كان جمهور المسرح الجهوي لقسنطينة نهاية الأسبوع المنصرم على موعد مع مونولوج "العساس"، الذي قدم في إطار فعالية شهر المونولوج التي يحتضنها مسرح قسنطينة الجهوي، ضمن تظاهرة قسنطينة الثقافية. نجح ابن مدينة قسنطينة الممثل صابر عياش، وهو في الأصل من ذوي الاحتياجات الخاصة، في خلق تجاوب مع الجمهور الذي صفق طويلا، وسط ديكور بسيط وبلغة الميلودراما المحترفة دخل قلوب الحضور وكسب تعاطفهم مع واقع هذه الفئة. وقد صرح الممثل صابر عياش، 41 سنة، أب لثلاثة أبناء "طفلين وطفلة"، عقب العرض ل "الشروق اليومي"، قائلا: "لا أحس إطلاقا أنني معاق، ولست متذمرا من إعاقتي، بل إنني أتحدى كل العراقيل لأثبت للجميع أنني قادر على تحمل المسؤولية، وهذه نعمة من عند الله عز وجل، والدليل أنني أمثل وأقدم عروضا ناجحة حسب كل من رآها، وهذا ما شجعني ويشجعني، معتبرا ما يقدم من عروض ذات طابع فكاهي هي طريقة لتغيير الذهنيات والأحكام السائدة في المجتمع". وأما عن عرضه "العساس"، فأوضح الممثل عياش، أنه من خلاله أراد أن يرسم صورة واقعية لوضعية المعاق بالجزائر، وتبليغ رسائل لأصحاب القرار، بأمر مهم وهو أن الإنسان المعاق لا يمكن له أن يعمل هذا العمل أي "حارس"، بحكم أنه هو دائما في حاجة ماسة للآخر، "ليحرسه"، ويدافع عنه بسبب عجزه، موجها رسالة وهي أن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب حتى تسير الأمور بسلام. وكان لمنحة المعاق الزهيدة، جانبا من سخرية الممثل، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، منتقدا وبسخرية رد فعل بعض الأشخاص الأصحاء تجاه الأشخاص المعاقين، حيث أكد أن هؤلاء لا يقتنعون بأن المعاق هو "إنسان طبيعي"، له مشاعر، وردود أفعال تجاه أي موقف، يكره، ينتفض، ويحب أيضا –يضيف للشروق- يجب أن يُرى بغير الصورة التي هو عليها، ليتحدث عن "المعذبون في الأرض"، هؤلاء الذين صاروا يشحذون المساعدات والحقوق، وحز في نفس الممثل أن يكون يومهم الوطني – يوم المعاق-، هو يوم للفلكلور، ولإحصاء المكاسب التي أحرزتها هذه الفئة. وفيما يخص طريقته الساخرة في العروض، أكد عياش أنه يراها الطريقة الفعالة والايجابية لنقل الرسائل وكسر الحواجز". ولم يفوت الفرصة ليوجه رسالة لكل من يرفض تزويج ابنته لشخص معاق، مشيرا أن لهذا الأخير حق مشروع في أن تكون له أسرة وأبناء وحياة عائلية كريمة.