في سابقة تعد الأولى من نوعها، تجوّل قياديون بارزون في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، بشكل علني، مؤخراً قرب السياج الفاصل بين حدود قطاع غزة وإسرائيل. ونشر المكتب الإعلامي لحركة حماس، صوراً لنائب رئيس المكتب إسماعيل هنية، وهو يراقب عبر منظار بعيد المدى، الحدود مع فلسطين التاريخية (الأراضي التي أقيمت عليها دولة إسرائيل عام 1948). هنية التقى بعدد من مقاتلي كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح للحركة، متفقداً معسكراتهم التدريبية "الثابتة"، التي أنشأتها الكتائب على بعد أمتار قليلة من مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة على الحدود. وسبق زيارة هنية جولة قام بها القيادي البارز في الحركة محمود الزهار، متفقداً بدوره أعمال المقاومة على الحدود، وهو يحمل منظاراً بعيد المدى. وهي جولات يقول مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، إنها "الأولى من نوعها وتحمل عدداً من الرسائل تريد حركة حماس إيصالها". أولى تلك الرسائل، بحسب أبو سعدة في حديث مع وكالة الأناضول للأنباء، هي أن "حماس أعدت معسكرات علنية وثابتة قرب الحدود مع إسرائيل، أي أنها تستعد على قدم وساق للمعركة القادمة". ويمضي قائلاً: "لأول مرة نشاهد قادة حماس وهم يتفقدون المواقع التدريبية العسكرية، ويراقبون عبر المناظير بعيدة المدى، في رسالة تأكيد على أن المقاومة مستمرة في الإعداد والتجهيز لأي عدوان إسرائيلي قادم". وفي 26 أوت الماضي، توصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى هدنة برعاية مصرية، أوقفت حرباً إسرائيلية على غزة دامت 51 يوماً؛ ما تسبب في استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني، وتدمير آلاف المنازل مقابل مقتل عشرات الإسرائيليين، معظمهم عسكريين، وفقاً لبيانات رسمية. لكن أبو سعدة يرى في إقامة حركة حماس مواقع تدريبية ثابتة وعلنية على بعد أمتار قليلة فقط، من مواقع جيش الاحتلال "رسالة أخرى، وهي أن الحديث عن هدنة طويلة الأمد بين المقاومة وإسرائيل قد يدخل حيز التنفيذ قريباً". فمواقع القسام المكشوفة، بحسب الأكاديمي الفلسطيني، والتدريبات العلنية "قد تأتي في إطار الهدنة الطويلة، وثقة حماس في أنها قادرة على التدريب العلني بشكل دائم دون أن تعترض إسرائيل أو تجرؤ على مهاجمة المواقع وعناصر القسام". وفي 22 مارس الماضي، أكد هنية صحة ما تناقلته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن وجود مقترح للتوصل إلى هدنة لمدة خمس سنوات في قطاع غزة، مقابل رفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. وقال هنية، في تصريحات صحفية، إن حركته لا تعارض مقترح الهدنة، شريطة ألا يؤدي ذلك إلى تفرّد إسرائيل في الضفة الغربية. ويقول القيادي في حركة حماس، مشير المصري، لوكالة الأناضول، إن "أطرافاً أوروبية أبدت انزعاجها من تدريبات الحركة العسكرية". ويمضي المصري قائلاً إن "تلك الأطراف طلبت من الحركة عدم إطلاق صواريخ تجريبية ولا إرسال طائرات الاستطلاع، التي قامت بتصنيعها إلى الأجواء الإسرائيلية". وتقول مواقع إلكترونية إسرائيلية، إن حركة حماس كثفت مؤخراً من إرسال طائراتها إلى الأجواء الإسرائيلية بغرض "التجسس". وخلال الحرب الأخيرة الصيف الماضي، كشفت كتائب القسام عن امتلاكها ثلاثة أنواع من الطائرات بدون طيار (استطلاعية وهجومية وانتحارية)، وأطلقت عليها اسم "أبابيل"، واستخدمت بعضها خلال تلك الحرب. ويتابع المتحدث باسم حماس، أنه "من حق المقاومة خلال أي تهدئة، أن تقوم بالإعداد والتدريب للمعارك القادمة، ومعركتنا مع الاحتلال طويلة حتى تحرير كامل أرضنا الفلسطينية". ويختم المصري بقوله، إن "المواقع التي أنشأتها حركته للتدريب على الحدود، لا تحمل سوى رسالة التحدي لإسرائيل". وكانت كتائب القسام نشرت صوراً لمواقع تدريب عسكرية، محاذية للسياج الفاصل بين حدود غزة وإسرائيل. وقالت إنها تنشر الصور بغرض "تحدي إسرائيل"، مضيفة أنها بنت بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة العديد من مواقع التدريب العسكرية المحاذية للسياج الأمني الفاصل بين إسرائيل ومناطق مختلفة من غزة. وأضافت أن العمل مستمر لتطوير المواقع وتوسيعها، لتشمل كل ما يلزم لتدريب "المجاهدين في كافة التخصصات، وأنها ستتصدى لأي عدوان إسرائيلي قادم". وكانت صحف إسرائيلية ذكرت مؤخراً أن حالة من القلق ترافق سكان المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، مع سماعهم المتواصل للتدريبات وإطلاق الصواريخ وأصوات التفجيرات في مواقع التدريب التابعة لكتائب القسام. وأضافت أن مواقع القسام يمكن مشاهدتها من مستوطنة "نتيف هعسره" شمال غزة، حيث تظهر السواتر الترابية المرفوع عليها رايات حركة حماس، التي تعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، إضافة إلى حفر أنفاق وتوافد عشرات المقاتلين يومياً للتدريب داخل تلك الواقع.