دعت هيئة التنسيق والمتابعة المنبثقة عن تنسيقية الانتقال الديمقراطي، إلى إجراء انتخابات رئاسية مسبقة، وإبعاد الانتخابات عن وصاية الحكومة، كما أعلنت رفضها لمبادرة "إعادة بناء الإجماع الوطني"، التي طرحها حزب جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس). الهيئة التي اجتمعت أمس بالمقر المركزي لحركة مجتمع السلم في "لقاء استثنائي"، رسمت خارطة الطريق المستقبلية لمشروعها السياسي، وأكدت في بيان توّج اجتماعها أن هذه الخارطة تقوم على أربع نقاط رئيسية، توافقت عليها كل الأحزاب والشخصيات الوطنية، التي لم يغب منها سوى رئيس حكومة الإصلاحات، مولود حمروش. وأولى هذه النقاط: "التأسيس القانوني لهيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات"، ما يعني أنها جددت رفع مطلب إبعاد وزارة الداخلية والجماعات المحلية عن تنظيم الانتخابات، تكون مقدمة لتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة، متجاوزة بذلك النقاش حول تفعيل المادة 88 من الدستور، التي تتحدث عن حالة عجز الرئيس عن أداء مهامه الدستورية، لعارض ما. النقطة الثالثة في خارطة الطريق تتمثل في تأجيل مراجعة الدستور إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية المسبقة، وذلك بهدف تهيئة الأجواء نحو إمكانية تجسيد مطلب "الدستور التوافقي"، الذي تتفق بشأنه كل من السلطة والمعارضة، لكن كل حسب وجهة نظره الخاصة، ثم بعد ذلك يأتي الدور على حل المجالس المنتخبة المحلية منها والوطنية، تتبعها انتخابات محلية وتشريعية مسبقة أيضا. وبينما انحصرت التصريحات السابقة لقادة "التنسيقية" في مواقف منفردة بشأن مبادرة "الأفافاس"، جاء الرد هذه المرة حاسما وبصفة جماعية، وهو الرفض، وذلك من خلال التأكيد على "التمسك بأرضية مزفران والعمل على تثمينها وشرحها للمواطنين، وتحقيق التوافق من خلالها، واعتبار أنه لم يعرض في الساحة السياسية مبادرة حققت ما توصلت إليه المعارضة من حيث قدرتها على تحقيق وحدتها وعرض مشروع متكامل لضمان الحريات وتحقيق الانتقال الديمقراطي السلس المتفاوض عليه، وقد عرض على الرأي العام والطبقة السياسية والسلطة الحاكمة". ومن هذا المنطلق، أكدت "هيئة التشاور"، أنها "غير معنية بغير مبادرتها"، وتقصد هنا مبادرة "الأفافاس"، كما شرح ل "الشروق" أحد المشاركين في الاجتماع. وفي السياق ذاته، أعلنت "التنسيقية" عزمها على "مواصلة التشاور مع كافة القوى السياسية والشخصيات الوطنية والمجتمع المدني والقيام بأنشطة تحسيسية تجاه الشعب الجزائري، قصد توفير الشروط والظروف الملائمة لتحقيق انتقال ديمقراطي توافقي وتدريجي وسلس"، على حد ما جاء في البيان، الذي حذر من "الاستمرار في التضييق على الحريات بخصوص التجمعات والمسيرات والحق في التنظيم وتأسيس الجمعيات والأحزاب والتضييق على حرية الإعلام". وجاء هذا الاجتماع في ظروف خاصة، طبعها حراك سياسي خلفته مبادرة "الأفافاس"، وكذا الجدل السياسي الذي رافق تنقل الرئيس بوتفليقة إلى فرنسا من أجل العلاج، ما يؤشر على أن "هيئة التشاور" أرادت الاستثمار في الوضع الراهن، بما يخدم مشاريعها السياسية، التي وجدت في "الشلل الذي تعرفه مؤسسات الدولة"، والوضعية الاقتصادية الهشة، كما جاء في البيان، أرضية لتبرير شرعية مطالبها.