لقد كانت لنا زيارات عديدة إلى مدينة "الضباب" لندن -ومن خلالها التعرف على التقاليد البريطانية- وذلك بإلقاء محاضرة حول الحماية القانونية للأطفال، وأثناء تجوالك في بريطانيا قد تنبهر بالعديد من المعالم التاريخية، وما يزيدك انبهارا أن العديد من المؤسسات الرسمية قد تتخذ بعض البنايات التاريخية مقرا لها، ففي لندن قد تلاحظ وكأن العاصمة في بعض أحيائها محتلة من طرف بعض الجاليات.. فمن خصائص العاصمة البريطانية أنه لكل جالية أحياءها ومطاعمها وحتى بعض عاداتها.. من حمامات تقليدية و... الخ. * وقد كانت الزيارة الثانية لبريطانيا فرصة لتعميق الفكرة حول الدولة وزيارة "العديد" من الجزائريين الحراڤة او العاديين ونتناقش معهم حول الحياة اليومية في المهجر، فكانت فرصة للالتقاء مع بعض "الأصدقاء" الساكنين معي في الحي بالجزائر، فمنهم من أصبح خبازا مختصا بالرغيف اللبناني.. ومنهم من أصبح إداريا في مؤسسة، ومنهم من لم يجد العمل، فأصبح يعيش حياة يومه بيومه... ولكن الكل متفق على أن "بوتو (عمود إنارة) في لندن أحسن من عبد في الجزائر" رغم المشاكل، وصعوبة الحياة، وقسوة المعيشة في لندن قد تلاحظ فيهم شعلة الأمل، والديناميكية.. والتي قتلت في بلدانهم الأصلية.. * وأثناء هذه الجولة كانت لنا زيارات عديدة سواء من خلال استضافتنا بقناة "المستقلة" والتي مقرها الرئيسي متواضع في احد الأحياء المجاورة للندن، والغريب فيها أنها استطاعت أن تتميز بحواراتها اليومية رغم أن الطاقم (مسير، مخرج، مقدم، تقني) قد لا يتعدى أربعة أفراد على أكثر تقدير، وقد كانت لنا جلسات مع الأخ يوسف مصدق، وتكلمنا كثيرا عن الذكريات بحكم أنه من نفس المدينة "القبة" بالجزائر، وقد درسنا في نفس الثانوية (الإخوة حامية)، والانطباع الذي خرجت به بعد المقابلة وزيارة "المستقلة" أنه بالإرادة والإيمان رغم انعدام للإمكانات يمكن أن تحقق المعجزات!! * وقد كانت هذه الزيارة فرصة لزيارة بعض الجمعيات الإسلامية العاملة في لندن، واغلب مؤسسيها، أو محركيها هم بريطانيون من أصول هندية أو باكستانية، لذلك أحياناً قد تكون هذه الجمعيات روافد لبعض الطرق الصوفية... * وأثناء الجولة الثانية اصطحبت معي أحد الإخوة الأعزاء محمد عبد الله العلي وهو قطري الجنسية، وكان في استقبالنا أحد الجزائريين، -والذي فيما بعد تحسنت وضعيته- وأصبح "بريتش" بحكم الزواج الذي يمنح له هذه الصفة مع شروط أخرى، ولما يحكي لك صراعاته المعيشية لإثبات الذات والابتعاد عن الفشل، فكان الشاب القطري في قمة الإنبهار بتلك الشجاعة والجرأة، ولما سمع بعض الأصدقاء بقدومي جاءوا مشكورين وهم عديدون، وكل واحد له قصته وحكاياته وحيله في كيفية دخول بريطانيا... مما زاد في اندهاش ذلك الأخ القطري. * وبريطانيا من الناحية السياسية من الدول القلائل التي تنتهج النظام الملكي الدستوري، فالملكة تسود ولا تحكم.. كما أن المملكة المتحدة الوحيدة المتمردة على الاتحاد الأوربي سواء من خلال عملتها "البوند" على خلاف اليورو.. أو من خلال نظام التأشيرات الذي لا يخضع بالضرورة إلى نظام شنڤن.. كما انه في العديد من الأحياء قد تخطئ الاتجاه سواء بامتطائك السيارة، لكون السائق على اليمين أو من خلال سيرك في الشوارع... لذلك ننصح "الكل" الذي يقل عنده التركيز على عدم "الخضوع" لتجربة السواقة نظرا للمخاطر العديدة.. وطبائع المجتمع البريطاني عموماً متأثرة بمناخه، فعادة ما تكون العلاقات "باردة" بين أفراد المجتمع، وقد يرجع الدفء كلما اتجهنا شمالاً إلى لندن، وذلك ما لاحظته بالنسبة للتركيبة الاجتماعية في بريطانيا.. وأثناء تجوالي "التجاري" قد زرت محلات هارودوس لعائلة الفايد، والتي أصبحت مزارا بحكم النصب الذي وضع في بهو أحد المحلات كذكرى للملكة (ديانا)، فبريطانيا تاريخياً مرتبطة بالملكية رغم الثورات العديدة التي عرفتها كثورة كرمويل الشهيرة، فكانت بريطانيا في يوم من الأيام الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وأثناء تجولك في العديد من دول الكومنولث - أي المستعمرات البريطانية سابقا - قد تجد بحيرات، أماكن، أحياء، مزارات تحمل غالبيتها اسما من أسماء العرش الملكي البريطاني، حتى في بعض الدول حاليا (استراليا، كندا مثلا) قد يفتخر بانتسابهم شكليا وبروتوكوليا للعرش الملكي... * وكانت هذه الزيارة -اخيرا- فرصة لتعميق فضولي حول النظام القانوني والقضائي البريطاني المعروف عليه بسيادة الأعراف الدستورية وفكرة السوابق القضائية.. وكانت جلسات حوارية مع بعض الأساتذة... * التواجد الإسلامي في نمو مستمر، فبعض الأحياء اللندنية تشبه العديد من الأحياء الهندية أو الباكستانية أو البنغالية... * [email protected]