عرضت بالمكتبة الوطنية "الحامة" لأول مرّة ال650 وثيقة تاريخية التي اقتنتها الجزائر مؤخرا في مزاد علني بفرنسا، بعد منافسة شرسة مع الأقدام السوداء واليهود ومؤسسات فرنسية وجامعي المخطوطات النادرة. وطاف الأربعاء، الوزيران ميهوبي ومحمد عيسى بأجنحة المعرض قرابة الساعة وتوقفا عند مؤلفات ومخطوطات نادرة لصور وخرائط ورسائل وكتب قديمة تعود إلى الفترة العثمانية والحقبة الاستعمارية الفرنسية بالجزائر منها "تاريخ الجزائر في 1871" لغابريال إيكوار، ويضم رسائل ضباط فرنسيين إلى الأمير عبد القادر، "الجزائر تاريخ المعالم: قسنطينة" كتبه في 1843 بارييغر، "تاريخ الجزائر العام" لهنري غاروت، ومؤلف آخر بعنوان "عبر الصحراء" لإيغات (1945-1950)، إضافة إلى كتاب يضم صورا موثقة بالإسبانية لأمير البحرية خير الدين بربروس، ومخطوط "نظرة على الجزائر" عبارة عن صور ملتقطة للعاصمة ومينائها في الفترة من 1864 إلى 1880. وكذا كتاب "صفحات الاسلام" قدمته إيزابيل بيل هارت (برايس).. وغيرها. وأثناء جولة ميهوبي ومحمد عيسى توقفنا عند نوادر كثيرة أبرزها "الزي الإسلامي الجزائري" لجورج مارسيس ويتعلق بالمرحلة (1830-1930) صادر عن منشورات "بولون" الفرنسية. وقال بخصوصه ميهوبي أنّه وثيقة مهمة يمكن استغلالها في السينما باعتبارها تعطي نظرة حول لباس الجزائريين في تلك الفترة. وقال ميهوبي على هامش المعرض أنّ ما سعت إليه الجزائر حققته وتحصلت على رصيد هائل من الأرشيف الذي يجسد الفترة العثمانية وفترة الاحتلال الفرنسي وبعض الفترات المتأخرة من التاريخ. واضاف أنّ كل هذه الوثائق المعروضة لها قيمة تاريخية وعلمية وثقافية مهمة وستوضع بين أيدي الباحثين والمختصين والدارسين، كما يمكن أن تكون في متناول السينمائيين لللاستفادة من مضامينها العلمية والاستلهام منها نمط الحياة الاجتماعية والأزياء في تلك الحقب التاريخية. وأشار ميهوبي أنّ هذه الوثائق والكتب عتيقة تؤرخ بدقة للعهد العثماني والاحتلال الفرنسي ويشكل بعضها نقاط ظل في المرحلة العثمانية على غرار مراسلات الدايات ومذكرات بعض قادة الاحتلال الفرنسي والرحالة الذين عاشوا فترة في الجزائر وكذا شهادات وثقها أيضا بعض الفنانين الرسامين. وأكدّ المتحدث أنّ الوزارة ستقوم بعملية تصويرها بالضوء ورقمنتها حتّى لا تتعرض للتلف جراء لمسها المتكرر. كما ستوثق وتصنف وترتب زمنيا مع كتابة ملخصات لمضامينها. وفي السياق، شدد ميهوبي أنّ الدولة الجزائرية ستعمل على استعادة أي أرشيف وفي أي مكان وبكل الوسائل الدبلوماسية والثقافية والتجارية. واعتبر: "قطعنا شوطا كبيرا في كتابة تاريخنا الجزائري لتمكين الباحثين من وضع معالم جزائرية للتاريخ ونحن بحاجة إلى مدرسة تكتب التاريخ بأقلام جزائرية ووفق المصلحة الوطنية وهذه المرجعيات التي نريدها".