أجمع المتدخلون في المهرجان التّكريمي المنظم من قبل مجمع الشروق على ضرورة إعادة بعث فكر ابن باديس الإصلاحي، مؤكدين أن الطبقة السياسية في الجزائر بما فيها الإسلاميون بعيدون كل البعد عن الفكر الباديسي، وهو ما ذهب إليه المفكر محمد الهادي الحسني بالقول "أسسنا 70 حزبا في الجزائر يتزعمها الصالحون والطالحون.. وأكثرهم الطالحون، ولكن لم نؤسس حزبا بفكر ابن باديس"، وقد استغل الهادي الحسني كلمته في المهرجان لاقتراح إنشاء جائزة باسم عبد الحميد بن باديس، وهو الاقتراح الذي تجاوب معه مجمع الشروق الذي أعلن في ذات المهرجان عن إطلاق جائزة كبرى للفكر والعلم والإبداع، وقد أسست لجنة لهذا الغرض يرأسها المفكر محمد الهادي الحسني بعضوية المؤرخ عبد العزيز فيلالي، على أن تضع اللجنة القانون الداخلي للجائزة ومجالاتها. علي ذراع المستشار الإعلامي لمدير مجمع الشروق: ابن باديس هو الذي منح للجزائر وجهها العروبي قال علي ذراع المستشار الإعلامي بمجمع الشروق "إن شخصية ابن باديس ومساره ليسا محصورين في جانب دون آخر، حيث أشار المتحدث أن "الشيخ دافع عن العربية والإسلام وكان مناضلا من أجل جمع كلمة الأمة" وأضاف ذراع قائلا "إنني واحد من تلامذة معهد ابن باديس الذي يشكل إلى جانب مدرسة الكتانية والسلام أبرز القلاع التي تحصّنت بها الهوية الوطنية إبان الاستدمار الفرنسي". وأضاف "ابن باديس هو الذي أحيى الهوية الجزائرية وقدم وجهها للعالم فلو كتبنا مجلدات ومجلدات لما أوفينا جملته الشهيرة حقها "شعب الجزائري مسلم وإلى العروبة ينتسب" لأن الجزائر عربية ليس بالعرق لكنها عربية كما قال ابن باديس بالانتماء الحضاري والانتساب الثقافي . ولكن للأسف يضيف ممثل مجمع الشروق "الجزائر اليوم تمر بأصعب مرحلة في تاريخها، ربما أصعب من مرحلة الاستعمار، حيث يتهددها التيار التغريبي الفرانكفوني بضرب أسس هويتها ومرجعيتها التي سعى ابن باديس إلى النضال من أجلها طويلا".
شيخ زاوية الهامل الشيخ المأمون القاسمي: ابن باديس كان قريبا من الزاوية الرحمانية توقف رئيس زاوية الهامل الشيخ مأمون القاسمي عند واجب الأمة تجاه علم من أعلامها، الشيخ ابن باديس من حيث هي مدعوة إلى إحياء ذكراه واتباع منهجه وإحياء سيرته ونشر تراثه والتعريف بمسيرته بين الأجيال، حيث قال القاسمي في كلمته على هامش الندوة التي نظمتها الشروق تكريما للراحل، إن ابن باديس كان علما وقطبا من أقطاب العلم الرباني ونجما من نجوم الأرض ومصباحا يهتدى به. وقد سجل وما زال التاريخ يتحدث عن أثاره. وأضاف القاسمي أن ابن باديس عرف بقربه من الزوايا الرحمانية خلال الزيارات والمكاتبات ومنها الزاوية القاسمية التي ربطته بها علاقات وطيدة. وأضاف مأمون القاسمي أن تراث ابن باديس يشكل خزانا للقيّم الروحية والسياسية والثقافية والإنسانية التي يمكن الاستناد عليها في إعادة ترميم ما يحيط بنا من انكسارات ونحن في أمسّ الحاجة لتراث ابن باديس في لمّ شمل الأمة على الكلمة الموحدة وتضافر جهود الجميع من أجل الدفاع عن مرجعية الأمة وتوحيد الخطاب في مواجهة التحديات التي تواجهنا اليوم، وفي مقدمتها تهديد الغلو والتطرّف والتكفير والتغريب وغيرها من التيارات الهدامة. وأضاف القاسمي في كلمته "إننا اليوم مدعوون من أجل تحدي جهودنا وكلمتنا لاستنباط الدروس من تراث ابن باديس لمحاربة الفساد والتصدي للفجور، وغيرها من الآفات والمزالق التي حاربها ابن باديس في زمانه".
