نزل أمس الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم ضيفا على منتدى الشروق، لإبداء رأيه في مختلف القضايا الوطنية باعتباره شخصية وطنية كان لها دور كبير خلال العشريتين الماضيتين، وفيما كان ضيف الشروق يفصل فيما وصفها بالمقاربة السياسية للمرحلة الراهنة، تلقت الشروق بيانا شديد اللهجة أصدرته حركة حمس تدعو فيه أبو جرة سلطاني إلى الانضباط والتعبير عن آرائه السياسية داخل هياكل الحركة لا في وسائل الإعلام، وهو ما أثار حفيظة خليفة الراحل نحناح على رأس حركة حمس، حيث ذكر خليفته مقري بأن يمارس المعارضة كما مارسها مقري لما كان أبو جرة رئيسا للحركة. سلطاني يرد على مقري: أنا أمارس المعارضة داخل الحركة كما مارستها أنت في عهدي استهجن الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، لغة التهديد والوعيد التي حملها بيان المكتب التنفيذي لشخصه، في أعقاب تصريحات له تتحدث عن اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الحركة الحالي بمدير ديوان رئاسة الجمهورية. وانتقد أبو جرة سلطاني خلال نزوله ضيفا على منتدى "الشروق" ما وصفه بمحاولة الحجر على الآراء داخل حمس، وقال "إن الحركة ليست ثكنة رغم احترامي الشديد وتقديري للانضباط العسكري، فحرية الرأي مكفولة والتعبير عنه سياسة معتمدة منذ عهد الراحل الشيخ محفوظ نحناح، حيث كنا نقدم رؤية لمشروع سياسي مستقبلي، ونبدي آراءنا بكل حرية في جميع وسائل الإعلام المتاحة"، مشددا بالقول على أن "الحركة التي تقتل الرأي والرأي الآخر تنتهي إلى الاستبداد والتفكك". وأوضح سلطاني "أن أبناء حمس متعودون على التعبير عن آرائهم بكل حرية، شرط ألا تكون الأخيرة مصادمة للقرارات الصادرة عن مؤسسات الحركة المخولة"، مبرزا أن تصريحاته لم تخرج عن خطاب الحركة الرسمي. وبرر المتحدث تسويقه لخطاب "تقارب" الحركة مع السلطة ودفعه للحوار والتشاور معها، لكون أن معارضة "حمس" ليست راديكالية، وإنما عاقلة ومتزنة، وهو ما يعني بحسبه "ألا نخلق عداوة مع السلطة ولا نسعى لسد جميع القنوات التي تمكننا من التواصل معها"، مشيرا إلى وجود لوائح داخل "حمس" تحدد للمناضل حقوقه وواجباته تجاه الحركة، وأضاف بالقول "وأنا منضبط بهذه اللوائح". ودعا سلطاني مقري إلى الاقتداء بأسلافه في رئاسة الحركة، وقال "كما شجع الشيخ نحناح الرأي الحر، وشجع خليفته النقاش الفكري والسياسي في مختلف وسائل الإعلام، على الحركة أن تحتفظ بهذا الرصيد الفكري والسياسي، وأن تثمنه بعيدا عن التلويح والتهديدات التي تدفع إلى التيئيس من إحداث الفعالية الحزبية التي عرفت بها الحركة، والتي على أساسها يحترمها الرأي العام الوطني والإقليمي والدولي". وخاطب رئيس حمس السابق خليفته بالقول "كنت في عهدي تقود المعارضة"، وذكّره بمقولته بهذا الخصوص "كنا أقلية نمارس المعارضة فصبرنا وعملنا إلى أن أصبحنا أغلبية"، وأضاف "فلماذا لا يعطى هذا الحق لنا اليوم فنقول نحن الآن أقلية ندعو إلى الحوار مع السلطة والمشاركة في الحكم، لنصير أغلبية ذات يوم"، مضيفا أن "الأقلية لا تضغط على الأغلبية، والأغلبية لا يخيفها ضجيج الأقلية". وتساءل سلطاني عن انزعاج رئيس الحركة الحالي من تصريحات أدلى بها لوسائل الإعلام أعرب فيها عن موقفه من لقائه بمدير ديوان رئاسة الجمهورية، ودعوة المكتب التنفيذي الوطني للحركة له باستعمال حقه في التعبير عن آرائه داخل المؤسسات، خاطب أبو جرة خليفته في "حمس" بالقول أن مواقع التواصل الاجتماعي ليست مؤسسة من مؤسسات الحركة ولا توجد أي مادة قانونية لا في القانون الأساسي ولا في النظام الداخلي ولا في اللوائح التنظيمية للحركة تدرج هذه المواقع ضمن مؤسسات "حمس"، مؤكدا التزامه الكامل بما يصدر عن مجلس الشورى الوطني والمكتب التنفيذي الوطني، غير أنه "ليس ملزما بأي حال من الأحوال بقراءة ما ينشر على الشبكة العنكبوتية". وتساءل سلطاني عما إذا كانت تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي تنتمي إليها حمس في المعارضة، تسعى إلى إصلاح النظام وتقويته، أم إلى إسقاطه والإطاحة به، قبل أن يضيف بالقول "إذا كانت تعمل على إسقاطه فهو ليس معها، أما إذا كانت تعمل من أجل إصلاحه وتقويته فحول هذا المسعى ندندن".
