اختلفت العناوين وتنوعت الإحصائيات، لكن لم يتغير الواقع المؤلم ولم يتدخل الغيورون على مدينة تقرت للوقوف في وجه عاصفة الجرائم التي تهبّ وتندلع في سهرات أعراس المنطقة، اعتداءات بالجملة بالأسلحة البيضاء واحتساء للخمور وسرقة للممتلكات الخاصة واعتداءات على المارة. ورغم معالجة محكمة تقرت أسبوعيا خلال جلساتها لعديد هذه القضايا، إلاّ أن الظاهرة لازالت تكشف عن أرقاما مقلقة ورهيبة بلغت 914 ضحية عنف خلال سنة 2015 . كشفت الإحصائيات التي تحصلت عليها "الشروق" عن أرقام وإحصائيات رهيبة لظاهرة العنف وخاصة العنف في الأعراس، حيث كشفت الأرقام أن 914 حالة عنف استقبلتها مصلحة الاستعجالات بمستشفى سليمان عميرات بتقرت خلال سنة 2015 أبطالها مراهقون وشباب في عمر الزهور يكتسحون سهرات الأعراس جماعات وفرادى راجلين أو على متن دراجات نارية من كل حدب وصوب، إذ من بين الاعتداءات الإجمالية التي دخلت أروقة المستشفى، سجلت 187 حالة في الفترة الصباحية فيما سجلت 214 حالة في الفترة المسائية و503 حالة في الفترة التي تتراوح بين الثامنة مساء إلى غاية بعد منتصف الليل. كما كشفت الأرقام أن من بين ضحايا الإصابات الخطيرة 199 شخص تتراوح أعمارهم بين 10 و19 سنة، و402 ضحية يتراوح سنهم بين 20 و29 سنة، و207 ضحية يتراوح سنهم بين 30 و39 سنة حسب إحصائيات حديثة، أما عن الحالات المسجلة حسب الأشهر فقد سجّل شهر أوت رقم قياسيا ب 112 حالة تم استقبالها بمستشفى تقرت يليها مارس وسبتمبر ب 101 حالة ثم شهر ديسمبر ب 90 حالة، حيث يلاحظ أن العنف يزداد في الفترة الصيفية والعطلة الربيعية والشتوية والتي تعتبر مواسم الأفراح والأعراس. أما عن أكثر البلديات التي شهدت حوادث فاحتلت النزلة الصدارة ب 368 حالة اعتداء تليها بلدية تقرت ب 284 حالة وتبسبست ب 168 والزاوية العابدية ب 68 ضحية اعتداء، من دون احتساب حالات الإجلاء من البلديات والقرى الأخرى للمقاطعة الإدارية تقرت. وصرّح الباحث الدكتور مساعدية ياسين نائب مدير مستشفى تقرت ل "الشروق" أن الحالات التي استقبلها المستشفى تراوحت بين الاعتداءات بالأسلحة البيضاء والعصي والحرق والكي بالنار والركل والخنق في أنحاء مختلفة وخطيرة من الجسم، كما أن كلفة ضحايا العنف امتصّت حصّة كبيرة من نفقات المستشفى والتي تشمل الفحوصات الاستعجالية والعمليات الجراحية والإجلاء في بعض الأحيان. أما المجتمع المدني على غرار جمعية حي صحراوي العيد بالنزلة التي تحضّر لمشروع تحسيسي لمكافحة العنف بالمقاطعة الإدارية تقرت، فترجع أسبابه للتسيب والانحطاط الأخلاقي واحتساء الخمور وترويج السموم والتساهل في تطبيق القوانين بالإضافة إلى عدم احترام توقيت السهرات على غرار مناطق الوطن التي يتم حظر أي سهرة تتجاوز منتصف الليل، وإجبار صاحب العرس على إقامة الحفل الساهر داخل فضاء مغلق كقاعة الاعراس أو وسط المنزل. أما المواطنون، فعبروا بدورهم عن تأسفهم لهذه الظاهرة الدخيلة عن المنطقة، حيث كاد عبد الرؤوف الذي يبلغ 26 سنة من عمره أن يفقد حياته قبل شهرين بعد أن انهال عليه مجموعة من الشبان بالضرب المبرح وبطعنات سكين كانوا على متن دراجات نارية ذنبه أنه يقطن في حي تم طردهم فيه من عرس ساهر بحي 18 سكن بالنزلة، كما شهدت إحدى قرى تقرت حادثة فريدة من نوعها بعد إصرار مجموعة من الشباب على تعطيل موكب عرس ومنعهم من مغادرة القرية كانتقام لمشادات عنيفة وساخنة وقعت بين أفراد وأهل العرس وشباب القرية في السهرة الماضية.