الوزيرة السابقة زهور ونيسي: أنا ثمرة تشجيع ابن باديس لتعليم المرأة اعتبرت الأديبة والوزيرة السابقة السيدة زهور ونيسي أن جيل اليوم من الوطنيين والمنافحين عن مصالح الأمة يحتاجون إلى الشجاعة وإرادة وعزيمة لمواصلة درب ابن باديس الذي "كان رجلا زارعا للمحبة على أساس من العدل والإحسان والإنصاف بين الناس مهما كانت جنسيتهم ودينهم". وتضيف ونيسي أنها تمثل إحدى الثمار الطيبة لنضال الشيخ ابن باديس في سبيل نشر العلم بين أفراد شعبه رجالا ونساء، فقد كان رجلا واعيا بما تحتاجه أمته مدركا لواجباته تجاه شعبه. فلولا جهوده في محاربة الجهل والأمية لما تمكن الشعب الجزائري من رفع الظلم الاستعماري عن كاهله، فأكبر تكريم لابن باديس اليوم، تضيف ونيسي، يتمثل في إحياء أفكاره وتراثه والسير على نهجه القائم على الوسطية والاعتدال بعيدا عن الغلو والتعصب والرجعية، رغم أن البعض حاول أن يلصق به هذه التهمة وبالجيل الذي تخرج على يديه، لكن هذا الجيل كان الحصن الذي خلفه، توحدت قوى الجزائريين ليس فقط إبان الاستعمار الفرنسي لكن في المعارك التي تلت الاستقلال، فلو تمسكنا بتراث ابن باديس، تقول ونيسي، لما عرفنا العشرية السوداء التي دمرت الكثير من الأشياء في المجتمع الجزائري.
المجاهد لخضر بورقعة: جيل اليوم بحاجة إلى أفكار ابن باديس قال القائد التاريخي لخضر بورقعة أن مقولة الإمام ابن باديس" لو قالت لي فرنسا قل لا اله إلا الله لما قلتها" تجسّد وتختصر الفكر الذي دافع عنه هذا العلامة الشيخ الجليل. ففي خضم ما يشهده العالم العربي اليوم من نكسات وانحطاط وتشرذم نحن في أمس الحاجة يقول المتحدث لاستلهام أفكار الشيخ لوعي التحديات التي تواجهنا، وقد استند بورقعة لما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون في كتابه "جسور جديدة مع العالم الإسلامي" عن إحصاء أزيد من 190 طائفة ومجموعة من أندونيسيا إلى مراكش وما تمثله إسرائيل بالنسبة لأمريكا في علاقتها بالعرب والمسلمين، وهنا يبرز فكر وقيم وتراث ابن باديس كواجهة للدفاع عن عقيدة الأمة ومرجعياتها. وأجيال اليوم بحاجة للتعرّف على هذا التراث.
عثمان سعدي رئيس جمعية الدفاع عن اللغة العربية: جيل ابن باديس هو الذي شكّل نواة المدرسة الوطنية أكد عثمان سعدي رئيس جمعية الدفاع عن اللغة العربية أن المدرسة الجزائرية كانت المؤسسة التي تحصّنت خلفها ثوابت الأمة، وهي المؤسسة الحاملة لتراث وإرث ابن باديس، لهذا نجد اليوم هذه المدرسة يقول عثمان سعدي عرضة لسهام التيار التغريبي الذي يريد أن يعود بها إلى عصر المدرسة الكولونيالية، إلى ما قبل 1947 في حين دأب ابن باديس منذ 1951 على إقامة مدرسة وطنية جزائرية كانت نتيجتها أجيال تخرجت على يده وأيدي تلامذته، وهو اليوم يشكلون خيرة إطارات الأمة المدافعة عن ثوابت وقيم المجتمع. وأضاف عثمان سعدي على هامش كلمته بمناسبة الندوة التكريمية لابن باديس أنه خريج المدرسة الباديسية التي مكنته لاحقا من التتلمذ على يد طه حسين في القاهرة، ومسلح بخلفية فكرية وثراء معرفي يمكّناه أن يواجه بهما أدعياء التيار الفرانكفوني القائلين بأن المدرسة الباديسية قاصرة بيداغوجيا. وأضاف عثمان سعدي أن ابن باديس ترك 40 ألف متعلم باللغة العربية غداة استقلال الجزائر كانوا هم الذين تمكنوا من تكوين أسس المدرسة الوطنية التي قادت مسيرة التعليم والتعريب في جزائر الاستقلال.
