شكلت روسيا قبلة مشتركة لأقطاب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا، متمثلة في زيارات متزامنة لكل من خليفة حفتر قائد ما يسمى بالجيش الليبي، وعقلية صالح رئيس البرلمان الليبي المعترف به في طبرق، واحمد معتيق رئيس المجلس الرئاسي المنبثق عن حوار المغرب. ويجمع المتابعون على ان الزيارة تعتبر بمثابة وساطة روسية لحلحة الأزمة السياسية التي تعصف بليبيا منذ 5 سنوات وأدت الى بروز التنظيمات الارهابية بقوة، ممثلة في "داعش" و"القاعدة" وتغولها في هذا البلد وتهديدها لدول الجوار وأوربا. ويقول الاكاديمي الليبي رجب المريض في تصريح ل"الشروق" إن زيارة عقيلة ومعتيق وحفتر لها تفسير واحد، وهو ان لغة القتال والسلاح المستمر بين "فجر ليبيا" و"عملية الكرامة"، لن تأتي بحل، لذلك فإن أطراف فبراير المتنازعة على السلطة، تبحث عن مخرج يكون لروسيا دور فيه لأن حفتر مدعوم من روسيا، وعلى اتصال بهم منذ بداية الحرب وأيضا مجلس النواب له علاقة بروسيا، وحفتر يُعتبر جزءاً من شرعية مجلس النواب المعترف به دوليا، أما الجديد في هذه الزيارة فإن معيتيق المحسوب على حكومة الوفاق ومحسوب ايضا على جناح "فجر ليبيا"، على قناعه بأن الزيارة لروسيا مهمة لإنجاز خطوات متقدمة نحو اعتماد حكومة الوفاق وإطلاق العملية السياسية، وفتح حوار مباشر والتوصل لإيقاف إطلاق النار فى بنغازي ودرنة. وعن الموقف الروسي يقول الدكتور رجب المريض إنه ليس مثل الموقف الأمريكي والغربي، فَلَو أجرينا حوصلة على مواقف روسيا من الثورات العربية، نجدها تتحرك وفق مصالحها الاستراتيجية، ومراعاة صراعها التقليدي مع الغرب وأمريكا، فالموقف الروسي إبان بزوغ الثورات العربية في دول شمال إفريقيا، كان موقفا سلبيا ولا يعبِّر عن العلاقة التي كانت قائمة، خاصة مع النظام الليبي والنظام المصري، فالأزمة الليبية تمّ عسكرتها منذ بداية الأزمة، وروسيا لم يكن لها موقفٌ واضح في الأزمة الليبية، مثلما فعلت في الأزمة السورية إذ استخدمت حق الفيتو ضد القرارات الصادرة بالخصوص ضد سوريا، وهذه المواقف جعلت روسيا تخسر كثيرا فى تركها ليبيا أمام الهيمنة الغربية، مما اثر في مصالح روسيا في منطقة جنوب المتوسط وشمال إفريقيا، وبعد مرور خمس سنوات لابد لكل الأطراف ان تقيّم مواقفها من الأزمة وان تراجع سياساتها، ومخرجات تلك السياسات، ولعل الإدراك والتحرك الروسي فى سوريا أعطى دافعا كبيرا لمجلس النواب بالتحرك نحو روسيا من خلال التجربة السورية خاصة فى الحرب على تنظيم "داعش"، لذلك أصبح الدور الروسي على المستوى الإقليمي والدولي هاما جدا، وهو مرتبط استراتيجيا بحماية أروبا من الإرهاب، وفق الاتفاقيات الموقعة وأيضا عمليات فرنسا وبلجيكا جعل الموقف الأروبي الغربي يُعطى مساحة اكبر للدور الروسي في كبح جماح الإرهاب وتسوية الأزمات في دول الثورات العربية.