تشهد مساجد معظم ولايات الوطن، هذه الأيام، اكتظاظا غير مسبوق بمتسولين من جنسيات مختلفة، حيث يقفون على أبواب المساجد ويجلسون في أفنيتها بغرض استمالة المصلين ودفعهم إلى التصدق عليهم ببعض المال، إضافة إلى المتسولين من أبناء الوطن، الذي لم يهضموا بعد هذه المستجدات. ويعمد المتسولون القادمون معظمهم من النيجر وسوريا ومالي إلى ذكر ما عانوه في بلدانهم من ويلات الحروب والمجاعة والاضطهاد، لاسيما أيام الجمعة من كل أسبوع، حيث تمتلئ المساجد بجموع المصلين، وهي الفرصة التي يستغلها المتسولون لطلب الصدقة التي قد لا تتكرر خلال أيام الأسبوع العادية. والمثير للانتباه أن بعض المناوشات تحدث بين المتسولين الذين ينهرون بعضهم بعضا سعيا لإرساء قواعد "المنافسة الشريفة" لهذا النشاط، وذلك بعدم المبادرة بطلب الصدقات من المصلين داخل المساجد وباحترام أماكن الوقوف، وهي الأسباب التي تؤدي إلى مناوشات كلامية بين المتسولين "متعددي الجنسيات" تارة، وبين هذه الفئة والمتسولين الجزائريين. ويعيش بالمقابل المتسولون الجزائريون، حالة "ضيق شديد"، بسبب مزاحمة المحتاجين النازحين من الدول الأخرى، كسوريا ومالي والنيجر، لهم، وهو الأمر الذي أثر في "مداخليهم اليومية"، خاصة مع تفضيل المحسنين ل "المتسولين متعددي الجنسيات" لمنحهم صدقاتهم من مال وأغطية أو قوت يومي، وذلك بسبب غياب الثقة في المتسولين الجزائريين الذين اتخذوا التسول "مهنة " لهم. غير أن العودة القوية للمهاجرين الأفارقة غير الشرعيين هذه الأيام واكتظاظ ساحات المساجد بهم، أثارت استياء المتسولين الآخرين الذين يقومون في بعض الأحيان بإبعادهم عن طريق القوة من بعض المساجد المعروفة "بسخاء" مصليها، ويرى بعض المواطنين أن ظاهرة "التسول المتعدد الجنسيات" مرشحة للارتفاع خلال أيام شهر رمضان المبارك، حيث من المتوقع أن يزيد تدفق المهاجرين الأفارقة وكذا اللاجئين السوريين على مدينة باتنة خلال هذه الأيام تحضيرا لشهر رمضان المعظم، مما يحتم على الجهات المعنية اتخاذ التدابير الإدارية والصحية اللازمة في هذا الشأن، ويرى مواطنون آخرون أن الأمر تحول من مجرد اللجوء هربا من الحروب وطمعا في القوت إلى احتراف حقيقي للتسول بعد أن وجد فيه هؤلاء المهاجرون دخلا وفيرا بشهادة أصحاب المحلات التجارية وحتى الصيدليات التي يقصدها المتسولون الأفارقة على وجه الخصوص كل مساء لاستبدال ما يحصلون عليه طوال اليوم من نقود معدنية بأوراق نقدية، ويؤكد أصحاب المحلات التجارية أن رصيد المتسول الواحد قد يصل إلى 3 آلاف دينار في اليوم، لاسيما النساء اللواتي يصطحبن أطفالا صغارا، وهو ما يفسر رفضهم الرحيل إلى بلدانهم على ما يعيشونه هنا من أوضاع صحية وإنسانية مزرية، كانت عنصرا قويا ومباشرا لمنافسة المتسولين الجزائريين الذين يتعمد بعضهم حسب تأكيدات مواطنين تغيير لهجته إلى السورية أو اللجوء من ولاية إلى ولايات أخرى تقل بها نسبة المتسولين الأجانب.