يظهر أن الكبار يحسنون اختيار التوقيت المناسب للرحيل وتوديع الجميع، والكلام ينطبق على المجاهدة عائشة طريفة، أرملة الشهيد زيغود يوسف التي توفاها الأجل يوم الخميس 17 سبتمبر بمقر سكناها بحي الكدية بقسنطينة. وإذا كان الأجل بيد الله، ولا راد لقضائه، إلا أن المفارقة تكمن في أمر يصفه البعض بالمهم، وهو أن المجاهدة طريفة ودعت هذه الحياة قبل 6 أيام فقط عن حلول ذكرى استشهاد زوجها البطل زيغود يوسف، علما أن هذا الأخير استشهد قبل 6 سنوات عن استقلال الجزائر، وبالضبط يوم 23 سبتمبر 1956، ويبقى الشيء المهم هو أن جميع من حضر مراسيم جثمانها أول أمس الخميس أكد على خصالها الحميدة المتمثلة في العفة والعفاف، حيث كرست حياتها في مكافحة الاستعمار الفرنسي إلى جانب زوجها الشهيد، وبقيت وفية له ولمبادئها بعد الاستقلال، بدليل أنها رفضت كل الهبات التي تصلها من الجهات الرسمية، منها "فيلا" في عهد الرئيس الراحل بن بلة، وفضلت أن تقضي بقية حياتها في منزلها المتواضع. ومعلوم أن الشهيد زيغود يوسف يعد من أبرز أبطال الثورة التحريرية والمساهم الفعال في هجومات الشمال القسنطيني يوم 20 أوت 1955، حيث ولد يوم 18 فيفري 1921، بقرية "سمندو" التي تحمل اليوم اسمه وتقع شمال قسنطينة، حيث تأثر في صغره بخطب ابن باديس، كما تعلّم من الحدادة أن الحديد لا تلينه إلا النار، فانخرط وعمره 17عاما في حزب الشعب الجزائري، وأصبح سنة 1938 المسؤول الأول للحزب بعنابة، وفي سنة 1950 ألقي عليه القبض بتهمة الانتماء إلى المنظمة الخاصة، وفر من السجن في أفريل 1954، حيث التحق باللّجنة الثورية للوحدة والعمل، وفي الفاتح نوفمبر 1954 كان إلى جانب ديدوش مراد الذي خلفه بعد استشهاده، حيث تولى زيغود يوسف تنظيم هجوم 20 أوت 1955 الذي كان له أثر كبير في التجنيد الشعبي من أجل معركة التحرير، وفي 20 أوت 1956 انعقد مؤتمر الصومام، وعُيِّن زيغود يوسف عضوا بالمجلس الوطني للثورة الجزائرية مع ترقيته إلى رتبة "عقيد" في جيش التحرير وتأكيده قائدا للولاية الثانية، وبعد عودته إلى الولاية الثانية وشروعه في تنفيذ قرارات المؤتمر، وخلال إحدى جولاته لتنظيم الوحدات العسكرية سقط زيغود يوسف شهيدا في كمين وضعه العدو يوم 23 سبتمبر 1956.