ازداد عدد مسلمي الروهينغا الذين يتركون ميانمار (بورما) عابرين الحدود إلى بنغلاديش في الفترة الأخيرة. وقالت الأممالمتحدة، الاثنين، إن نحو 22 ألف شخص عبروا الحدود إلى شرق بنغلاديش الأسبوع الماضي، وبذلك يبلغ عدد من غادروا ميانمار منذ اندلاع الأزمة قبل ثلاثة أشهر نحو 65 ألف شخص. ولا تزال ولاية راخين الشمالية منطقة عسكرية مغلقة. ويقول الجيش في ميانمار، إنه يستهدف فقط المتشددين المسلحين، ولكنه يواجه اتهامات على نطاق واسع باغتصاب النساء وقتل وتعذيب المدنيين من أقلية الروهينغا. وقد وصل إلى ميانمار مقررة الأممالمتحدة الخاصة، يانغهي لي، في زيارة تستمر 12 يوماً للتحقيق في تلك الاتهامات. ولكن، من هم الروهينغا وما مشكلتهم؟ يوصف مسلمو الروهينغا، بأنهم أكثر شعب مضطهد في العالم. ووصفت متحدثة باسم الأممالمتحدة وضع الروهينغا في عام 2009 بأنهم، على ما يحتمل، "أكثر شعب بلا أصدقاء في العالم". إذ إنهم يُرفضون من البلد الذي يقولون إنه وطنهم، ولا ترغب الدول المجاورة في إيوائهم، وهم أقلية بلا دولة، أرهقها الفقر، ولا يزالون يفرون من ميانمار منذ عقود. وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية للمرة الثانية هذا العام، إن ما يواجهه أفراد الروهينغا يبلغ حد الجريمة ضد الإنسانية. وقد شهد العام الماضي موجة نزوح كبيرة لأبناء الروهينغا. ويقول تون خين الذي يعمل في منظمة الروهينغا البورميين في بريطانيا، إنهم يواجهون أعمالاً وحشية جماعية على يد قوات الأمن في الجزء الشمالي من ولاية راخين. والروهينغا هم إحدى الأقليات العرقية الكثيرة في ميانمار، وهم يقولون إنهم ينتمون إلى نسل التجار العرب والجماعات الأخرى التي وفدت إلى المنطقة قبل أجيال. لكن الحكومة في ميانمار تحرمهم من الحصول على الجنسية، وترى أنهم مهاجرون غير قانونيين من بنغلاديش، وهذا هو رأي كثير من السكان في بورما فيهم. ويعرف تاريخ ميانمار - التي تسودها غالبية بوذية - بالقلاقل الطائفية، التي ربما سمح لها بالاشتعال، الحكم العسكري الديكتاتوري لعقود، وربما استغلها أيضاً. وكانت الحكومة قد شنت حملة لما سمته مكافحة التمرد، بعد مقتل تسعة من شرطة الحدود قرب مونغداو في هجوم نفذه متشددون في أوائل أكتوبر، لكن الروهينغا يقولون إنهم يستهدفون دون تمييز. وقد أجبر آلاف من أبناء الطائفة على العيش في مخيمات. ويقدر عدد من يعيشون منهم في غرب ولاية راخين - حيث يعدون أقلية كبيرة - بمليون شخص. وأدى اندلاع العنف الطائفي هناك في عام 2012 إلى نزوح أكثر من 10000 شخص، ولكن لا يزال مئات الآلاف منهم يعيشون في مخيمات بالية حيث لا يستطيعون السفر بسهولة. ولم يتغير شيء بالنسبة لأوضاع الروهينغا بعد تولي حزب أونغ سان سو كي - الحائزة على جائزة نوبل للسلام - للسلطة في انتخابات تاريخية فتح فيها المجال لأول مرة للتنافس منذ 25 عاماً. وأدى عدم تنديد سو كي بموجة العنف الحالية إلى إثارة الغضب، بحسب ما يقوله بعض المراقبين. وقالت سو كي في مقابلة مع محطة تلفزيون في سنغافورة: "لا أقول إنه ليس هناك صعوبات. لكن ما يساعد هو أن يدرك الناس أن هناك صعوبات، ويركزوا على حلها، بدلاً من المبالغة فيها، فيبدو كل شيء أسوأ مما هو عليه بالفعل". ويقول تون خين، إن فشلها في عدم الدفاع عن الروهينغا كان مخيباً للآمال، مضيفاً أنها "تتستر على جريمة ارتكبها الجيش". ويقول مراقبون آخرون، إن وسائل الإعلام العالمية لم تستطع فهم الوضع المعقد في ولاية راخين، حيث يعيش أبناء الروهينغا جنباً إلى جنب البوذيين، من شعب الراخين الذين يمثلون الغالبية هناك. ويرى باحثون أنهم أكثر الأقليات تهميشاً في ميانمار، ولكن وسائل الإعلام تغفلهم، وتتعاطف فقط مع طرف واحد. لكن آخرين يرفضون وجهة النظر تلك، ويقولون إنه في الوقت الذي يواجه فيها أبناء طائفة الراخين البوذيون الحرمان، فإن الحل لا يكون بإعلان أن هناك طائفة أخرى تواجه ظروفاً أسوأ. وسعياً من سو كي إلى مواجهة المشكلة شكلت لجنة خاصة - مؤلفة فقط من أعضاء من ميانمار ويرأسها جنرال سابق يشغل حالياً منصب نائب الرئيس، وتضم أيضاً رئيس قوات الشرطة - للتحقيق في موجة العنف الحالي في ولاية راخين، لكن مراسلين يقولون إنها ستخيب آمال الكثيرين، مطالبين بتحقيق محايد وذي مصداقية. ومن المعهود في منطقة جنوب شرق آسيا، ألا تنتقد الدول جاراتها في شأن من شؤونها الداخلية. وهذا مبدأ أساسي تتبناه منظمة آسيان. لكن موجة العنف الأخيرة أثارت انتقادات من قبل إندونيسيا وماليزيا. وتقول منظمة العفو الدولية، إن مئات الفارين من أبناء الروهينغا اعتقلوا في بنغلاديش، وأجبروا على العودة إلى مصير غير واضح، خلال الأسابيع الأخيرة. ولا تعترف بنغلاديش بأن الروهينغا لاجئون، ويعتقد أن هناك مئات الآلاف يعيشون هناك من أبناء الروهينغا غير المسجلين.