تقول آخر نكتة أمريكية أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستسحب كامل قواتها من العراق في أواخر 2011 بعد أن تستكمل بلاد الرافدين بناء أجهزتها الأمنية وتقضي على الطائفية.. * ولكن "النكتة" لاتتحدث عن إمكانية استرجاع التاريخ والجغرافيا والناس الذين أبادتهم ست سنوات من النار، فإذا كان الاستعمار الفرنسي والانجليزي الذي مضى على لهيبه أزيد من نصف قرن لم ينته بعد، والشعوب التي اكتوت بناره مازالت تبتلع من خبزه الأسود المليء بإشعاعات الحرب، فكيف للعراقيين أن يحلموا بعام 2012 من دون قوات أجنبية وهم يدركون أن الاستعمار الذي سيتبع انسحاب الأمريكان أكثر إيلاما لأنه سيسيّرهم عن بعد، فإذا كانوا الآن يمارسون رفضهم ومقاومتهم في الجسد المستعمر فإنهم بعد انسحابه يعجزون حتى عن رفض القرارات والأوامر التي تنزل عليهم ولن يجدوا غير ممارسة الطائفية سبيلا للرفض، وانسحاب القوات القتالية الأمريكية خلال عام 2010 قد يجعل الاقتتال ما بين العراقيين فقط رغم أن التقارير الأمنية تقدم الآن أرقاما تصفها بالمشجعة عن تراجع العنف في العراق. * وإذا صدقت وعود الرئيس الأمريكي بسحب كامل للقوات الأمريكية قبل حلول عام 2012 فإن الولاياتالمتحدة ستكون أمضت قرابة التسع سنوات في بلاد الرافدين، ويصبح السؤال المحرج "كيف كانت العراق وكيف أصبحت؟".. وهذا بعد أن أجاب الرئيس الأمريكي الأسبق بنفسه عن السؤال الأكثر إحراجا "لماذا استعمرت أمريكا العراق؟"، أوباما تحدث عن سحب القوات القتالية من العراق ولكنه لم يتحدث عن الترسانة الحربية العائمة في مياه المنطقة لأن الإستعمار الأمريكي يأخذ أشكالا متعددة في الخليج والشرق الأوسط. * أوباما قال أن أمريكا ستسحب قواتها كاملة من العراق وهو ما يوحي أن العراق سيستعيد عافيته، ولكن لا أحد بإمكانه إعادة آلاف القطع الأثرية التي أضاعتها العراق ولا حياة مليون عراقي هلكوا منذ شتاء 2003 ولا أحد بإمكانه الآن إطفاء نار الفتنة المندلعة ما بين الأكراد والعرب وخاصة ما بين الشيعة والسنة.. فمن قال أن أمريكا ستنسحب من العراق؟!