سلطاني يشرح مقاربته السياسية للمرحلة القادمة يرى سلطاني أن الظروف تغيرات كثير بين سنوات 2011 -2015 سواء على المستوى الدولي أو على المستوى الوطني وفق ثلاثة مستويات، المستوى الأول يتمثل في "توجس الرأي العام من كل حراك يشتم فيه رائحة الأزمة أو احتمال العودة إلى مربع المأساة الوطنية". أما المستوى الإقليمي يتمثل في تدهور الوضع الأمني العام في دول الجوار والتهديدات الجادة على حدودنا، بعد فشل الثورة في ليبيا وانتشار السلاح في المنطقة، وما يحصل في مالي والساحل، وجزئيا في تونس. في حين أن المستوى الدولي يتجلى من خلال "تخلي العالم الحر عن فكرة دعم الديمقراطيات والحريات وحقوق الإنسان وانقلابه على الشرعية في مصر، بعد أن أظهرت الصناديق تقدم التيار الإسلامي في تونس ومصر ونجاح التجربة في تركيا". وبرأي سلطاني فإن "هذه التحولات المتسارعة، بعد مسمى الربيع العربي، وضعت في حسبانها أولوية المصلحة على الديمقراطية وصارت تنسق مع الأنظمة القائمة لتمديد أعمارها ريثما تنتهي من صناعة البدائل الضامنة لمصالحها في المنطقة". ودعا إلى طمأنة الرأي العام الوطني والإقليمي والدولي بأن خط المشاركة هو الأسلم في بناء ديمقراطية تشاركية، يكون الطريق إليها هو الحوار والتوافق ونبذ العنف، والدفع باتجاه تكريس آليات شفافة لمختلف الاستحقاقات الانتخابية على المدى البعيد.
قال إن ذمتها السياسية ليست رهينة عند غيرها "حمس" سيدة قرارها وانتقادات التنسيقية غير مؤسّسة قرأ رئيس حركة مجتمع السلم السابق، أبو جرة سلطاني في رسالة الرئيس بوتفليقة الأخيرة بمناسبة عيد الاستقلال، رغبة في رص الصف الداخلي لمواجهة الأزمات متعددة الأبعاد التي تعاني منها البلاد، ولقاء رئيس "حمس" برئيس الديوان برئاسة الجمهورية، يندرج في ذلك السياق. وقال سلطاني: "هذه الرسالة ينبغي أن تقرأ سياسيا وحزبيا ضمن التحولات الجيوسياسية، وإذا فهمناها من هذا المنطق، نقول إن ما حصل بين رئيس الحركة ورئيس الديوان برئاسة الجمهورية، يعتبر بداية لحلحلة ما كان جامدا في الساحة الوطنية". وبحسب أبو جرة، الذي حلّ ضيفا على منتدى "الشروق"، فإن "الدوي الإعلامي الذي رافق اللقاء يوحي بشيئين، الأول، يدل على قوة الحركة ورمزيتها، لأن الأمر لو تعلق بحزب مجهري لمر من دون ضجيج"، في حين أن النقطة الثانية تدل على ترسخ قناعة لدى السلطة، مفادها أنها "غير قادرة على حل مشاكل البلاد لوحدها، وأنها لا بد أن تتكئ على المعارضة لمواجهة سنوات عجاف سياسيا وأمنيا واقتصاديا". وعبر الوزير الأسبق عن أمله في أن يكون لقاء مقري برئيس ديوان الرئاسة، فاتحة لمشاورات جديدة بين السلطة والمعارضة، وأن يكون هذا اللقاء معزولا عن سياق الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية في خطابه الأخير للأمة بمناسبة عيد الاستقلال، كما ثمن اللقاء واعتبره "بداية صحيحة لتحيين الحوار السياسي الذي تحدثت عنه أرضية مزفران، والذي شدد على ضرورة تجسيد انتقال ديمقراطي متفاوض عليه بين السلطة والمعارضة، وذلك هو بداية الطريق". سلطاني دافع عن التقارب الذي كان موجودا بين الحركة والسلطة: "لا توجد عداوة بين الطرفين"، برغم اختلاف مقاربيتيهما في إدارة شؤون البلاد وفي حل الأزمة الراهنة، مشيرا إلى أن لقاءات من هذا القبيل ستساهم في تقريب وجهات النظر، لتفادي رهن مصير البلاد، يقول "ضيف المنتدى"، لافتا إلى أن ما عبر عنه هو شخصيا وأقدم عليه مقري مؤخرا، يتماشى ومقررات مجلس الشورى المجتمع في جانفي المنصرم. وبشأن الانتقادات التي وجهها بعض رموز التنسيقية للحركة بشأن لقائها بأويحيى، أكد سلطاني أن اللقاء كان باسم "حمس" وليس باسم التنسيقية، وهو "حق مكفول للحركة، لأن ذمتها السياسية غير قابلة للرهن لا للسلطة ولا للمعارضة، ومن ثم فليس من حق التنسيقية محاسبتنا. يمكنها محاسبتنا فقط على ما اتفقنا عليه، وإلا لتحولت الحركة إلى حزب".
