تتميّز الطفلة "وهيبة تومي"، الساكنة ببلدية بئر حدادة، بولاية سطيف، بذكاء خارق للعادة وبامتلاكها لذاكرة قوية إلى درجة أنها تكاد تحفظ كل شيء تقرأه من الوهلة الأولى. فرغم صغر سنّها وعدم تجاوزها الحادية عشرة من عمرها، إلا أنها تمكنت من حفظ 60 حزبا عن ظهر قلب فأبهرت الجميع بهذه الذاكرة المتفردة. * وهيبة من مواليد 04 نوفمبر 1997 من عائلة فقيرة تقطن بقرية أولاد حميدة ببلدية بئر حدادة، الواقعة جنوب ولاية سطيف، تابعت دراستها الابتدائية بمدرسة عبد الكريم لنقر وهي الآن تعايش الأيام الأولى من الطور المتوسط. وحسب الوالدة، فإن وهيبة تعلمت الكتابة في سنّ الثالثة وكان ذلك بتقليد خط والدها المعروف كمعلم للقرآن بالمنطقة. * وقد تم اكتشاف ذكائها من طرف معلمة السنة الأولى ابتدائي التي لاحظت أن وهيبة تقرأ الكتاب بطلاقة ولها قدرة كبيرة على الحفظ واستيعاب المعاني، ومن هنا بدأت قصتها مع حفظ القرآن برعاية والدها الذي كان يصطحبها معه إلى المدرسة القرآنية التي يعمل بها. وضبط لها برنامجا للتدرج في الحفظ، فكانت تواظب على أداء صلاة الصبح في وقتها ثم تتفرغ للحفظ إلى غاية الساعة التاسعة صباحا وعند العودة من المدرسة تراجع ما حفظت باستعمال اللوحة التي أضحت رفيقتها الدائمة. وبهذه الطريقة تمكنت وهيبة من حفظ 10 أحزاب وهي في سن السابعة ونالت بذلك جائزة على مستوى الولاية نتيجة حفظها لهذا القدر من القرآن. وحسب والدها، كمال، فإن حبّها لكتاب الله وحرصها الكبير على الحفظ سمح لها بتنمية ذاكرتها إلى درجة أنها أصبحت تحفظ ثمن حزب في اليوم، فكانت قليلة اللعب مع الأطفال ولا تجد راحتها إلا في الغوص في كتاب الله الذي لم تكتف بحفظه فقط، بل كانت تتدبر معانيه وتستنجد أحيانا بتفسير القرطبي لفهم الآيات. ورغم صغر سنها تمكنت من تحصيل ثروة لغوية أبهرت من خلالها المعلمين، فكانت متفوقة في دراستها وبارعة في قواعد اللغة والإعراب. * وباغتت بذلك والدها الذي لم يكن يتوقع أن تصل إلى هذا المستوى، خاصة أنه كان يترقب أن تنهي حفظ القرآن في 2010 على الأقل، إلا أن وهيبة أنهت المهمة قبل الموعد ونجحت في ختم الستين حزبا في شهر جوان 2008 وهي الآن تواظب على المراجعة دوريا وكانت في فصل الصيف تراجع على الأقل 15 حزبا في اليوم وبلغ بها الأمر حد تصحيح الآيات لوالدها. وقد وقفنا على قدرة هذه الطفلة لما زارتنا بمكتب »الشروق اليومي« بسطيف، أين أجرينا لها اختبارا في الحفظ فكانت متفوقة إلى أبعد الحدود وكلما قرأنا لها رأس الآية استرسلت في مواصلة القراءة بثقة كبيرة. والجدير بالذكر، أنها تفرق بين رواية حفص وورش وهي الآن بصدد دراسة أحكام الترتيل، كما تحفظ كمّا هائلا من الأحاديث والأناشيد الإسلامية... وكل ما تتمناه وهيبة هو تمثيل الجزائر في المسابقات الدولية لحفظ القرآن.