عندما وصف أحمد عطاف، وزير خارجية حكومة أحمد أويحيى الأولى لعام 1995، "العقد الوطني" الذي شارك فيه الرئيس الأسبق أحمد بن بلة والزعيم حسين آيت أحمد إلى جانب عبد الحميد مهري وشخصيات إسلامية ووطنية، ب"اللاّحدث"، لم يدرك أن هذا "اللاّحدث" يصير برنامج الرئيس بوتفليقة ويصبح أويحيى أحد منفّذيه، وها هو اليوم يصف ما قام به فرحات مهني ب"إعلان حكومة مؤقتة لحكم ذاتي في منطقة القبائل" ب"الضجيج" وتصفه أحزاب في المنطقة ب"لاحدث"، بالرغم من تنبيه آيت أحمد الرأي العام إلى خطورة هذا الحدث. فماذا سيكون موقف الحكومة إذا صار "الضجيج" واقعا واللاّحدث حدثا؟ ومن يقف وراء فرحات مهني؟. * كاري لويس "القبائلي"؟! * يحمل السيد فرحات مهني جواز سفر جزائريا، وآخر فرنسيا باسم (كاري لويس) بعد إنشائه "الحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل" التي شرحها في كتابه (المسألة القبائلية) الصادر في باريس عام 2004. وبالرغم من أنه من مواليد شهر استشهاد عميروش في 5 مارس 1951 إلا أنه فضل شهر الهزائم والانقلابات ليعلن عن تشكيل حكومته في 2 جوان 2010 لتقود شعب القبائل الذي وصفهم ب(يهود جدد)! * وبالرغم من أنه كان أحد مؤسسي "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" إلى جانب مصطفى باشا ومقران آيت العربي، وسعيد سعدي، إلا أنه يعتبر نفسه قائدا للحركة البربرية التي ظهرت عام 1980، وأن الرئيس السابق الشاذلي بن جديد أصدر عفوا عنه عام 1987، إلا أنه كاد يورّط الرئيس اليامين زروال عام 1995 حين قرر استقبال أعضاء الحركة البربرية، لولا أن مستشاريه نصحوه بعدم استقبال حركة لا تعترف بالدولة الجزائرية، وغير معتمدة رسميا، مما جعل الرئيس زروال يتراجع عن وعوده "البربرية" آنذاك. * بدأ فرحات مهني مغنّيا في فرقة (الأمازيغ) عام 1973 وحين فشل في منافسة آيت منڤلات توجه نحو السياسة. * يقال إنه زار باسم "كاري لويس" إسرائيل مرتين، وأنه يحظى بالدعم الصهيوني في باريس، وبعض الأنظمة العربية، خاصة وأنه أول جزائري يحمل مشروع المطالبة بانفصال المنطقة القبائلية عن الجزائر، وهي الفكرة التي حاولت فرنسا التركيز عليها في إنشاء حزب قبائلي (داخل حزب الشعب) وأنشأت إذاعة خاصة بالمنطقة عام 1949م. * وهو لا يكتفي بوصف القبائل ب(اليهود الجدد) وإنما يذهب إلى وصفه حركة البوليزاريو ب(الحركة الإرهابية) ويعتبر الصحراء الغربية ومطالب الشعب الصحراوي مطالب مغربية، وهو ضد حق الشعوب في تقرير المصير، في الوقت الذي يطالب فيه بما يسمى بحق القبائل في تقرير المصير؟! * فهل "كاري لويس" هو قبائلي أم مجرد فرنسي من أصول قبائلية؟ ولماذا تتستر عنه أحزاب المنطقة، باستثناء الدا الحسين؟ * * أكذوبة "اليهود الجدد"! * هناك نوعان من الكذب: كذب للاستهلاك المحلي وهو "إنشاء حكومة" من أجل المنطقة القبائلية، وهو حسب تصريح قيادي في حزب المنطقة "يعقد المشكلة"، وكأن هناك مشكلة في الجزائر اسمها المنطقة القبائلية مقارنة بالمنطقة الميزابية والمذهب الإباضي. * وهناك كذب للاستهلاك الخارجي وهو الادعاء بأن الجزائر "تنكر وجود القبائل وتتعدى على كرامتهم وتمارس التمييز ضدهم وتمنعهم من التعبير عن هويتهم ولغتهم وثقافتهم". * وهو يلغى المحافظة السامية للغة الأمازيغية واعتراف الدستور بالأمازيغية لغة وطنية وإقحامها في المدارس إلى جانب الفرنسية كضرتين للغة العربية. * وما لا يقال هو أن المنطقة القبائلية صارت "هوية" للنهب والابتزاز للأحزاب والجمعيات التي تنسب إليها، فجميع أشكال التمرّد على السلطة والاستغلال حوّلتها إلى "سلطة" داخل السلطة، بحيث ابتدعت فيها فكرة (العروش). وعدم دفع الضرائب والاستهلاك المجاني للكهرباء والغاز، ومنع الوجود الفعلي للدرك بالمنطقة، مما أخر المنطقة وحوّلها إلى منطقة يتجنّب المسافرون المرور بها أو السياحة بها، وهو ما دفع بالجماعات الإسلامية المسلحة إلى الانتشار في الجبال المحيطة بها واغتيال أبناء الخدمة الوطنية. * والمفارقة أن بعض الجماعات الإرهابية لجأت إلى "قيادات قبائلية" حتى تتنقل بالمنطقة وتقيم كمائن للجيش، وهو ما جعل المسيحية تتغلغل داخل المنطقة تحت مسميات مختلفة، وجعل بعض الأحزاب تمنع إنشاء مساجد بالمنطقة، بل إنني أعرف كتّابا من المنطقة من أصول قبائلية تعرضوا للتهديد، لأنهم حذروا من الخطر القادم وهو تفكيك وحدة المجتمع القبائلي. * إنه من حق كاري لويس الفرنسي أو فرحات مهني الجزائري أن يكون مواليا لفرنسا وإسرائيل، وأن يحمل الكراهية للإسلام والمسلمين، ولكن ليس من حق المجتمع المدني بالمنطقة القبائلية أن تسكت إزاء وصف القبائل ب(اليهود الجدد) أو الإساءة إلى البلاد. * إن الخطر القادم ليس في تشكيل "حكومة في المنفى ل"يهود جدد" حسب تعبير فرحات مهني ولكن هو أن يصير أمثال فرحات مهني وصمة عار في تاريخ المنطقة أو أن يقتدي به آخرون في مناطق أخرى وعندئد يصير وصمة عار في جيش الحكومة. * المؤكد أن حكومة "كاري لويس" أو فرحات مهني، ستكون نهايتها كجمعية الصداقة الجزائرية الإسرائيلية، والأكثر تأكيدا هو أن هناك "كاريين جدد" ليهود جدد ربما يظهرون في ولايات أخرى مادامت الحكومة تعتبرهم "مجرد ضجيج" ويعتبرهم غيرها مجرد "لا حدث". * وللحديث بقية...