يشرح إمام المسجد الكبير بالعاصمة وشيخ الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن، الشيخ علي عية، دوافع فتواه، نافيا إصدارها بطلب من السلطات العمومية، ويقول في حواره مع "الشروق" أن أمنيته أن يكتفي بوتفليقة بثلاث عهدات فقط. ما هي دوافعكم لإصداركم فتوى وجوب الانتخاب؟ أفتيت بها خدمة للمصلحة العامة، وهنالك فتاوي سابقة في هذا الصدد أفتى بها الشيخ ابن باز، والألباني، وغيرهم من كبار العلماء. ما أفتيت به أن الانتخاب واجب شرعي، وأكدت من خلالها على أن يذهب الجزائريون لاختيار الرجل المناسب، وهذا ما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية، والذي قال أن الرجل الذي يطبق أحكام الشريعة كلها ويعجز عن الباقي نوليه إمارة الأمة، وهذا الأمر أفتى به المشايخ المعاصرون، وأنا أفتيت بهذا، استنادا على 60 قولا من أقوال العلماء المتأخرين والحاليين لإصدار فتواي. أؤكد لكم في هذه السانحة، أن كلمتنا مستنبطة من الكتاب والسنة، ونقول للجزائريين إذا رأوا رجلا أصلح وانفع لهم يجب عليهم أن ينتخبوا، ولا ينصتوا لمن يود أن يجر البلاد إلى المجهول.
لماذا التخويف من خيار المقاطعة؟ تناقشت مع سياسيين حول خيار المقاطعة، واتضح أنها تدفع بالبلاد إلى اللاشرعية وإلى مرحلة انتقالية، وندخل في المجهول مثل ما حصل في تونس ومصر، فقد عشنا تجارب مريرة بعد الاستقلال، وفي التسعينيات، واعتقادي أن نداءات بعض السياسيين بمرحلة انتقالية هو موقف غير صائب، فكيف يعقل أن ندفع بالجزائر و40 مليون جزائري إلى المجهول.
هل يعتبر دعاة المقاطعة عصاة لواجب شرعي؟ لم اقل هذا، لكن الجهات التي تدعو إلى المقاطعة، من حقنا أن نسألها، إلى أين ستؤدي هذه الدعوة بالجزائر، أنا زرت الحراك في مناطق الجنوب، ورفعت انشغالات شبابنا إلى أكبر جهة مسؤولة في الجزائر، وقلت لها الشباب قد أبلغوني أنهم ليسوا قطاع طرق، فهم يعانون تهميشا من الإدارات المحلية هنالك، وقلت لكبار المسؤولين في الدولة أن الشباب إذا لم يستغل جيدا فسيتم استغلالهم من أطراف أخرى.
ما هو الرابط بين سؤالي وجوابك؟ موقفي الشخصي، أن لا يتقدم الرئيس بوتفليقة، ويترك المكان، فأنا أفضل بعد تمضيته لثلاث عهدات، أن يترك مكانه لشخص آخر نختاره عبر الانتخابات، وأقول كذلك أننا نعرف معنى اللاأمن واللاإستقرار، وهنالك أناس جيدون تقدموا للرئاسيات، كما هو الحال مع علي بن فليس، فلما حدثت معركة الجامعات كان وزيرا للعدل، وتم الزج بالشباب في السجن، واجتمعت معه في مكتبه مع الشيخ آيت علجت والشيخ شراطي رحمه الله، وكان أن تم إطلاق سراح الموقوفين قبل أن نصل إلى بيوتنا، مثل ما وعد به علي بن فليس.
هنالك من يتهمكم بإصدار فتوى تحت الطلب؟ أقسم بالله السميع البصير، أني كنت خائفا من ردة فعل الوزير والمفتش العام بالوزارة، بأن أعاقب على الفتوى التي أصدرتها، وأن أتعرض إلى مضايقات، لكن الفتوى اجتهاد شخصي، بعد مشورة أحد علماء الجزائر -طلب عدم ذكر اسم المعني في الحوار- فأنا لم أكتب حرفا أو كلمة، دون أن أعود إلى الشيخ، حتى الخطب المنبرية بالجامع الكبير لا تتم دون مشورته، وهذا هو نهجي في المساعي التي قمت بها في غرداية، أو النصيحة التي وجهتها لقائد الجيش المصري عبد الفتاح السيسي، فأنا اطلب النصح والمشورة منه -يقصد الشيخ الذي رفض أن ينشر اسمه-، وهو يوافق ويؤطر ويوجه.
ألا تعد فتواكم استغلال المؤسسات الدينية لأغراض سياسية؟ في رأيي المسجد الكبير هو بمثابة جامع الزيتونة في تونس، والأزهر في مصر، فالمسجد الكبير يأخذ مسؤولياته لما تغيب الفتوى الرسمية، شرط أن لا يقف إلى جانب شخص أو حزب، فهو يقف إلى جانب الجزائر فقط.