لهذه الأسباب غيّر بوتفليقة رأيه من المعارضة قال أبو جرة سلطاني إن تغيّر موقف الرئيس من المعارضة في مدة ال 108 يوم التي فصلت بين خطابه بمناسبة عيد النصر، الذي اتهم فيه المعارضة بممارسة سياسة الأرض المحروقة، وبين خطاب عيد الاستقلال، الذي دعا فيه المعارضة إلى المساهمة في البناء الوطني، راجع لعدد من الاعتبارات. ويتمثل الاعتبار الأول، حسب رئيس "حمس" السابق، في ردود الفعل المنتقدة لخطاب 19 مارس، وامتعاض الشركاء السياسيين منها، وحاجة الجزائر لجميع ابنائها، واستمرار تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتدهور الوضع الأمني بالقرب من حدود البلاد، وكذا أزمة غرداية.
سلطاني وحمدادوش تحاشى سلطاني الرد على الانتقادات التي وجهها إليه النائب عن الحركة، ناصر حمدادوش، وقال: "هو أحد أبنائي الأعزاء والأب لا يرد على أبنائه إذا هاجموه".
قال إن سبب الأزمة هو العقار وضعف الجبهة الداخلية أدعو إلى صلاة عيد مشتركة بين أبناء غرداية دعا الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، أبناء غرداية إلى العودة إلى جادة الصواب، وتغليب لغة الحوار، من أجل قطع الطريق أمام أعداء الوطن الذين يتربصون بالجزائر. وقال سلطاني "إنه يدعو أبناء غرداية المتخاصمين إلى القيام بصلاة العيد مشتركة بين المالكيين والإباضين، حتى تكون مصالحة شاملة". وأضاف أنه دعا إلى ذلك، لدى نزوله أمس، ضيفا قناة الشروق، وقال "إن الكثير من الناس اتصلوا بي، مثمنين الدعوة معبرين عن استعدادهم للذهاب إلى غرداية ومشاركة أبناء غرداية صلاة العيد المشتركة بين المتخاصمين"، معبرا عن استعداده الذهاب أيضا لمشاركتهم الصلاة. وعن أسباب الأزمة التي وصلت إلى حد الاقتتال بين أبناء المنطقة، قال أبو جرة "إن هناك عدة أسباب أدت إلى حدوثها؛ منها ما هو اجتماعي من تنمية وعقار وتفاوت في المستوى المعيشي، ومنها ما هو مذهبي، وهو السبب الذي يتم تضخيمه إعلاميا من طرف جهات لها مصلحة في حدوث فتنة بين أبناء الجزائر". ولم يستبعد المتحدث وجود جهات خارجية ودول أجنبية لها يد في الأزمة، وقال "إن أعداء الجزائر يحسدوننا، لأن الجزائر بمثابة القارة وهم يتمنون تقسميها مثلما قاموا بتقسيم السودان". وأكد الوزير السابق على تقوية الجبهة الداخلية، التي اعتبرها صمام الأمان من أجل القضاء على كل شرارة قد تكون سببا في وقوع مثل تلك المشاكل التي حدثت في غرداية، وقال "إن كل مشكل قد يحدث مستقبلا لا قدر الله، سيكون مرده إلى ضعف الجبهة الداخلية"، وثمن سلطاني الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدولة في المنطقة، ودعا إلى تشديد الرقابة وتطبيق القانون على الجميع بكل صرامة وعلى المتسببين في الأحداث الأخيرة، حيث قال "إنه لا تسامح مع الدماء والأرواح"، مرجعا حدوث عمليات القتل الأخيرة إلى تساهل الدولة في بداية الأمر مع مثيري الشغب لأنها في كانت تسمح بالوسطات. ونفى ضيف "الشروق" وجود صراع طائفي في المنطقة وقال "إن أبناء المنطقة يعشون في سلام مع بعض، منذ 11 قرنا" ولم يسبق أن كانت هناك عمليات قتل مثلما شاهدنا في الأيام الأخيرة، معبرا عن اعتزازه بوجود تعدد وتنوع في الجزائر في إطار احترام الدستور الجزائري. وأضاف أبو جرة أن جميع الجزائريين يحترمون أصحاب المذاهب الأخرى، وقال "نحن نحترم الإباضية مثلما نحترم الحنبلية والشافعية وغيرها من المذاهب، لأن هذا الأمر راجع إلى فهم كل فقيه للدين".