تمكنت دوالي فاطمة الزهراء، القاطنة ببلدية مناصر، ولاية تيبازة، من نيل شهادة البكالوريا عن عمر يناهز الخمس والخمسين سنة وبعد ست محاولات من خوضها امتحانات البكالوريا عن طريق التعليم عن بعد استغرقت مدة تحصيلها إثنتا عشرة سنة قضتها رفقة الكتاب والقلم اللذين أوصلاها إلى برّ التخصص في مادة اللغة الفرنسية بجامعة بوزريعة الجزائر العاصمة. * والدة لتسعة أبناء وجدة لخمسة أحفاد تبلغ من العمر خمسة وخمسون سنة، انقطعت عن الدراسة في الفصل الثاني من مستوى الرابعة متوسط آنذاك، أين كانت تزاول دراستها تحت النظام الداخلي بمتوسطة مدينة مليانة سنة 1968 متأثرة بوفاة والدها الذي طالما حثها على متابعة دراستها لبلوغ أعلى مستويات الدراسة. * وفتحت قلبها للشروق معبّرة عن ارتياحها لتحقيق وصية والدها منذ 40 سنة مضت، وفخورة بمرافقة ابنها الأصغر "محمد أمين" إلى الجامعة بعد أن ساعدته وراجعت معه الدروس أيام التحضير لامتحان البكالوريا. * وفي ذات السياق، كشفت محدثتنا أن الحافز القوي الذي أنار ممرات الظلام لها هو أبوها الذي اعتبرت أقواله كمشكاة آنستها، حيث كان يوجهها بمواعظ وأمثلة تبرز أهمية العلم والتعليم، من بين المثل الفرنسي ""إذا أتاك عدوك فقل له ها هو ذا قلمي". * الوالدة وبعد هجرانها للدراسة لمدة 28 سنة كاملة، استأنفت تعليمها سنة 1996 بفضل نظام التعليم بالمراسلة بداية من مستوى السنة التاسعة أساسي، حيث قالت إنها قرّرت العودة إلى عالم القرطاس والقلم بالدرجة الأولى نزولا عند رغبة أبيها قبل وفاته من جهة ومن جهة أخرى تطبيقا لقوله الله عز وجل "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب". الزمر الآية: 9. * السيدة فاطمة الزهراء أمّ لإطارات بقطاعي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية الوطنية، دعت الله أن يوفق سائر طلبة العلم في مشوارهم الدراسي، وتبقى الجدة الطالبة الناجحة بشهادة البكالوريا السنة الماضية قدوة للشباب الذين لم يحالفهم الحظ بحياتهم الدراسية لاستئناف مشوارهم من جديد بإرادة متينة لمستقبل أفضل.