دخلت القوات العراقية، الجمعة، وسط مدينة الفلوجة وقال الجيش العراقي، إنه استعاد السيطرة على مبنى البلدية من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بعد نحو أربعة أسابيع من بدء هجوم بمساندة أمريكية. واستعادت القوات الحكومية تدعمها غارات جوية يشنها التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة مبنى البلدية رغم استمرار سيطرة مقاتلي التنظيم على جزء كبير من الفلوجة التي تبعد بمسافة ساعة بالسيارة عن العاصمة بغداد. ولا تزال كثير من شوارع المدينة ومنازلها ملغومة. وقال الجيش العراقي في بيان، إن الشرطة الاتحادية رفعت العلم العراقي فوق المبنى وتواصل ملاحقة المتشددين. وقال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر، يوم الجمعة، إن القوات العراقية استعادت جزءاً من مدينة الفلوجة وأضاف "ما زال الأمر يتطلب مزيداً من القتال". وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الانتصار في الفلوجة بعد حلول الليل بفترة وجيزة مع استمرار القوات الحكومية في التقدم نحو أجزاء من المدينة يسيطر عليها المتشددون. وقال العبادي في خطاب مقتضب بثه التلفزيون الرسمي: "لقد سيطرت قواتنا البطلة على قضاء الفلوجة وأحكمت سيطرتها على داخل المدينة ولا زال هناك بعض البؤر التي تحتاج إلى - إن شاء الله - التطهير خلال الساعات القادمة". ويتواصل القتال بينما تندفع القوات الحكومية إلى داخل المدينة وشوهد جنود يتعرضون لرصاص قناصة لدى دخولهم إلى مسجد كبير يبعد بنحو 100 متر من مبنى البلدية. ولا تزال الاشتباكات جارية وتشمل قصفاً جوياً ومدفعياً وإطلاق نار بأسلحة آلية. وشوهدت سحابة دخان ترتفع من مناطق قريبة من وسط المدينة. وقال بيان الجيش، إن الشرطة تتقدم في شارع بغداد وهو الطريق الرئيسي الذي يربط شرق المدينة بغربها وإن قوات مكافحة الإرهاب تطوق مستشفى الفلوجة. وذكر صباح النعماني المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، إن قناصة يختبئون داخل المستشفى الرئيسي. وشن العراق عملية كبرى في 23 ماي لاستعادة الفلوجة من "داعش". وهي معقل للمقاومة السُّنية ضد القوات الأمريكية التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق صدام حسين في 2003 ومناهضة الحكومات الشيعية التي تعاقبت على الحكم بعد ذلك. وأثارت مشاركة قوات شيعية مدعومة من إيران في القتال إلى جانب الجيش العراقي مخاوف من ارتكاب أعمال قتل على أساس عرقي وتحقق السلطات بالفعل في اتهامات بأن أفراداً من تلك القوات أعدموا عشرات الرجال السُّنة الفارين من المدينة. وفي خطبة يوم الجمعة، حث رجل الدين الشيعي البارز آية الله العظمى علي السيستاني المقاتلين الموالين للحكومة على عدم السعي للثأر من السكان. ولا توجد أي مؤشرات على دخول عناصر تلك القوات الشيعية إلى المدينة. وتعتبر المدينة نقطة انطلاق للتفجيرات التي ينفذها التنظيم المتشدد في العاصمة مما يجعل هذا الهجوم جزءاً مهما من حملة الحكومة لتحسين الأوضاع الأمنية. وتفضل الولاياتالمتحدة وحلفاؤها التركيز على استعادة الموصل من قبضة "داعش" وهي ثاني أكبر مدن العراق وتقع في أقصى الشمال. ويشن مقاتلون هجمات على جبهات أخرى ضد تنظيم "داعش" بما في ذلك الهجوم الذي تنفذه قوات تدعمها الولاياتالمتحدة على مدينة منبج في شمال سوريا. وهذا أكبر ضغط يتعرض له التنظيم منذ أعلن "دولة الخلافة" في 2014. نزوح هائل بدأ تنظيم "داعش" السماح لآلاف المدنيين المحاصرين في وسط الفلوجة بالهرب وتسبب النزوح الجماعي المفاجئ في استنزاف قدرات مخيمات اللاجئين التي تمتلئ بالفعل بما يزيد عن طاقتها. ووفقاً لرئيس بلدية الفلوجة عيسى العيسوى فقد غادرت أكثر من ستة آلاف أسرة يوم الخميس فقط. وكان العيسوي نفسه قد هرب من حصار الفلوجة قبل عامين. وقال لوكالة رويترز للأنباء يوم الجمعة: "لا نعرف كيف نتعامل مع هذا العدد الكبير من المدنيين". وتجاوز عدد النازحين يوم الخميس 68 ألف شخص وفقاً لبيانات الأممالمتحدة التي قدرت في الآونة الأخيرة أن عدد سكان الفلوجة 90 ألف شخص وهو نحو ثلث عدد سكان المدينة في 2010. وقال شهود، إن تنظيم "داعش" أعلن عبر مكبرات صوت أن بإمكان السكان المغادرة إن أرادوا لكن لم يتضح لماذا غير التنظيم أسلوبه بعد أن كان يمنع حركة المدنيين قبل عدة أيام. وقال المجلس النرويجي للاجئين الذي يقدم مساعدات للنازحين، إن الهاربين أبلغوا عن انسحاب مفاجئ لمقاتلي تنظيم "داعش" في نقاط تفتيش مهمة داخل الفلوجة الأمر الذي أتاح للمدنيين الرحيل. وقال نصر المفلحي مدير المجلس النرويجي للاجئين في العراق، إن خدمات الإغاثة في المخيمات استنفدت بالفعل وسيتسبب هذا التطور في استنزاف الجميع. وتقدر الولاياتالمتحدة أن تنظيم "داعش" طرد من نحو نصف الأراضي التي احتلها عندما انهارت القوات العراقية بشكل جزئي في 2014. ويستغل التنظيم السكان دروعاً بشرية لعرقلة تقدم الجيش وتفادي الضربات الجوية. وقال العبادي في كلمته مخاطباً سكان الفلوجة: "اليوم نريد أن يكون هناك أمن وسلامة في هذه المدينة لعودتكم وللعيش فيها".