في السنوات الأخيرة، لجأت بعض دور النشر الجزائرية إلى تجربة النشر المشترك مع الدور الأجنبية بغرض تجاوز الأزمات التي يطرحها سوق الكتاب في الجزائر، إضافة إلى الرغبة في الخروج بالأسماء الجزائرية من قوقعة التكرار والحصار الداخلي وتسويقها في العالم العربي. واتفق أغلب الناشرين الذين خاضوا التجربة على أن العملية أقل تكلفة من التوزيع الداخلي أو شراء حقوق إعادة النشر، وأنها الطريقة الوحيدة المتاحة حتى الآن لتجاوز أزمات النشر المتكررة والمتعددة في الجزائر. * عن تجربة "الاختلاف" في النشر المشترك مع الدار العربية للعلوم في بيروت، يقول أمينها العام، بشير مفتي، إن المصلحة بينهم وبين الدار اللبنانية متبادلة، بحيث لا يمكن للبنانيين أن يغامروا لو لم يجدوا في التجربة الجزائرية ما يفيدهم أو يخدمهم: "فنحن نقدم الأفكار والأسماء ونساهم ماليا في طباعة الكتاب بنسبة 50 في المائة. ومقابل ذلك تستفيد الاختلاف من التجربة اللبنانية في صناعة الكتاب بالشكل الراقي وتوزيعه بشكل محترف عبر العديد من الأقطار والمعارض العربية، إضافة إلى سرعة التنفيذ، فإن التجربة أثمرت في الترويج لعدة أسماء جزائرية خاصة الشباب منهم في الإعلام العربي، حتى أن علي حرب قال إن ثمة نهضة ثقافية وفكرية جديدة قادمة من الجزائر". ويضيف المتحدث أن هذه التجربة استفادت منها "الاختلاف" كثيرا في دعم وترقية صناعة الكتاب في الجزائر. * وتحدث توفيق ومان عن تجربة "رابطة الأدب الشعبي" التي يرأسها مع دار "الفارابي" اللبنانية، التي خاض معها تجربة نشر كتب الشعر الشعبي، بدافع استقطاب جمهور عربي للتجربة الجزائرية في القصيدة الشعبية التي تعرف انتشارا وإقبالا عربيا كبيرا، إضافة إلى الاستفادة من حجم انتشار الدار اللبنانية التي تشارك في أكثر من 43 معرضا عربيا وأجنبيا من بينها معارض فرانكفورت وباريس وأبو ظبي. وفي هذا الصدد يؤكد ومان إن النشر المشترك اليوم هو إحدى الطرق المتاحة أمام الدور الجزائرية لتجاوز مشاكل السوق، وخاصة التوزيع. ولأن النشر المشترك، حسب لزهاري لبتر مدير دار "ألفا"، أقل تكلفة من تصدير الكتاب، فإن التجربة تتيح للمنتوج الجزائري التواجد عبر كافة المعارض العربية والأجنبية، ويحقق الشراكة الثقافية، كما قد يكون تعبيرا عن موقف فكري ومشروع ثقافي تسعى الدور إلى تحقيقه أو الاستفادة من تجارب الآخرين، على رأي مدير دار "البرزخ" سفيان حجاج، الذي خاض تجربة مماثلة مع منشورات "آكت سود" الفرنسية، وعن هذه التجربة يقول حجاج إنه خاضها بدافع الاهتمام ببعض التجارب المميزة في حوض المتوسط، وتحقيق التبادل والتلاقح الثقافي، وإثراء وتقديم البدائل للسوق الجزائرية للتحرر من المحلية الضيقة والتقوقع على الذات، وإخراج الأسماء الجزائرية إلى أفق آخر، لأن هناك دائما شيئا يحدث خارج حدودنا.