بعد "رحلة الشفاء" التي تعتبر عمله الروائي الأولّ، سيدخل الكاتب الشاب محمد بن زخروفة فعاليات معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته ال21 برواية جديدة وسمها ب"زارة الحب المقدس: براءة لحب لم يذنّب ولن يدنّس"، صدرت مؤخرا عن منشورات "دار الكتاب". وكشف محمد بن زخروفة في تصريح ل"الشروق" أنّه لم يستمر في كتابة روايته "سيغون ستارغو" التي كان يفترض أن يدخل بها فعاليات سيلا 21 بدل رواية "زارة الحب المقدس" بسبب البحث العميق الذي تتطلبه عن الحقائق باعتبارها عملا تاريخيا يحكي عن الفترات العصيبة الأولى من الاستعمار الفرنسي للجزائر من خلال تطرقه إلى محرقة أولاد رياح بمنطقة الظهرة يومي 19 و20 جوان 1845 وكذلك محرقة الصبيح من نفس العام، إضافة إلى بعض أحداث الرواية التي تجري بسجن سيغون بمستغانم، حيث أشيع بين القبائل أن من دخل أبواب هذا السجن فلن يعود حيا، فكان قادة الاستعمار وقساوسته يجبرون المعتقلين على التنصير أو الموت. وعليه ارتأى بن زخروفة تقديم رواية "زارة الحب المقدس" مع حفاظه على الطابع التاريخي للعمل، إذ يروي قصة حب تجمع بين "زهرة" و"مهدي" القاطنين بإحدى القرى بشرق الوطن إبّان الاستعمار الفرنسي لبلادنا مع تصوير بانورامي لمظاهر العبودية والقساوة الممارسين على الجزائريين آنذاك. وأشار المتحدث في منشوره على غلاف الرواية أنّه فكر في أن يجعل الماضي مسودة يرفع بها الحاضر، ويتكئ على جانبيه المرّ والطيّب كلّما مرّت عليه ذكرى ما. وأن يختلي مع نفسه في لحظة بالحنين إلى الماضي مهما كانت عيوبه ونقائصه. واعتبر كل اللحظات كهمسات أنين تغيب مع أول نداء يسمعه أو ضوء يتسلل إلى خلوته. وعن القصة يقول: "حين يقدس الحب الذي يجمع بين قلبين تنصهر الحواجز بين الأرواح، فيتآلف ما اختلف بينهما ويحتدم السياق نحو الإيثار". وتملك "الشروق" فقرة من الرواية جاء فيها: "حينما تنجب البراءة بطلا متأمّلا في ملامح الوجود، يدرك معنى الحرية بالنسبة للإنسان، يهتف في أذنيه ملاك الحب: أن سر إلى الطريق التي ستمجّد هدفك. في زمن الاستعمار الفرنسي للجزائر، سياسة القمع وتدنيس هوية الشعب، أين كانت تغيّر البراءة وجهتها نحو العبودية، فتفطم على غير إنسانيتها ليولد الصبيّ على فطرة الذّل والتهميش، سياسة فرنسة النسل الجزائري، تحقير شخصيته ورسم حدود بيّنة لحياة كلّ فرد. ولدت زهرة الأنثى العظيمة التي جاب حدسها معالم الكون، وغطّى تأمّلها مشارف التيه فشاع نور الحقيقة في بصيرتها، ثمّ ما لبث أن انعكست نظرتها كليّا للحياة التي تعيشها واسودّ الواقع في قلبها وهي ترى داء الذّل ينخر قلوب عشيرتها، حينها أورقت في ذهنها عديد التساؤلات. متى تشرق شمس الكرامة على وجوه أهل القرية؟ ما الفائدة من هذه الحياة إن كان موت الذّل آخر مطافها؟ أليس الأجدر أن يموت كلّ رجل من القرية موت بطل تعبّد له طريقين إما نحو الحرية أو الجنّة؟ أرادت زهرة أن تجسّد حلمها في شخص ينتزع وتد الذّل ليسقط العبودية، فتأتّى صبيّا يصغرها بعامين كان يصاحبها في الرعي، هو مهدي الذي كان يرى أولئك الرجال المسلحين يقصدون بيوت الأهالي، حاملين ما طاب لهم دون أن يلتفت للأمر...".