الإعلامي سليمان بخليلي: ابن باديس كان صحفيا ولم يكن إماماً! الباحث في تراث ابن باديس يجد أن فرنسا لم تعتبر الشيخ يوماً إماماً، بل تقدمه في وثائقها الإدارية أستاذاً حرا، وتعتبره في ملفاتها الاستخباراتية صحفيا، وتقدمه على أنه صحفي، وبالتالي فقد كانت تُعامله على هذا الأساس ! وعندما تبحث في مسار الإمام تجد أنه فعلاً (كما أكد لي الزميل الإعلامي ناصر بن عيسى المهتم بتراث ابن باديس) قام بإمامة الناس في الحرم المكي والحرم المدني، لكنه لم يؤم الناس في قسنطينة ولا في غيرها إلا في صلاة التراويح حين كان عمره 13 سنة، وإمامته القليلة للناس في مناسبات معينة كانت إمامة متطوّع لا موظف .. وبحسابات مستقبل الجزائر بعد استقلالها، فإن فرنسا حرصتْ على أن لا يتكرّس في أذهان الجزائريين عن الشيخ لقب (الإمام) الذي يعني عند عامة المسلمين وعند الجزائريين بالأخص: القائد، والقدوة، وهو ما يهدّد مصالحها الثقافية والفكرية في بلادنا. أما الذين يزايدون على الشيخ ويعتبرونه هو وجمعية العلماء وأتباعها من دعاة الإدماج، فإن أحسن رد عنه هو قوله : أورام إدماجاً له ... رام المحال من الطلبْ ولو كان ابن باديس وجمعيته وأتباعها من الموالين لفرنسا لكان تلاميذ المدرسة الباديسية اليوم أشد الناس اقتداء وولاءً لفرنسا، ماداموا يقتدون به في حياتهم ومشاربهم، في حين أننا لا نجد في الواقع شخصاً واحداً من الباديسيين يذكر فرنسا بخير .. والدليل أمامكم بين الحاضرين هنا: الشيخ الهادي الحسني، الدكتور عثمان سعدي، السيدة زهور ونيسي وغيرهم.
دعا لجائزة سنوية باسم العلامة .. الدكتور محمد الهادي الحسني: 70 حزبا في الجزائر ..لا أحد منهم بفكر ابن باديس أثنى الدكتور محمد الهادي الحسني، على ما قدمه العلامة عبد الحميد ابن باديس للجزائر في مرحلة الاستعمار، حيث ذكر بمقولة الإمام الراحل البشير الإبراهيمي "كان فنا في الرجولة"، وهي حسب الهادي الحسني أوجز وأعجز ما قيل عن ابن باديس. ودعا الشيخ المفكر الهادي الحسني، إلى جائزة محترمة تنظم سنويا لتكريم وتقدير إنجازات علماء الجزائر، على أن تحمل اسم العلامة عبد الحميد ابن باديس، وفضل أن يشرف مجمع الشروق على تأسيس هذه الجائزة قائلا "نبيع أحذيتنا لو تطلب الأمر لدعمها .. المهم أن تكون محترمة". ويضيف "حان الوقت لنرد الاعتبار لعلمائنا". ووجه الأستاذ الهادي حسني كلاما لاذعا للأحزاب السياسية في الجزائر بما فيها التيار الديني بالقول "أسسنا 70حزبا في الجزائر يتزعمها الصالحون والطالحون..و أكثرهم الطالحون، ولكن لم نؤسس حزبا بفكر ابن باديس". ويرى أن الفكر الباديسي المعجزة التي لم تتكرر في الجزائر، وأن عبقرية عبد الحميد ابن باديس أكبر بكثير مما نعرفه عنه، وهي لا تقل عن علماء انتشرت عالميتهم بالنار في الهشيم. "قلت للإمام محمد الغزالي الداعية المصري يوما ونحن متجهين لمنطقة تيزي وزو للمشاركة في ملتقى نحن أكثر منكم حظا، فاستغرب وسألني لماذا فقلت: لدينا علماء مثل ابن باديس، مبارك الميلي، البشير الإبراهيمي و..و". ولمح الهادي الحسني من خلال مداخلته، في حفل تكريم العلامة الجزائري عبد الحميد ابن باديس، مرة ثانية لما يحدث على المستوى السياسي، حيث ذكر برأي ابن باديس حول الحديث والكلام الصادر من شخصيات سياسية وهو ما سماه ب"العياط"، وقال إن ابن باديس سماهم بالسياسيين وليسوا وطنيين، وأن كل وطني يمكن أن يكون سياسيا لكن العكس غير صحيح. ويضيف الهادي الحسني "ابن باديس كان ثوريا خالصا، لم يطلب من أي مرحلة أكثر مما تريد"، مضيفا أن قول الرئيس الجزائري المغتال محمد بوضياف "الجزائر قبل كل شيء" سبق أن قالها العلامة ابن باديس سنة 1925، وكان عمر بوضياف حينها يقارب 6 سنوات "لقد كان يكتب على رأس الجريدة: الوطن قبل كل شيء". تأسف الشيخ والمفكر محمد الهادي الحسني عن تجاهل العلماء وقال بلهجة حادة "الأمة لا تسقط إلا بسقوط العلماء وتقف وتنهض إلا بوقوف العلماء".
