يكشف الشيخ أبو جرة سلطاني، الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، عن مواقفه إزاء مختلف القضايا والمستجدات الوطنية، آخرها قضية الغاز الصخري ومسيرات 24 فبراير، وينتقد ميول السلطة إلى العنف في تسيير أمورها، كما يتحدث في حورا مع "الشروق" عن حركة حمس والتغيرات التي طرأت على خطابها، حيث يتهم أطرافا بالعمل على الدفع بحمس إلى الصدام مع السلطة، ويكشف عن موقفه من المؤسسات المنتخبة، قبل أن يتحدث لأول مرة عن عدد من أبرز الشخصيات الوطنية. شاركتم في وقفة 24 فبراير المناهضة لاستغلال الغاز الصخري.. كيف تقيمونها؟ الذي كان مقررا هو وقفة تضامنية لها هدفين واضحين: الأول للتضامن مع المحتجين في الجنوب عامة، وعين صالح بوجه خاص، والهدف الثاني إحياء ذكرى تأمين المحروقات، بطريقة لكسر احتكار السلطة لإحيائه، وبطريقة تجعل الاحتجاجات ذات بعد وطني لا يجعل لأهلنا في الجنوب هوية جنوبية، لكن الذي حصل أن قوات الأمن أخذت تأهبها في الليلة التي سبقت الوقفة، فأغلقت جميع الطرق والمنافذ المؤدية إلى البريد المركزي، بالتوازي مع تنظيم احتفالية في نفس المكان، مما جعل الوقفة تتحول إلى شبه مسيرة لبلوغ ساحة البريد المركزي، وحصل فيها نوع من التدافع والتجاذب، وحولوها إلى نقطة استقطاب، فحققت أكثر من أهدافها على مستوى الصدى الإعلامي وعلى مستوى تعاطف المشاهدين لما حصل، كما أعطت للمنظمين لها أملا في أن تكون البداية لكسر حاجز الهيبة في نفوس العاصميين. بالنظر إلى التطويق الأمني الذي عرفته المسيرة، هل ترون أن السلطة متخوفة أكثر من أي وقت مضى من الشارع؟ تفاقم الاحتجاجات الاجتماعية في معظم ولايات الوطن، جعل الكثير من المواطنين يبحثون عن فضاء يعبرون فيه عن غضبهم على الواقع، والعواصم عادة هي الواجهة السياسية التي تجري فيها التحولات الكبرى، لذلك حشدت السلطة كل قواها لمنع أي تظاهرة لا تكون تحت رعايتها المباشرة، واستبدلت الخطاب السياسي بالاحتفالات الاستعراضية التي صرفت بها مؤقتا أنظار الرأي العام، ولكنها أكدت أن العاصمة ماتزال منطقة محرمة سياسيا منذ 2001 رغم رفع حالة الطوارئ. لكن قبل أشهر شهدنا رجال الأمن في مسيرات حاشدة، هل يعني أننا اليوم أمام سلطة بوليسية؟ قوات الأمن موظفون ومكلفون بمهمة، فاللوم لا يوجه إليهم، لأنهم مسخرون لأداء هذا الواجب، إلا إذا تجاوزوا حدودهم وتعسفوا في استخدام القوة، ولذلك الخطاب يوجه للمتحدثين عن ترقية الديمقراطية والذين يتحدثون عن الإصلاحات والذين يحيلوننا كل مرة على الدستور وقوانين الجمهورية. هؤلاء هم الذين يتحملون مسؤولية الغلق والتضييق ومصادرة الحريات وتحويل العاصمة إلى ثكنة بوليسية لا يشرف منظرها الفضائيات التي تتناقل الألوان الزرقاء على شاشاتها، فحولتها من الجزائر البيضاء إلى الجزائر الزرقاء. تتغنون بنجاح المسيرة، في حين يراها كثيرون بأنها تراجع عن أرضية ندوة مازفران؟ معيار الحكم على الإنجازات السياسية للمعارضة أو السلطة على الأرض يحدده الصدى الذي تتناقله وسائل الإعلام ويتداوله الرأي العام وليس ما يتحقق من مكاسب آنية أو تراجع تكتيكي، وما حصل يوم 24 فبراير ترك انطباعا واضحا لدى الرأي العام الوطني، أن استقطابا حادا قد حصل لأول مرة بين أحزاب الموالاة وأحزاب المعارضة، وأن ما تقوم به المعارضة يعبر يشكل أو بآخر عن توجهات الشعب وطموحاته ومطالبه، بينما ماتزال أحزاب المولاة تستخدم لغة الخشب، ونقطة الحرج الوحيدة التي ماتزال تخيف الرأي العام هي مخاوف الانزلاق نحو العنف والعودة مجددا إلى مربع المأساة الوطنية، وهذا هو السبب الوحيد الذي جعل الوقفات التي تم تنظيمها في مختلف الولايات تحظى بعدد كبير من المتفرجين بدل أن يكونوا مشاركين. هل لكم أن توضحوا؟ وقفة 24 فبراير كانت محطة مرتبطة بذكرى، ولذلك لم يكن تسييسها أو تحزيبها ومنع المشاركين فيها رفع أي شعار أو الإدلاء بأي تصريح خارج الوحدة الوطنية والغاز الصخري. سلال اتهم من وهران وورڤلة المعارضة بالسعي للمساس بالوحدة الوطنية في الجنوب؟ قراءة النيات ليست سلوكا سياسيا، واحتكار الوطنية ليست خطابا مهدئا، وحينما نقرأ النيات ونحاكمها في خطابات رسمية وفي يوم احتفالي لجميع الجزائريين، فإننا نستفز عواطف كثير من المخلصين الذين يخدمون الجزائر في المعارضة كما خدموها في السلطة، والتعامل بالأبيض والأسود في السياسة لا يخدم الاستقرار الوطني، ونحن اليوم بحاجة إلى خطاب تجميعي يدفع نحو التوافق والتعاون بدل الخطاب الإقصائي الذي يصنف المجتمع إلى معارضة وموالاة. قلتم بأن الجزائر بحاجة إلى خطاب تجميعي يدفع نحو التوافق والتعاون، لماذا رفضت حركة حمس إذن المشاركة في مشاورات تعديل الدستور، وقررت مقاطعة ندوة الإجماع الوطني للأفافاس؟ بالنسبة لمشاورات تعديل الدستور، فقد سبق لحمس وأن شاركت في المشاورات التي أشرف عليها عبد القار بن صالح بنية خالصة وبعزم على إحداث التغيير المأمول الذي بشر به السيد رئيس الجمهورية في 15 افريل 2011، ولكننا صدمنا بأن مشاركتنا كانت مجرد دعوة لتكفير السواد، وليس للأخذ بالرأي أو المشاركة في صناعة القرار. أما مشاورات احمد أويحيي فهي نسخة ثانية من مشاورات بن صالح وسوف يكون مصيرهما واحد. ولهذا السبب قاطعتها حمس. وبالنسبة لندوة الإجماع الوطني للأفافاس؟ دعوة جبهة القوى الاشتراكية للمشاورات كانت بالنسبة لنا في البداية انفتاحا على حزب له وقاره السياسي وله رمزيته التاريخية ودعوته إلى التشاور غير المشروط حول "ورقة بيضاء" قال وقتها انه سوف سيلعب دور المسهل بين السلطة والمعارضة، فكان واجبا أن نستمع إلى آرائهم ونبسط بين أيديهم وجهة نظرنا في الموضوع دون قيود أو شروط مسبقة ولا خطوط حمراء، لكنهم لما أجلوا تاريخ عقد ندوتهم يكونون قد أكدوا أن دور التسهيل الذين كانوا يمنون به الرأي العام لم يعد واردا، وان السلطة لا تحتاج إلى وساطة بينها وبين المعارضة إذا أرادت محاورتها. مادام كذلك.. لماذا أعلنت حمس عن مبادرة للمشاورات السياسية مع السلطة إذن؟ مبادرة حركة مجتمع السلم لا تتخذ أي وسيط بينها وبين السلطة ولا أحزاب الموالاة، لذلك بادرت بفتح جولة حوار مع جميع الشركاء بما فيهم السلطة حول مبادرتها الأولى التي كانت قد أطلقتها في جوان 2013 تحت عنوان "الإصلاح السياسي" وهي بصدد ضبط رزنامة اللقاءات لتعلن عنها في الوقت المناسب. يفهم من هذا الكلام أن مبادرة حمس ليس لها أي جدوى سياسية بقدر ما هي رد على مبادرة الأفافاس؟ مبادرة حمس سابقة عن مبادرة الافافاس زمانيا، ولكن لم تلق الصدى الكافي لها بين 2013 و2014، ولما انعقدت دورة مجلس الشورى الوطني لحمس، فتح الحوار خارج إطار التنسيقية في إطار ما يسمى باستقلالية الذمة السياسية للحركة دون الإخلال بالالتزامات المقررة مع الشركاء داخل تنسيقية الانتقال الديمقراطي. هل يعني أن مبادرة حمس فرضت على قيادات الحركة؟ وأي دور للشيخ أبو جرة في المسألة؟ كنت عضو مجلس شورى، وساهمت بوجهة نظري في تقييم الواقع واستشراف المستقبل، ودافعت عن حق الحركة في أن يكون لها صوت مستقل عن التنسيقية، وأن لا تغلق باب الحوار مع السلطة ومع المعارضة، وأن يكون لها قرارها المستقل في أية لحظة تقدر مؤسساتها أن الوضع بحاجة إلى تحمل المسؤولية التاريخية في حماية الجزائر وضمان وحدتها وأمنها واستقراها. هل أنت مع الطرح القائل بأن السلطة كلفت الأفافاس بتنفيذ مخطط استدراج المعارضة من خلال ندوة الإجماع؟ لا.. لا اعتقد ذلك، وقد أكدت حقائق الميدان أن الأفافاس فارس يركض وحده في ساحة غير نظامية، وأن لا أحد من السطة كلفه بأن يجمع له المعارضة على طبق أو يكون "مسهلا" ما بينه وبينها، وقد تأكد أن هذا الحزب التاريخي العتيد قد استدرك كثيرا من مفرداته في الخطاب السياسي بعد 50 سنة من المعارضة الحادة التي كانت لا تتزحزح قيد أنملة عن مطلبها التقليدي المتمثل في مجلس تأسيسي بالعودة إلى 1963. وهم مشكورون على هذا التطور. هل يؤمن الشيخ أبو جرة بتدخل البوليس السياسي في الممارسات السياسية؟ البوليس السياسي الذي جرّ على زين العابدين بن علي الويلات وأوصله إلى حالة من الرعب وجد فيها نفسه مخيرا بين القتل والهرب، لأن السياسة لا تدار بعقلية البوليس والتقارير السرية ومحاكمة النوايا والتخوين وإلصاق التهم بمن يعارضك، وإنما تمارس بالحوار والانفتاح على الآخر، وثقافة التجميع والتوافق والاستماع إلى صدى الشارع واحترام توجهات الرأي العام. وكل نظام يعتمد على مسمى البوليس السياسي سوف يعزل نفسه عن امتداداته الشعبية يوم تدرك الجماهير أنها أصبحت في واد والسلطة في واد آخر وبينهما برزخ لا يبغيان. يقال أن حمس لم تعد على مبادئ مؤسسها الراحل الشيخ محفوظ نحناح؟ الزمن تغير والمعطيات على الأرض تغيرت، لكن الذي لا يمكن أن يتغير هو السلم والوحدة الوطنية، ونبذ العنف للوصول إلى السلطة ورفضه للبقاء فيها والعمل على تجميع أبناء الجزائر لضمان أمنها واستقرارها، هذه هي المقاصد الكبرى التي تأسست عليها حمسن، فتغييرها خط أحمر، وماعدا ذلك فهي اجتهادات سياسية يؤخذ منها ويرد بحسب المعطيات المتوفرة في واقع متحرك يبحث فيه الجميع عن الحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان والفرص المتكافئة لجميع أبناء الجزائر. فمبادئ الحركة لم تتغير ووسائلها فقط تغيرت ظرفيا، ونحن حريصون على أن نصنع لها من القنوات المؤسسة ما يجعل مقاصدها الكبرى تتحقق دون اللجوء إلى ثقافة الصدام التي تعمل كثير من الأطراف لجعلنا رأس حربة للدخول في هذا المعترك. هل لكم أن توضحوا ذلك؟ إن الثقافة التي غرسها الشيخ محفوظ نحناح في جميع أبناء الحركة ترفض العنف بنفس القدر الذي تكون فيه ذيلا للسلطة أو ظلا للمعارضة، وإذا كانت بعض الأطراف التي عجزت عن مقارعة السلطة بالأصالة تتخذ من الحركة درعا لمواجهتها بالنيابة، فإن ذلك لن يحصل بناء على سلمية ثقافة الحركة سواء في خط الممارسة أو في خط المعارضة على حد سواء. تريدون القول أن تنسيقية الانتقال الديمقراطي لن تذهب بعيدا؟ التنسيقية تملك كثيرا من الأوراق الرابحة إذا أحسنت استخدامها في الظرف الراهن واستبعدت الأنانيات الحزبية والبطولات الفردية والزعامات الكاريزمية والأجندات المسبقة التي تمهد بها لاستحقاقات انتخابية قادمة "برلمانية ورئاسية"، أما إذا تورطت في هكذا طموحات فإن مصيرها سوف ينتهي إلى التشتت بخطابات إيديولوجية متعارضة، ولكن لحد اليوم تفاجأت السلطة من قدرة الألوان السياسية المشكلة للتنسيقية رغم تناقضها على تجميع طاقاتها وتوجيهها ضد السلطة وفق أرضية مازفران. ما موقف الشيخ سلطاني من المؤسسات المنتخبة من حيث الشرعية؟ يقول الشيخ نحناح رحمه الله أن مؤسسات معطوبة أو ناقصة الشرعية خير من الفوضى، وأعتقد أن المؤسسات المنتخبة لا تمثل شرعية شعبية ولا تعكس إرادة الكتلة الناخبة والدليل على ذلكم أن جميع المنتخبين فقدوا شرعيتهم على مواطنيهم وصارت الاحتجاجات تحدث رغم أنوفهم ولا أحد يملك الحوار معهم. ماذا لو استدعي الشيخ أبو جرة للاستوزار مجددا؟ الدعوة إلى الاستوزار في حكومة انتقالية لا قيمة له، أما إذا كان الأمر متعلقا بحكومة وفاق وطني أو حكومة أزمة فذلك واجب وطني لن أتأخر في تلبية الدعوة، وفي تحمل المسؤولية ضمن توافق أو إجماع وطني يساهم في إخراج البلاد مما هي فيه من ضغط وتهديدات على حدودنا. هل يعني أن حكومة سلال انتقالية؟ منذ 1992 تاريخ إعلان حالة الطوارئ، جميع الحكومات المتعاقبة إلى اليوم حكومات انتقالية، وهو ما لا يشجع على الاستقرار ولا فرصة ضامنة لرؤوس الأموال أن تستمر في الجزائر ولا أن تراهن على شراكة ثمينة أو متعددة ذات أبعاد إستراتيجية.. اللّهم إلا ما تعلق باستيراد الحاويات. ماذا يقول أبو جرة في هذه الأسماء؟ - عبد الرزاق مقري: رئيس حركة مجتمع السلم - عبد الرحمن سعيدي: بقية من أثر الشيخين بوسليماني ونحناح - عبد المالك سلال: رجل محظوظ ولد وفي فمه ملعقة من ذهب - الجنرال توفيق: شخصية غامضة ولكن يدها في كل مكان - عمار سعداني: جرأة على التصريحات وقدرة على إدارة الظهر للأزمات الداخلية - لويزة حنون: تعرف كل شيء وتجهل الإسلام - علي حداد: قاطرة تجر كل العربات نحو محطة لم تحدد وجهتها - سعيد سعدي: رجل عرف حده ووقف عنده - جاب الله: صاحب فضل على كثير من الناس.