ركزّ المخرج أحمد راشدي في فيلمه الجديد "العقيد لطفي"، الذي دام ثلاث ساعات وكلف وزارة المجاهدين، الجهة المنتجة 27 مليار سنتيم ، على الرفض المطلق للشهيد لطفي للمنصب أو كرسي السلطة بخلاف ما سعى إليه بعض زعماء الثورة آنذاك، وأبرز ذلك في مشاهد وأحداث متسلسلة، وأهمها معارضته لأعضاء مجلس الثورة في نقطة البقاء لأيام في القاهرة بعد لقائهم بالرئيس المصري جمال عبد الناصر. بعدما طلب منهم العودة إلى الجزائر والوقوف إلى جانب المجاهدين والشعب. عقب العرض الشرفي ل"العقيد لطفي" أمس، بقاعة ابن خلدون بالعاصمة، بحضور الممثلين، قال راشدي في حديثه عن الخلافات التي حدثت بين قادة الثورة أثناء الحرب التحريرية، بأنّها تحدث نظرا لطبيعتهم كبشر، بينما أوضح كاتب سيناريو العمل الصادق بخوش، بأنّ المسائل الخلافية التي حدثت قبل وبعد مؤتمر الصومام، تمّ حسمها أثناء انعقاد الدورة الثالثة للمجلس الوطني للثورة، حيث تمّ تشكيل أعضاء الحكومة المؤقتة بقيادة فرحات عباس، وبالتالي فهي "عادية"، لكن لا يمكن لأي شخص أن ينكرها على حدّ تعبيره. هذا، ويروي الفيلم الذي أدى بطولته الممثل يوسف سحايري رفقة حسان كشاش، كمال رويني، أحمد رزاق، وغيرهم، مسار حياة ونضال الشهيد العقيد لطفي واسمه الحقيقي دغين بن علي، من فترة تتلمذه في الثانوية إلى غاية استشهاده بجبل بشار عن عمر 26 سنة. عن القصة التي صورت بتلمسان والأغواط، سلطّ راشدي الضوء على المعارك التي خاضها لطفي والمراتب التي تقلدّها، وآخرها مرتبة "عقيد"، لكن ارتأى إبراز جانب من شخصيته وتعامله مع قادة الثورة، إذ صور لطفي بالشخصية الرافضة للمنصب والسلطة بعدما طلب إعفاءه من قيادة الناحية الخامسة، وكذا رفضه بعض قرارات ورؤى قادة جبهة التحرير الوطني، من خلال طلبه من أعضاء المجلس الوطني للثورة العودة في أسرع وقت من القاهرة إلى الجزائر، ولمّا أحرجهم أثناء تعيين أعضاء الحكومة المؤقتة بمؤتمر طرابلس، انطلاقا من أولوية السياسي على العسكري والعكس، أو حينما دافع عن المرأة المجاهدة ورفيقة الرجل في الجبل، حينما انتقدهم بعدم إشراكها في الحكومة أو منحها حق العضوية في المجلس. هذا، ولمحّ العمل إلى أن سجن العقيد لطفي خلال أدائه لمهمة إلى إسبانيا، وحينها كان يلقب ب"ابراهيم" كان أشبه بالمؤامرة، بحيث فور وصوله إلى إسبانيا اعتقل من طرف الشرطة وسجن لمدة تزيد عن 130 يوم بحجة حمله السلاح في السيارة التي أقلّته، وبعد إطلاق سراحه عن طريق العدالة، عاد إلى الجزائر والتقى بوصوف الذي قال له لدينا مهمة جديدة لك، ردّ لطفي ساخرا "الأولى كانت إسبانيا والثانية لا أدري"؟. وهناك كشف بوالصوف عن ترقيته إلى عقيد وأصبح يطلق عليه تسمية "العقيد لطفي".