المؤرخ عبد العزيز فيلالي: ابن باديس دعا لتعلّم اللغات الأجنبية وأخذ الحضارات بتكييفها مع الإسلام انتهز الدكتور والمؤرخ عبد العزيز فيلالي، حفل تكريم العلامة عبد الحميد ابن باديس، للحديث عن ما وصل إليه التعليم في الجزائر حيث وضع مقارنة جزئية بين الفكر الباديسي فيما يخص تعليم اللغات الأجنبية وما وقع اليوم من جدل في عهد الوزيرة نورية بن غبريط حول أولوية تعليم اللغة الفرنسية من منظور التثقيف وليست لنقل العلوم، ملمحا بالقول إن ابن باديس دعا لتعلم اللغة في إطار القيم والمعتقد والمنظار العلمي وأخذ الحضارات بالأسباب المادية مع تكييفها حسب المعتقد الديني الإسلامي. وحسب أبحاث المؤرخ في التاريخ الإسلامي، الدكتور فيلالي، فإن ابن باديس يجذب أي مؤرخ مثله بأفكاره وسلوكاته ونلتمس من خلال ذلك الملائكية في تفكيره فهو حسب فيلالي، مثل العظماء. ويقول الباحث عبد العزيز فيلالي، إن الفكر الباديسي كان قائما في ثورة التحرير الوطني وأن أغلب إطارات الثورة من تلاميذ ابن باديس وجمعية العلماء المسلمين، حيث حسب تقرير ضابط الشرطة الفرنسي الذي أرسل للحاكم العام الفرنسي في الجزائر سنة 1958 في عز ثورة نوفمبر، فإن ابن باديس ترك بصمة بدأت معالمها منذ الثلاثينيات وامتدت لرجالات الثورة ومفجريها. وتطرّق الدكتور عبد العزيز فيلالي لكتابه المعنون "عبد الحميد ابن باديس..وعيه بالاستعمار والثقافة الغربية" معترفا أن التقارير والبحوث التي اعتمد عليها لإنجاز هذا العمل التوثيقي، عرفته بجوانب كثيرة لشخصية العلامة ابن باديس، حيث أن شخصية هذا الأخير لها ارتباطات وعلاقات امتدت للقارة الأمريكية الجنوبية والشمالية والقارة الأوروبية والآسيوية والشرق الأوسط ونهل من علماء ودعاة هذه المناطق البعيدة. وأكد فيلالي أنه اختار صورة لغلاف كتابه تحمل منظر لأطفال جزائريين جالسين على الأرض يتلقون دروسا من طرف فرنسيين وكتب على الصبورة "أحبوا فرنسا من خلال الوطن الجديد"، وعرج على دور العلامة ابن باديس في التعليم حيث قال إنه الأب الروحي لانتفاضة 1945، وثورة أول نوفمبر ومرجعية لإطارات الثورة من خلال نجاح تعليمه.
