أكدت المحامية المخضرمة "فاطمة الزهراء بن براهم"، الثلاثاء" عن بدء حراك لكشف حقيقة الجرائم التي ارتكبت ضدّ ثمانية آلاف مفقود قضوا في معركة الجزائر التي كان حي القصبة الشعبي وسط العاصمة مسرحا لها بين السابع جانفي والتاسع أكتوبر 1957. في مداخلتها بمنتدى الذاكرة للزميلة "المجاهد"، ذكرت "بن براهم" أنّ هناك "إرادة سياسية واضحة" لإدراج ملف مفقودي معركة الجزائر مع ملف التفجيرات النووية برقان، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية على لسان الحقوقية قولها: "بعد 60 عاما عما وقع، يجب التفكير في وضع معايير مراقبة جديدة للتعرف على المفقودين وإثبات جرم الاستعمار الفرنسي في حق المدنيين العزل"، ولن يتأت ذلك -حسبها- إلا ب "تبني أدوات عمل" تسهّل المهمة التي وضفتها ب "الصعبة".
إستراتيجية الثامن ماي القادم أفادت "بن براهم" أنّه سيتم الإعلان في غضون الأشهر المقبلة عن تفاصيل إستراتيجية العمل ضمن مساعي إرغام فرنسا بالاعتراف وإثبات جرائمها بالأدلة والشهود والوثائق، وأوعزت إنّ ذلك سيكون ذلك بمناسبة الذكرى 72 لمجازر الثامن ماي 1945 التي ستحييها الجزائر بعد 69 يوما من الآن. ولفتت المتحدثة: "بعد انقضاء ستة عقود على معركة الجزائر، علينا اليوم قراءة أحداثها من وجهة نظر قانونية وعدم الاكتفاء بسرد الوقائع التاريخية كما جرت العادة"، وتابعت: "فرنسا واجهت انتفاضة الجزائريين ضدها بوضع ترسانة قوانين حرمت الجزائريين من أبسط الحقوق، بدءً من قانون 56-258 الصادر في 16 مارس 1956 الذي عمّم التعذيب على الجزائريين بحجة "إجراءات استثنائية لاستعادة النظام" و"حماية الأشخاص والممتلكات والإقليم". وأحالت "بن براهم" على قانون 17 مارس 1956 الذي أقرّ بمنح "البوليس الفرنسي" سلطة عسكرية أكبر، وذلك بإلحاقه بالجيش الفرنسي ووضعه تحت سلطة الجنرال "ماسو" بهدف القضاء على ما اصطلح عليه ب "معركة الجزائر". وشددت المحامية في السياق ذاته على نظام الاستعلامات الذي تبناه "ماسو" ومعاونيه من شاكلة "مارسال بيجار"، "إيف غودار"، "بول أوساريس" وغيرهم، وهو النظام الذي اعتمد على الاختفاءات القسرية التي شكلت لاحقا انزعاج وقلق بعض الكوادر العسكرية الفرنسية آنذاك على غرار "بول تيتغن" الأمين العام للبوليس الفرنسي بمحافظة الجزائر، آنذاك.
معركة الجزائر 2017 أوضحت "بن براهم" أنّ معركة الجزائر اليوم هي "معركة قوانين"، مشيرة أنّ ثمة كثير من الأدلة والشهادات لجنرالات فرنسا اعترفوا فيها بجرائم الحرب المقترفة بأمر من قائدهم العام وهو الجنرال "ديغول". وانتهت "بن براهم" إلى أنّ الهدف ليس "محاكمة الأشخاص" بقدر ما هو الدفاع عن "فكرة جريمة الدولة" التي بدأت مع المحامي الفرنسي الراحل "جاك فرجاس" (5 مارس 1925- 15 أوت 2013)، وأردفت المحامية أنّ مصادقة فرنسا على معاهدة روما 1998، هي بمثابة "وسيلة ضغط" على فرنسا التي اعترفت أنّ الجرائم ضد الإنسانية لا تتقادم، وأنه بإمكان الجزائر اليوم السعي في هذا الطرح.