في محاولة للقيام بلي ذراع الوزارة بالنظر لحساسية الدور الذي تلعبه الصيدلية المركزية للمستشفيات، لا سيما بالنسبة للأدوية الموجهة للأمراض المزمنة، وهو ما يجبر المريض على اللجوء إلى القطاع الخاص للبحث عن الأدوية التي عادة ما تكون أسعارها في غير متناول الفئات الهشة المجبرة على اللجوء إلى المستشفيات للاستفادة من التغطية الصحية. * وأضاف المصدر نفسه أن توقيع رخص الاستيراد نهاية السنة الفارطة كان عاديا إلا أن شركات الاستيراد حاولت خلق ندرة مصطنعة مما تسبب في تسجيل تذبذب في إعادة تطوير مخزون الأدوية على مستوى الصيدلية المركزية، حيث جرت العادة على إعادة تجديد المخزون بداية من شهر ديسمبر من كل سنة، بالإضافة إلى إعلان الصيدلية المركزية لمناقصات جديدة لإعادة تكوين مخزونها لتزويد المستشفيات والعيادات وبشكل خاص بالأدوية الحساسة لعلاج أمراض السرطان أو أمراض الكلي وتصفية الدم ومكافحة بعض الأنواع الوبائية واللقاحات وهي المواد التي لايزال استيرادها شبه مقتصر على الدولة بسبب ارتفاع أسعارها في السوق الدولية والتزام الدولة بتوفير العلاج لأصحاب الأمراض المزمنة وبعض الأمراض المعدية أو المتنقلة عن طريق العلاقات غير المشروعة. * واقترح متعاملو سوق الدواء في الجزائر على وزارة الصحة اتخاذ تدابير استعجالية لمواجهة المشكلة ومنها اللجوء إلى المتعاملين المحليين من خلال تشجيع الاستثمار المحلي في صناعة الدواء، والانفتاح على المنتجات الصيدلانية المحلية، والتنسيق مع المتعاملين واستشارتهم وتفضيلهم من قبل الصيدلية المركزية عند قيامها بتجديد مخزونها الإستراتيجي، أو من خلال إعادة بحث المرسوم المتعلق باستحداث وكالة مركزية للمواد الصيدلانية، وتمكينها من صلاحيات تقنية تعينها على إعادة تنظيم سوق الدواء ومراقبة نوعية الأدوية. * وكشف الدكتور غيطة، أن شركات الاستيراد حولت الجزائر إلى مزبلة بسبب استيرادها لأدوية منتهية الصلاحية من فرنسا، مستغلة إلغاء قرار وزير الصحة الأسبق مراد رجيمي، والذي كان يلزم شركات الاستيراد على جلب أدوية لا تقل صلاحيتها عن ثلثي المدة الكاملة لعمر الدواء. وسمح إلغاء القرار من طرف الوزير السابق لشركات الاستيراد بتحقيق أرباح طائلة وساهم في رفع فاتورة الإستيراد ومكن فرنسا من التخلص من كميات كبيرة من الأدوية المنتهية الصلاحية والتي يتطلب حرق كيلوغرام منها دفع غرامة قيمتها 8 أورو. * وطالب عمار زياد، رئيس الاتحاد الجزائري لمتعاملي الصيدلة، بفتح نقاش عام حول الصناعة الصيدلانية في الجزائر، لكون منظومة الأدوية صارت "مهددة" بخطر انفتاح السوق على المنافسة الأجنبية، حيث أصبحت الجزائر سوقا مفتوحة على الاستيراد دون أي إجراء تحفيزي للصناعة المحلية، بالإضافة إلى أن أغلب المستوردين أصبحوا يركزون على الأدوية ذات المردود التجاري العالي، غير آبهين بالجانب المتعلق بالمريض الجزائري أو بالطبقات الفقيرة والمحرومة والتي لا تتوفر على أدنى إمكانية للاستفادة من التغطية الصحية من القطاع الخاص. * وكشف مصدر من مجمع صيدال في تصريح للشروق اليومي، أن تفضيل الصيدلية المركزية للمستشفيات المواد الصيدلانية والأدوية المستوردة من الخارج على المواد المنتجة المحلية رغم نوعيتها الجيدة واحترام المقاييس الدولية في تصنيعها، يعد من الأسباب المباشرة لندرة بعض المواد والأدوية على مستوى الصيدلية المركزية للمستشفيات، موضحا أن دفتر الشروط المحدد من طرف مصالح الصيدلية المركزية خلال إعلان المناقصات الدورية للتزود بالأدوية والمنتجات الطبية وشبه الطبية لا يخدم في الكثير من الحالات مصالح المنظومة الصحية الوطنية ناهيك عن مصالح الصناعة الوطنية للدواء سواء العمومية والخاصة، مستشهدا بلجوء الصيدلية المركزية للمستشفيات لشراء أدوية من الخارج بأسعار مرتفعة جدا بالمقارنة مع السعر الذي يباع به نفس الدواء المنتج في الجزائر وبنفس المقاييس وبجودة أفضل. * وأكد المتحدث أن الصيدلية المركزية للمستشفيات وأمام تراجع المواد المستوردة من الخارج وتوقف المستوردين الخواص على تزويدها بالكميات اللازمة من الأدوية، لم تجد سوى مجمع صيدال لإنقاذها وتزويدها بالكميات التي تحتاجها من المواد الصيدلانية والأدوية بما فيها بعض الأدوية الحساسة مثل الأدوية الخاصة بمرضى السكري من النوع الأول والثاني، وخاصة الأنسولين الذي بدأ المجمع في صناعته السنة الفارطة.