الأستاذ لوط بوناطيرو ابن باديس كان منفتحا على كل العلوم اقترح لوط بوناطيرو، عالم الفلك والفيزياء الجزائري، في لقاء تكريم العلامة عبد الحميد ابن باديس، أن يحتفل بهذه الشخصية التاريخية والدينية بالتقويم الهجري وهذا ردا في رأيه لاعتبار الرجل، الذي كان يؤكد أنه ينتمي للإسلام والعروبة. وقال بوناطيرو إن ابن باديس رغم أنه كان مفكرا وداعية يميل أكثر للعلوم الإنسانية والدينية والتاريخية، بعيدا عن العلوم الدقيقة وعلم الفلك والفيزياء، إلا أنه كان يدعو إلى التفتح على العلوم الأخرى لأنه كان يعتقد حسب بوناطيرو أشد الاعتقاد، أنه بهذه العلوم تقوم الجزائر ويحمى الدين الإسلامي من التغريب ومن مكائد الاستعمار الغربي. ويؤكد بوناطيرو أنه تأثر كثيرا بالفكر الباديسي وبمقولة العلامة "اجعلوا من عقولكم مصفاة من كل ما يأتي من الغرب". وأضاف العالم في الفلك والفيزياء، أن ابن باديس ترك فيه بصمة جعلته يسهم في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وأن توصيات ابن باديس وإنجازاته لا تزال أثرها في علماء الجزائر. وقال بوناطيرو "رغم أني تكوّنت وتعلمت بالفرنسية، إلا أني أتحدث اللغة العربية في مداخلاتي بفضل تأثير فكر ابن باديس على شخصي".
بزاز خميسي المفتش العام بوزارة الشؤون الدينية: آثار ابن باديس شهد لها العدو قبل الصديق قال بزاز خميسي المفتش العام بوزارة الشؤون الدينية أنّ العلامة الراحل ابن باديس عالم عظيم من أعلام العصر الحديث وأهل لكل مكرمة وتعظيم، وأضاف أنّ مبادرات الاهتمام بالراحل لا تكون فقط بالعمل المؤسساتي، بل يجب أن تهدف إلى تشجيع الشباب وجيل اليوم بالاقتداء بفكر المرحوم، من أجل تنشئة جيل كابن باديس. وأكدّ بزاز خميس المفتش العام بوزارة الشؤون الدينية نيابة عن الوزير محمد عيسى في ندوة "الشروق التكريمية للمرحوم ابن باديس" أنّ ابن باديس رجل عاش مفكرا وعالما صادقا، وترك آثارا عديدة مهمة بلغ صداها أصقاع الجزائر كافة، من بينها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين المدسوسة في كلّ مكان في هذا الوطن. وأشار أنّ تراث ابن باديس الضخم يجب أن يكون مفخرة لكل جزائري. وحسب خميسي، فإنه يرتفع ويرتقى بعلمه حيث يجب أن يتحلى من يقبل على علمه بالأخلاق والطيبة والتواضع. وأوضح أن ابن باديس اهتم بكل قضايا الأمة وبالتالي وجب السير على خطاه بالاهتمام البالغ لكل ما قدّمهن وهذا ما يراه وفاء للعظماء الصادقين الذين تركوا آثارا يشهد بها عدوهم قبل صديقهم. وفي ختام حديثه دعا الإطار بوزارة الشؤون الدينية خميسي إلى التعلم من فكر وعلم ابن باديس الذي اعتبره مدرسة مربية.
الشيخ علي عية: الخيمة الباديسية لا تزول وليست للمتاجرة أكدّ الشيخ والإمام والداعية علي عية أنّ الخيمة الباديسية تسع كل الناس والمتاجرة بها مرفوضة، وقال: "لو دخلنا الخيمة الباديسية لوجدناها تسع كل الناس، أما أن نتاجر بها فلا، ومن يقول إنّ تلك الحقبة انتهت أردّ بلا". موضحا في معرض حديثه أنّ الخيمة الباديسية كما وصفها هي "خيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، لأنّه كل 100 سنة يقودها شخص آخر ولا تزول أبدا. ووجه رسالة انتقاد لمن لا يحترم العلماء قائلا: "الأمة التي لا تحترم العلماء ودينها وشيوخها وأئمتها هي أمة آيلة إلى الانقراض". ولفت الشيخ عية إمام المسجد الكبير متأسفا: "حتى في المجالس يجعلون الإمام في مؤخرة الترتيب والقاعة ولا يولونه أي اهتمام أو مبالاة، وكذلك في البلاطوهات حيث يناقشون مواضيع مختلفة في الحياة غير الإسلام ومجالاته المتنوعة". وعلق في حديثه: "وكأن ديننا الإسلام لم يتناول الاقتصاد أو السياسة وهذا خطأ لأنّ الدين الإسلامي دين كامل وشامل صالح لكل زمان ومكان". في السياق ردّ الشيخ علي عية على الأحزاب التي تريد استغلال الدين حينما قال إنّ العلماء والأئمة حاضرون في كلّ وقت وفي كلّ المواقف على اختلافها، كما أنّه يتأسف للأحزاب السياسية التي تريد تسيير الشرع لكن يجزم علي عية أنّ الشرع هو من يسيّر الأحزاب والشارع على السواء وليس الشارع من يسيّر الشرع. ولم يخف علي عية أنّ بعض الزوايا في الجزائر حادت عن دورها الديني من خلال التفافها حول الساسة وتسلقها على أعتاب الحكام وردّ بصريح العبارة: "نحن الشيوخ والأئمة والعلماء فوق السياسيين". وأضاف: "نحن من نسيّر الأحزاب ورؤساء الأحزاب، نحن في المساجد وأنتم خلفنا". في سياق ذي صلة روى الشيخ علي عية كيف كان لقاءه بالأساتذة المتعاقدين المطالبين بالإدماج وذلك خلال إشارة منه لما تعانيه المدرسة الجزائرية والمربين وقطاع التربية والتعليم، وصرّح أنّه ذهب للأساتذة في مكان اعتصامهم وهناك تذكر العلامة الراحل والمصلح والمربي ابن باديس، حيث جلس معهم وشعر أنّ خطواته التي خطاها هي خطوات ابن باديس، كما أشار المتحدث متأسفا أنّ بعض الدول العربية والأجنبية تقول إن الجزائر لا تملك علماء ولا متعلمين.
