إستفحلت، خلال الأونة الأخيرة بالولايات الشرقية للوطن على وجه الخصوص، ظاهرة التسوّل التي أصبحت واضحة للعيان مقارنة بالسنوات الماضية، وتوسّعت أماكن التسول من المساجد لتشمل المحلات التجارية والمنازل الفاخرة والأسواق. حيث تعمد عديد النساء والفتيات، اللائي تترواح أعمارهن ما بين 16 إلى 40 سنة إلى اتخاذ أبواب المساجد منبرا للتسول يوم الجمعة دون غيره من الأيام، إذ لا تقام صلاة بمسجد إلاّ وأمام أبوابه أربع متسولات، اعتاد المصلون على وجوههن، مستغلين بذلك تصدق المصلين ورأفتهم بالنظر إلى المظهر المزري للبعض منهم، ولتأجيج مشاعر الشفقة والرحمة ورسم صورة المعاناة يستعين هؤلاء بالرضع والمرضى من الأطفال لتحقيق أهدافهم في جمع الأموال، ولم يقتصر نشاط هذه الفئة على المساجد، بل امتدّ ليمسّ كل مواطن كانت وجهته الأسواق أو المحلات التجارية، هذه الأخيرة أكد أصحابها أن الحياة المعيشية للعديد من المتسولين مقبولة جدا، إن لم نقل ميسورة فهم يملكون هواتف نقالة ذكية وشقق وسيارات أحيانا، كما أن البعض منهم يستعين بكراء سيارات الأجرة أو الفرود، لإيصالهم إلى مكان التسول أو التنقل من مكان لآخر، ولعل الأحداث الأخيرة بسوريا وتشتت مواطنيها بين البلدان، دفعت ببعض المتسولين الجزائريين رفقة أبناءهم إلى استغلال الوضع، وتعلم مفردات اللهجة السورية لاستعطاف قلوب الجزائريين، مستعملين في ذلك وصفات طبية وجوازات سفر سورية مجهولة المصدر، وفي هذا الصدد أكد عديد التجار بأن التحايل بلغ ذروته بعد سماعهم لبعض المتسولات تناشدن الناس الصدقة باللهجة السورية، ليُفاجؤوا بعدها وهن يتكلمن بينهن باللهجة الجزائرية يتقاسمن ما تم تحصيله بالاحتيال طبعا، ولم تقتصر هذه الحيلة على النساء فقط بل تعدتهن إلى الأطفال والرجال، أين سجلت بعض مساجد الولايات الشرقية حضورا قويا لهذه الفئة خصوصا خلال شهر رمضان الفارط، وعن المدخول اليومي أضاف أصحاب المحلات أنه يختلف من منطقة إلى أخرى ويعتمد على حسن اختيار رواد المكان من ميسوري الحال والمهاجرين، إلى جانب المناسبات الدينية وهو ما جعل 3000 دج يوميا أمرا ممكنا، ليضيف صاحب محل لبيع المواد الغذائية أن نهاية اليوم للمتسولين تكون بشراء ما لذّ وطاب من المأكولات وكذلك المستلزمات المنزلية، هذا التحايل أكده كذلك العديد من سائقي سيارات الأجرة، حيث أوصلوا عائلات يتكلمن الجزائرية ليُفاجئوا بهن عند أبواب المساجد عند الصلاة يترجَين الصدقة بالسورية، من جهة أخرى فإن أئمة المساجد وعديد الجمعيات الخيرية حذروا من هذا التحايل، وطالبوا بفتح تحقيقات معمقة، إذ أنه من المرجح أن تكون وراء المتسولين عصابات تسعى لجني ثروة طائلة في مدة قصيرة، ووجد المحسنون صعوبة في التفريق بين فقير حقيقي، وفقير "تايوان" على حد تعبير الشارع.