المدعو جمال غيبوب لما بلغ المدعو جمال غيبوب سن الثانية والأربعين من العمر، انتهى إلى مسامعه أن هويته الحقيقية ليست الهوية المسجلة في شهادة ميلاده بالاسم المذكور... وبعد بحثه تبين له أن نسبه هو الثابت في شهادة ميلاده بمدينة بوار، في جمهورية إفريقيا الوسطى، من أب عسكري فرنسي الجنسية يدعى كوزان روبار، وأم تدعى س جغلافي من بسكرة، جزائرية وأصلية الجنسية. وعلى ضوء المعطيات الجديدة المتوافرة لديه، شرع في تسوية وضعية نسبه، لكنه اصطدم بما لم يكن يتوقعه، حيث أسفرت مساعيه عن اتهامه بجرم التزوير وإدانته بالحبس النافذ مدة 6 أشهر، و6 أخرى موقوفة، فما حكاية هذه القضية التي استعصى علينا فك ألغازها، وإيصالها إلى القراء بكل وضوح؟ يجهل جمال الظروف التي ربطت في أواخر الخمسينيات بمنطقة "البرانيس" بين أمه المنحدرة من راس الميعاد، غرب بسكرة، ووالده العسكري الفرنسي كوزان روبار، لكن الثابت والمؤكد بحسب روايته، أن شهودا أكدوا حصول الزواج بينهما دون عقد قانوني، لظروف غير مواتية في الحقبة الاستعمارية، وأنجبا الأخ الأكبر لجمال في البرانيس، حسب شهادة ميلاد صادرة عن البلدية المذكورة بالفرنسية، باسم جغلافي باتريك أو بدر الدين، وبعد تنقل العائلة إلى جمهورية إفريقيا الوسطى، جاء جمال إلى هذه الحياة ومنحته أمه لقبها جغلافي، وهو ما ثبت في شهادة اعتراف صادرة بتاريخ 19 ماي 2004 عن القنصلية العامة الفرنسية ببانغي، وأثمرت مساعيه أنْ وافاه والده بحكم قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية الكبرى بمحافظة بوار، يفيد بأن المدعو جغلافي ميشال أو جمال ولد فعلا بتاريخ أول جويلية 1962 ببوار، لأبيه كوزان روبار وأمه س جغلافي، وكليهما من جنسية فرنسية بحسب منطوق الحكم. لكن ما خلفية سعيه وراء هذه الوثائق إن لم يكن السعي لتسوية وتأكيد هويته الحقيقية، بعدما نطقت والدته بالحقيقة الغائبة عنه لمد 42 سنة؟ فالذي حصل بحسب رواية صهره نبيل أنه بعد ميلاده في إفريقيا الوسطى، تنقلت الأم والأبناء إلى فرنسا، بينما بقي الأب مواصلا مهمته، ومن فرنسا عادت الأم إلى الجزائر رفقة ولديها، فأشير لها أن تجد من تنسبهما إليه، فوجدت المدعو بن غيبوب، المتوفى عام 1967 وأصبح اسم جغلافي ميشال كوزان روبار جمال غيبوب، المسجل في الحالة المدنية ببسكرة أنه ولد في7 أوت 1962، وفي شهادة ميلاد أخرى تفيد أن تاريخ ميلاده هو 25 أوت 1962 طبقا لحكم صادر من المحكمة سنة 1971، أي بعد مرور أربع سنوات عن وفاة من نسبه إليه، أما شهادته المدرسية الصادرة في جوان 76، فتفيد بأنه ولد في 26 أوت، وأن اسمه جمال جغلافي وليس غيبوب، ما يعني أن إجراءات الانتساب لم تكتمل، وعليه يسأل الراوي عن حقيقة وجود حكم قضائي من عدمه، بعدما تعذر عليه الحصول عليه، والغريب في الأمر يضيف الراوي كيف يحصل شقيقه على شهادة ميلاد دون ذكر اسم الأب ولا لقب واسم من نسبها إليه؟ بل جاء فيها لقب الأم وكيف لا تكون الشهادة باسم غيبوب مادام ثمة حكم قضائي؟ لقد سعى صاحب هذه الحكاية إلى التعرف على والده سنة 2004 عبر قناة تلفزيونية فرنسية، فتمكن من فتح قناة اتصال به بالبريد العادي، وبحصوله على الوثائق التي تؤكد نسبه إليه باشر صهره نبيل مهمة تسوية حالته المدنية، بإلغاء الانتساب إلى المسمى غيبوب، وقضت المحكمة الابتدائية بذلك، لكن ممثل النيابة استأنف لدى المجلس هذا الأخير، وقضى برفض الدعوى لانعدام الصفة. وانتهى الفصل الأول من هذه الحكاية التي تحتاج إلى سيناريست بارع لتحويلها إلى فيلم، باستدعاء صاحبها وسماعه، متهما بالتزوير، حيث أدانته المحكمة بعقوبة الحبس النافذ لمدة 6 اشهر و6 أخرى مع وقف التنفيذ، وقد استأنف أمام المجلس، على أن يمثل للمحاكمة في هذا الشهر. ولسان حاله: ما ذنبي في وثائق إدارية ليس لي فيها أي ضلع؟