صورة من ا لأرشيف في جلسة محاكمة دامت قرابة الثلاث ساعات بمحكمة شلغوم العيد بولاية ميلة، امتثل فيها ثمانية متهمين منهم خمسة مقاولين ومدير فرعي لاتصالات الجزائر ومراقبين إثنين، توبع بعضهم بجرم تبديد أموال عمومية والبعض بالمشاركة فيها إثر السرقات التي طالت الكوابل الهاتفية بمركز التلاغمة.. * كادت كل مجريات المحاكمة تتحول إلى إدانة واضحة لمدير مركز اتصالات الجزائر بميلة لمسؤوليته في هذه القضية كما قيل علاوة على الإنتقادات اللاذعة لطريقة عمل المكلفين بإنجاز الخبرة والتي صارت تسبب مآس للمتقاضين لعدم التزامها بأبجديات العمل القانوني، وكشفت من جهة أخرى عن خطورة تداعيات الإهمال والتقصير في أداء المهام من طرف كل المسؤولين مما جعل هذا التقصير والإهمال يأخذ شكل الجريمة ويتحول في الأخير إلى تهمة ثقيلة حتى أن الدفاع وصفه بالملف الواجهة الذي يخفي كوارث سوء التسيير الإداري والذي لا يدفع ثمنه أصحاب الياقات البيضاء الناصعة ويدفع وزره فقط صغار الضعفاء وهو الوزر الذي قال ممثل النيابة العامة أن عقوبته هنا لا تقل عن خمس سنوات حبسا نافذا. * وتعود الشرارة الأولى لانفجار هذه القضية إلى رسالة إلكترونية وقعت مطلع ربيع العام الماضي وأبلغت عن وقوع سرقات للكوابل الهاتفية القديمة في إطار إعادة تجديد شبكة اتصالات الجزائر على مستوى فرع الإنتاج لاتصالات الجزائر بالتلاغمة بالتواطؤ مع مدير الفرع ( د.ح) فتم مباشرة فتح تحقيق في الأمر من طرف فرقة درك التلاغمة وتبين ضياع حوالي نصف مليار سنتيم بسبب عدم احترام الإجراءات القانونية في استرجاع الكوابل القديمة وتحويلها إلى وجهة مجهولة. وخلال جلسة المحاكمة، كشف ممثل الطرف المدني (اتصالات الجزائر) أن الكارثة انفجرت بعد استيلاء شركة هندية على مركب عنابة الضخم، حيث صارت كل "فتفوتة" حديدية تباع ولها قيمة وتعرضت اتصالات الجزائر لخسارة عشرات الملايير جراء السرقات التي طالتها عبر التراب الوطني، وفي هذه القضية تبين أن هناك فرقا كبيرا بين كميات الكوابل المستعملة والمسترجعة، مما يؤكد عملية تبديد الأموال العمومية بدليل تناقضات تصريحات المتهمين خلال الجلسة كما قال وتقدم بطلبات التعويض مكتوبة، أما المتهم الرئيسي (د.ح) الذي قضى 30 عاما في الخدمة فأنكر كلّيا التهم المنسوبة وقال أنه كان دائما يبلغ مصالح الأمن والجهات الإدارية رسميا بعمليات سرقة الكوابل التي تقع في إقليمه، لكن الوصاية لم تأبه بالأمر، وكشف أن المعضلة تكمن في عدم توظيف العمال من طرف مدير وحدة ميلة، حيث يفرض القانون وجود مراقبين للأشغال، لكن ذلك لم يحدث وعمله هو إداري بحت ولا يمكنه النزول للميدان للمراقبة واضطر لتكليف إثنين من التقنيين للتكفل بذلك. * الدفاع استغرب متابعة موكليه رغم عدم وجود أي دليل يبرر ذلك ورغم أن تقرير الخبرة الذي أجرته المفتشية العامة لاتصالات الجزائر بعد تلقيها للرسالة الإلكترونية في مارس 2007 أكد عدم وجود أي تبديد للأموال ومطابقة المخزون الموجود بشلغوم العيد مع وثائق التخزين وحفظت القضية إداريا، وتساءل عن غياب من أسماه برأس الملف وهو مدير اتصالات الجزائر بميلة الذي كان يُفترض أن يحضر للحفاظ على المال العام الذي اشتكى تبديده، متسائلا أيضا أين كان هذا المدير لما رُفعت الشكاوى من طرف هذا المتهم تبلغه بغياب الأمن في حظيرة التلاغمة وأين كان لما رفعت له التبليغات بالسرقات التي حدثت وأين كان لما تم الإلحاح عليه بتوظيف مراقبين لمتابعة أشغال المقاولين كما يفرض القانون والغريب كما أضاف الدفاع أنه بمجرد بدء التحقيق في القضية سارع إلى التوقيف النهائي للمتهم من عمله خارقا بذلك كل القوانين لكون القضية مازالت في التحقيق وموكله مازال بريئا ويصرخ بأعلى صوته و بكل الوثائق أنه بريء، والمفارقة الغريبة أنه في ذات الآونة كان هذا المتهم قد اخترع اختراعا فريدا من نوعه حصل بموجبه على براءة الإختراع وميزته الكشف في ذات اللحظة عن موقع أي خلل يقع في الكوابل الهاتفية عند محاولة سرقتها مما يسهل عمل المصالح الأمنية، وهو الإختراع المعمول به حاليا على المستوى الوطني والذي وفر للدولة أموالا ضخمة تقدر بآلاف الأضعاف لقيمة ما قيل أنه بدد في هذه القضية.