يلتقي العديد من الباحثين المختصين من داخل الوطن وخارجه (المغرب، موريطانيا، تونس، مصر، سوريا، إيطاليا، فرنسا) ولمدة ثلاثة أيام، ابتداء من يوم الإثنين ال12 إلى 14 أكتوبر، بنزل الماريوت بقسنطينة، لإثراء فعاليات الملتقى الدولي المنظم من طرف المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، في إطار تظاهرة قسنطينة الثقافية الكبرى، المتمحور موضوعه حول: "سيرتا قسنطينة: المدينة والجمال"، حيث تم الاستئناس بالمنهج المقارن في مساءلة العواصم الإقليمية، إبان العصور الوسطى، عن سياق تطور المدينة، وتفاعلها مع محيطها. الملتقى، حسب رئيس اللجنة العلمية، يوسف عيبش، هدفه هو بعث التفكير في سياق المواريث المتراكمة، والتذكير بمكانتها في معالجة أصول مدينة قسنطينة، وقدرتها على استيعاب الثقافات المختلفة، التي هي أساس صيرورتها، وحفاظها على أهميتها في تاريخ المغرب. وأيضا هو فرصة لرسم صورة للحياة المادية والسياسية بهذه المدينة في العصور القديمة والإسلامية، والوقوف على طبيعة الدور الذي لعبته إقليميا، ومدى تأثيرها ونفوذها على مصير مجالها أو المدن المحيطة بها، بل حتى على مستوى المغرب، إلى جانب قياس درجة التفاعل مع الحضارات والمؤثرات الخارجية، ووضع معايير أساسية لتقييم تراث هذه المدينة. وهي سمة أخرى لأصالتها التاريخية، مع إبراز صورة المدينة قبل الفترة الرومانية. وقد ذكرت الأستاذة كلثوم دحو قيطوني من قسنطينة، من خلال تقديمها مداخلة بعنوان: "قرطن مدينة وحضارات"، بجيولوجية المدينة قرطن سيرتا، أي إنها بنيت على صخرة شهدت تعاقب عدة حضارات مختلفة ما قبل التاريخ، مضيفة أن الإنسان استقر بهذه الاكتشافات الأثرية ما قبل التاريخ وعبر المراحل الزمنية المختلفة، إلا أن التطورات التي مرت بها إلى أن أصبحت مدينة ثم عاصمة للمملكة النوميدية، ظلت إلى حد الآن مجهولة. وقد كتب اسمها بعدة أشكال، منها بأحرف بونيقية "ق.ر.ط.ن" الدالة على عملة المدينة في عهد الممالك النوميدية، وتواصل ذكرها كمدينة أو عاصمة دون الإشارة إلى مختلف مجالات الحياة الحضرية. في حين تقول إن الاكتشافات الأثرية بالمدينة تبين بعض الجوانب الحضارية كالحياة اليومية، الوظائف، الحرف من خلال اكتشافات سيدي مسيد 1960 والمعبد الحفرة 1955. وما ميز هذا اللقاء التاريخي، حسب ما كشف عنه رئيس اللجنة العلمية ل "الشروق اليومي"، هو حضور الأستاذين الشقيقين دالي، ومحمود حمود، المسؤولين عن الآثار بدمشق، "آثار ريف دمشق والآثار القديمة". والهدف من برمجة الحديث عن دمشق هو أن دمشق تعد من أقدم العواصم في العالم العربي الإسلامي، إلى جانب إبراز وضعية الآثار وسوريا الجريحة، من جانب كيف نتعامل مع هذه الآثار، كيف ننظر إليها، وما هي الطرق التي يجب أن تتبع لحمايتها والحفاظ عليها.