لم تكن الثورة المصرية "نوارة" على الشعب المصري، كما لم يكن النظام السابق ياسمينا، هكذا عاش ويعش المصريون الواقع المرير، حيث لا مكان للغلابى والفقراء وسط سيطرة النافذين وأصحاب المال في الحكم ولو بعد "التغيير"، هذه الصور حملها فيلم "نوارة" للمخرجة هالة خليل التي وقفت على مسافة واحدة بين الشعب والسلطة. يروي فيلم "نوارة" الذي عرض في منافسة مهرجان وهران التاسع للفيلم العربي، في زمن قدره 112، تفاصيل دقيقة في حياة المصري، صور الفقر في الحارات القديمة واللهث وراء "الخبزة"، بينما يعيش أصحاب النفوذ والمال حياة الترف والبذخ، ظالمين المواطن البسيط الذي يحلم بشربة ماء هنيئة وبيت متواضع يأويه أو عمل بسيط يقوته. هالة خليل بدت واقعية أكثر في "نوارة" ووقفت على مسافة واحدة بين الأحداث ومحركاتها سواء من جهة السلطة أو الشعب، فنقلت ما حدث بعد الثورة في ربيع 2011 بكل صدق بالرغم من أنّها نزلت إلى ميدان التحرير ككل الناس التي كانت تود رحيل مبارك وحاشيته، بحيث لخصت قصتها المريرة في شخص "نوارة" (منّة شلبي) شابة في مقتبل العمر تعمل خادمة في بيت عائلة ثرية رب الأسرة فيها برلماني ووزير سابق (محمود حميدة) يعكس نموذج للسياسي النافذ والرافض للثورة والحالم بأنّ بعد نظام حسني مبارك يبقى له العز والجاه، لكن الإجراءات الجديدة التي اتخذها الإخوان قبل مجيء السيسي من خلال محاكمة ومصادرة مهربي المال والمتهمين باستغلال النفوذ عجلت بهروبه إلى الخارج كما الكثيرين في "مستواه". ليبقى المواطن المغلوب على أمره يصارع قسوة الواقع.