تجزم المعارضة برغبة السلطة في طي أثقل الملفات المتعلقة بالفساد دفعة واحدة، من خلال محاكمات سريعة، وذلك في إطار تحضيرها لترتيبات المرحلة القادمة، والتي تستوجب مسح آثار "الجريمة" وتحصين أصحابها من الملاحقات القضائية تحسبا لتغير موازين القوى أو معطيات المستقبل، لضمان خروج آمن لكل المتورطين في قضايا الفساد طيلة السنوات الماضية. أسدلت العدالة نهاية الأسبوع، الستار على أكثر قضايا الفساد في الجزائر جدلا، والتي تخص قضية الخليفة، بعد قرابة شهرين من جلسات السماع والمرافعات والمداولات، حيث أصدرت الأحكام التي اطلع عليها الرأي العام في حق المتهمين، وقبلها بأسابيع أسدلت الستار أيضا على ملف الطريق السيار شرق غرب، في انتظار الفصل في قضية سوناطراك خلال الدورة الجنائية المقبلة، وغيرها من القضايا التي نهبت فيها ملايير الدولارات من الخزينة العمومية. ويرى رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، في اتصال مع "الشروق"، أن التوقيت الذي طويت فيه هذه الملفات، والظروف التي جرت فيها محاكمات هذه القضايا والطريقة التي تمت بها هذه المحاكمات، بغض النظر عن الأحكام التي نطقت بها العدالة، تؤكد بحسبه أن النظام اتخذ قرارا سياسيا بغلق هذه القضايا، لإيهام الرأي العام الوطني والإيحاء للخارج بأنه يكافح ظاهرة الفساد، وذلك كله من أجل تحضير الشأن السياسي خلال المرحلة المقبلة. وأوضح مقري أن "القاضي لا يستطيع أن يخرج عن إطار قرار الإحالة التي تحددها النيابة العامة، والنيابة العامة تابعة للسلطة التنفيذية المسؤولة ذاتها أخلاقيا وسياسيا على الأقل عن القضية، قضية بهذا الحجم لو وقعت في بلد ديمقراطي لهزت أركان هذه السلطة التنفيذية"، مضيفا أن ملف الخليفة أُغلق دون الوصول لتحديد المسؤولين الحقيقيين عن الفضيحة، مبرزا أن "قضية مثل هذه لا يمكن أن يطويها الزمن ما لم تتحقق فيها العدالة"، معربا عن استغرابه لكون السلطة التنفيذية تحسب على الناس أنفاسهم ولا تتهاون في متابعة تفاصيل التفاصيل بشأن تأسيس الجمعيات ومراقبة الأحزاب السياسية، وتغفل عن مثل هذه الفضائح. من جهته، يرى رئيس حزب "جيل جديد" سفيان جيلالي، أن الرأي العام الوطني كان ينتظر ليس فقط الأحكام التي صدرت وستصدر في حق المتورطين في قضايا الفساد المعروفة، وإنما كان ينتظر حتى الطريقة التي ستطوي بها السلطة هذه الملفات، مبرزا أن النظام السياسي القائم الذي لديه ارتباط عضوي بالفساد دخل مرحلة في الانهيار، وأكد أنه سيعرف تغير وصفه بالحتمي قريبا، ما جعله يلجأ إلى هذه الطريقة الوحيدة لإعطاء ضمانات لرجالاته المتورطين في مثل هذه القضايا.
كما وصف حزب العمال محاكمة الخليفة بالمهزلة، وأوضح أن الأحكام الصادرة بحق المتهمين في قضية الخليفة تؤشر على وجود صفقة سياسية، ما يؤكد بحسبه الغياب التام لاستقلالية القضاء في الجزائر، مضيفا في بيان له أن المسؤولية السياسية جرى طمسها بصفة كلية، وأن الجزائريين في ظل ما حصل منعوا من معرفة هوية المسؤولين الحقيقيين عن هذه الكارثة الوطنية.