باتت الأملاك الوقفية والتي هي تحت وصاية وزارة الشؤون الدينية، بيئة استثمارية بامتياز، بعد الحراك الذي أحدثه وكلاء الأوقاف عبر مختلف ولايات الوطن، أين قاموا باسترجاع ومتابعة عديد الأملاك الوقفية، لاسيما بعد التسيّب الذي طالها أيّام العشرية السوداء، والتي تقدّر في مجملها بما فيها تلك التي يستولي عليها عديد المديرون دون حسيب ولا رقيب، بمئات مليارات السنتيمات، وذلك بعد كرائها واستغلالها ل99 سنة بمبالغ زهيدة، وهو القطاع الوحيد بالوزارة الذي يضمن مداخيل فاقت العشرين مليار سنتيم سنويا، ولا يتم الاهتمام به، ناهيك عن التهميش الذي يطال الوكلاء أنفسهم. رغم حساسية عملهم، وكذا الجهود المعتبرة والمتواصلة لوكلاء الأوقاف عبر الوطن، من خلال مهامهم الكبيرة، أين يقوم وكيل أوقاف واحد بمتابعة كل الأملاك الوقفية عبر ولايته، بكرائها ومتابعة ديونها، ومراسلة متقاعسيها ومقاضاتهم، بالإضافة إلى البحث عن الأوقاف واكتشافها واستثمارها، وإرسال التقارير الدورية وضبطها، وكذا متابعة كل المساجد عبر الولاية، بدءا من تأسيسها، مرورا بحضور جلسات تسويتها المختلفة والمتعددة، ثم متابعة أشغال بنائها ومقاضاة من اعتدى عليها، وحتىّ دفع أتعاب المحامين الموكلة لهم متابعة كل القضايا عبر المحكمة، باعتبارهم الوكلاء المسؤولين عن المنازعات والمتابعات القانونية كونهم الممثل القانوني لإدارة الشؤون الدينية، بالإضافة إلى متابعة أموال الزكاة والقرض الحسن واللّجان القاعدية وصندوق الزكاة ومتابعة التحقيقات العقارية المختلفة ومهام أخرى تسند للوكلاء، وهو القطاع الوحيد بالوزارة الذي يضمن مداخيل فاقت العشرين مليار سنتيم سنويا، ولا يتم الاهتمام به، بل وأكثر من ذلك تهميش وكلاء الأوقاف، فكيف لأملاك وقفية تقدر بآلاف المليارات يتم امتلاكها من طرف مديرين، ومسؤولين في الوزارة دون رقيب ولا حسيب. وفوق كل هذا متابعة الزكاة والقرض الحسن واللجان القاعدية وصندوق الزكاة ومتابعة التحقيقات العقارية مراسلة الهيئات العقارية المختلفة، حتى يظن الظان أنهم موظفون لدى أملاك الدولة أو مسح الأراضي لكثرة ترددنا عليها، وتسجيل كل هذا في سجلات خاصة وحتى ما يتعلق بالرسم على القيمة المضافة، وعمل الجمعيات ومهام المهندسين أدرجوها ضمن مهام الوكلاء. وقد اجتمع الوكلاء ومفتشو الأوقاف عبر الوطن آخر هذه الاجتماعات، ذلك المنعقد بدار الإمام بالمحمدية بالعاصمة، والذي تمخض عنه جملة من النقاط والمطالب التي وعد ممثلو وزارة الشؤون الدينية بدراستها والتجاوب معها، غير أنّ شيئا من ذلك لم يحصل ليوم الناس هذا، رغم توجيه نسخ من البيان المصاغ وقتها للوزارة الوصية، وكذا رئيس الجمهورية بوتفليقة، وتلخصت النقاط المدرجة في هذا البيان في مطالبة الوكلاء بتصنيفهم في الصنف 13 والرئيسي في الصنف 15 والمفتش في الصنف وإنشاء مصلحة للأوقاف متكونة من مكتب للأوقاف، وآخر للزكاة وثالث للمنازعات في الهيكل التنظيمي للمديريات، وكذا تمكينهم من سكنات وظيفية إلزامية ومراجعة النظام التعويضي، وإضافة منح مهمة كمنحة التوثيق منحة البحث والتحصيل ومنحة الخطر ورفع المردودية، وكذا إشراك موظفي الأوقاف في البعثة المتعلقة بالحج، حيث يتم دائما تهميش هذه الفئة بشكل دائم رغم كفاءتها، كما طالبوا بتحسين الأجر الشهري لوكيل الأوقاف ووكيل الأوقاف الرئيسي ومفتش الأوقاف، وإنشاء ديوان وطني للأوقاف مع فرع ولائي للأوقاف في كل ولاية من الإيرادات السنوية لوكلاء ومفتشي الأوقاف، باعتبارهم يقومون بعمل ناظر للأوقاف. كما لم يغفلوا المطالبة بتعيين مدير الأوقاف ونوابه من أحد موظفي الأوقاف المشهود لهم بالكفاءة، مع إرسال وكلاء الأوقاف الأكفاء للتكوين بالخارج، بغية تحسين مستواهم وترقية التسيير هذا القطاع الحساس، ولم يخف هؤلاء أملهم في تحرّك الوزير الأول عبد المالك سلاّل، وكذا وزير القطاع بن عيسى، وأخذ مطالبهم مآخذ الجدّ لتركيز اهتمامهم على عملهم لرفع مداخل الوزارة الذي يبقى قابلا للتضعيف نظرا لكبير الأملاك الوقفية المهملة والتي تقدّر بمئات المليارات.