إذا صدق التصريح الذي نقلته يومية "صوت الأحرار" المقرّبة من حزب جبهة التحرير الوطني، عن لقاء مرتقب بين الرئيس بوتفليقة، والأمين العام للحزب العتيد، عمار سعداني، فإن إجراء تعديل أو تغيير حكومي بعد تعديل الدستور، قد بات في حكم المؤكّد. ونقلت الجريدة عن عضو المكتب السياسي والمتحدث باسم حزب جبهة التحرير الوطني، حسين خلدون، قوله إن لقاء سيجمع الرئيس بوتفليقة بالأمين العام "للأفلان" في الأيام القليلة المقبلة، ومن بين النقاط التي سيتم بحثها من قبل الرجلين، مسألة "تشكيل الحكومة من الأغلبية طبقا لأحكام الدستور الجديد الذي ينص على استشارة الأغلبية البرلمانية ". ويصبح الدستور الجديد نافذا في غضون الثلاثين يوما الموالية لتاريخ المصادقة عليه في البرلمان ووفقا للمادة ال116 من الدستور. وهو ما يعني أن التعديل الحكومي المرتقب، إن كان موجودا فعلا، فسوف لن يكون قبل الأسبوع الأول من شهر مارس المقبل . وجاء تصريح المتحدث باسم الحزب العتيد، ليرجح كفة القراءات السياسية التي ذهبت إلى القول إن اعتماد دستور جديد يفرض تعديلا أو تغييرا في الجهاز التنفيذي، علما أن قراءات أخرى ذهبت عكس ذلك التوجه. واعتبرت استمرار الحكومة الحالية أمرا عاديا وطبيعيا. ومعلوم أن المشرّع تعمّد ترك الكثير من الغموض في المادة 77 من الدستور الجديد، التي تتحدث عن حيثيات اختيار الوزير الأول من قبل رئيس الجمهورية، وذلك من خلال تركيزها على "استشارة الأغلبية البرلمانية" في تعيين الوزير الأول، وليس من الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية. وكانت هذه المادة قد خلفت جدلا سياسيا بين زعيمي حزبي السلطة، سعداني بصفته أمينا عاما للحزب العتيد، من جهة، وأحمد أويحيى، بصفته أمينا عاما للتجمع الوطني الديمقراطي. فأويحيى عندما عرض مسودة الدستور الجديد بصفته مديرا لديوان رئاسة الجمهورية، حرص على تأكيد أن الوزير الأول ليس بالضرورة أن يكون من الحزب الفائز بالأغلبية في غرفتي البرلمان. وهو الأمر الذي لم يعجب سعداني، فرد عليه سريعا متهما إياه بأنه لم يكن يتحدث كمدير للديوان بالرئاسة، وإنما كأمين عام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الغريم. وبقدر ما أكد الخبر المتعلق باللقاء المرتقب بين بوتفليقة وسعداني، على وجود نية لدى الرئيس في إجراء تعديل حكومي بعد ترسيم الدستور الجديد، بقدر ما زاد من حدة الأسئلة المطروحة عن مصير الوزير الأول عبد المالك سلال وطاقمه الحكومي، لا سيما في ظل الطموح الذي لم يخفه مدير الديوان بالرئاسة، من أجل العودة إلى قصر الدكتور سعدان، الذي عمّر فيه لسنوات طويلة قبل اليوم. ويبدو طموح أويحيى مشروعا بحكم نصوص الدستور الجديد، غير أن ذلك يبقى رهينة حصوله على الضوء الأخضر من القاضي الأول، غير أن التصريحات الأخيرة لسعداني، التي من بين ما جاء فيها أن أويحيى لا يصلح لقيادة الوزارة الأولى في عهد "الدولة المدنية"، ستضع بوتفليقة في حرج كبير، بين الانتصار لسعداني أو القفز على انشغاله، وإعادة أويحيى إلى قيادة الحكومة. ومن هذا المنطلق، يبدو أن أيسر الحلول عند الرئيس لتجاوز هذه المعضلة، هو الاحتفاظ بالطاقم الحكومي القديم، حتى وإن اعتبر عبد المالك سلال من الأفلان، لكنه شغل منصب الوزير الأول قبل أن يلتحق بالحزب العتيد.