يبلغ عمر الفضائيات العربية الآن عشرون عاما، حيث كانت الفضائية المصرية أول من سافرت إلى مختلف الأقطار العربية عام 1990 وتلتها الأم بي سي عام 1991.. ويبلغ عدد الفضائيات العربية في آخر إحصاء أجري منذ شهر فقط 696 قناة تبث عبر 17 قمرا صناعيا يتابعها ما لا يقل عن 150 مليون مشاهد عربي حسب الاستخبارات الأمريكية.. فماذا قدمت هذه القنوات الكثيرة جدا ضمن 13 ألف قناة فضائية في العالم خلال القرصنة الصهيونية ضد أسطول الحرية؟ وكيف سهر 150 مليون مشاهد بعد الحادثة؟ "التيلي كوموند" الذي سافر ليلة أول أمس إلى فجر نهار أمس يجيب لوحده عن هذا السؤال المحرج بإجابات أكثر إحراجا. إذا استثنينا بعض الفضائيات الإخبارية مثل الجزيرة والعربية والأقصى والمنار، فإن معظم الفضائيات العربية بثت برامجها بشكل عادي.. رغم أن التركيز على أفلام عادل إمام سهرة أول أمس لم يكن إطلاقا بريئا، إذ قدمت معظم القنوات المصرية أفلاما كوميدية لا تليق بالحدث مثل قناة سيما التي سهّرت مشاهديها مع فيلم الإرهابي من بطولة عادل إمام في عز الإرهاب الإسرائيلي، كما قدمت ميلودي أفلام، فيلم اللعب مع الكبار من بطولة عادل إمام وحسين فهمي، وغيّرت روتانا سينما الضحك بالضحك، حيث عرضت فيلم "وش إجرام" من بطولة محمد هنيدي.. أما القناة المصرية الحكومية التي تفتخر في كل مناسبة ومن دون مناسبة بكونها أول فضائية عربية تاريخا ومحتوى فشغلتها إنتخابات مجلس الشعب المصري وكان حديثها عن أحداث القرصنة الإسرائيلية أقل حدة مما قدمته معظم الفضائيات الإسرائيلية وذكرتنا بالثورة التي أعلنتها "المصرية والأولى" وهما قناتين حكوميتين على الجزائر منذ 19 نوفمبر من السنة الماضية على خلفية هزيمة كروية وليس عسكرية.. وباستثناء نيل لايف التي قدمت برنامجا خجولا بعنوان في قلب مصر استضافت فيه محمد دحلان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح فإن كل القنوات المصرية عمومية وخاصة كانت غارقة في هموم أخرى مثل المحور التي خاضت في برنامجها اليومي تسعين دقيقة في سحب الثقة من نقيب المحامين المصريين.. وحاولت الحياة أن تغالط الرأي العام في طرحها لموضوع عن دور مصر الإقليمي، حيث ركزت على الخطر الإيراني وقالت.. يجب عدم الثقة في إيران بمجرد أنها غيّرت إسم أحد شوارع طهران الذي كان يحمل إسم خالد الإسلامبولي الذي اغتال الرئيس المصري السابق أنور السادات وطلبت بالحذر من المد الفارسي.. وفاجأتنا قناة أمبي سي بعرض حوار مطول جدا مع الفنانة صباح التي بدت طفلة في السادسة عشرة رغم أنها من مواليد 10 نوفمبر1927 "83 سنة"، أي قبل قيام الدولة العبرية بواحد وعشرين سنة، وكالعادة بقيت فضائيات الأفلام مصرّة على الضحك على ذقون المشاهدين، حيث قدمت موغا كوميدي مسرحية هزلية لسمير غانم وروتانا سينما فيلم هزلي لمحمد هنيدي بعنوان "فول الصين العظيم".. ولم تقدم مختلف الفضائيات العربية الأخرى بما فيها الجزائرية ما يثلج الصدر ويبيّن أنها مهمومة بألم سكان غزة الذين تبخرت آمالهم في مدّهم بشريان الحياة، حيث واصل التلفزيون الأردني بث مسلسل "أنا قلبي دليلي" الذي يروي سيرة الفنانة اليهودية الأصل ليلى مراد. أما المهزلة الحقيقية فكانت في الكثير من الفضائيات التي تسمي نفسها بالدينية والتي كانت برامجها المباشرة وليس المسجلة فقط تصب في أمور بعيدة عن الحدث، حيث أكمل الذي يسمي نفسه الدكتور الهاشمي في قناة الحقيقة وصفات الرقية التي تبعد الإنسان العربي عن الحسد؟ وأجابت الرسالة على المباشر على أسئلة متفرجيها التي اهتمت بالوضوء والطلاق وكل القضايا، إلا التحرشات الصهيونية، وسافرت الواحة بمتفرجيها إلى روعة العمارة الإسلامية وبقيت "الحافظ والمجد والناس" في شؤون أخرى وكأنها ليست فضائيات تتأثر بما يجري في العالم.