نعيمة صالحي: حزبنا تأسّس على مرجعية ابن باديس قالت نعيمة صالحي رئيسة حزب العدل والبيان، إنّ حزبها سيساهم في جائزة ابن باديس الكبرى التي أعلن عنها في الندوة التكريمية التي نظمتها الشروق بمناسبة الذكرى ال76 لوفاة العلامة رائد النهضة والإصلاح عبد الحميد ابن باديس، وفكرة التأسيس لهذا المشروع الكبير جاءت بمقترح تقدّم به المفكر والأستاذ الهادي الحسني. وأكدّت نعيمة صالحي عن تكريم "مؤسسة الشروق" للعلامة المرحوم ابن باديس أنّ عبد الحميد ابن باديس لا يختلف في وطنيته وعلمه وفكره ومواقفه أحد، وأشارت صالحي أنّ حزب العدل والبيان تأسس على مرجعية ابن باديس وفكر مالك بن نبي والشهيد العربي بن مهيدي. ومن خلال قيمة وتأثير هؤلاء الرجال يسعى حزب البيان لأن يوصل أفكارهم ورسائلهم، كما يعتمد حزبها على الإصلاحات التي قام بها ابن باديس. وثمّنت نعيمة صالحي في الصدد الجائزة الكبرى التي أطلقتها مؤسسة الشروق وتحمل اسم ابن باديس، حيث كشفت أنّ حزبها سيشارك. معتبرة في الصدد ذاته أنّ جوائز المفكر ابن باديس تأخرت كثيرا وبات اليوم ضروريا توجيه الشباب الجزائري نحو الطريق السليم والصحيح. دون أن تخفي واجب الدفاع عن اللغة العربية، وهي اللغة التي تجمع الأمم، فلا بأس أن نتعلّم لغات أخرى لكن تبقى اللغة العربية الإسمنت الجامع للأمة العربية، ردا على الذين يريدون تشتيت الأمة العربية والإسلامية.
جلول حجيمي نقيب الأئمة: ابن باديس جمع بين مشايخ الحركة الفكرية والأدبية وصف جلول حجيمي المنسق الوطني لنقابة الأئمة وموظفي الشؤون الدينية عبد الحميد ابن باديس بأنه واحد من عظماء الجزائر، أدى في وقت صعب حقوقه المنوطة به تجاه أمتّه ودينه، فكان كما قال مدرسة جامعة بين أطياف وزوايا البلاد وعلمائها وبين مشايخ الحركة الفكرية والأدبية التي نوّرت المجتمع وبلورت فكر التحرير والتنوير قبل الثورة التحريرية المباركة. ولفت جلول حجيمي أنّ "مؤسسة الشروق" بقيت وفية ولها الحق في تخليد أبطال الجزائر العظماء بهذا التتويج الذي يتوج الجزائر برمتها وليس عائلة ابن باديس فقط، لأنّها تتوج واحدا من عظماء الجزائر، الذي تنوّرت به البلاد، ومازالت آثاره تدرّس وتناقش وتنجز حولها أطروحات في الدكتوراه وكذا ما تناولته الأبحاث العلمية. وقال في ختام كلمته عن الراحل: "ابن باديس عظيم جمع بين الكلّ في جزائر الأحرار التي ولدت لنا الثورة المباركة ونحن نعيش على نتاجه".