تسببت الأحداث التي عاشتها الحكومة، هذه الصائفة، في حدوث ازدحام في أجندة الجهاز التنفيذي، ما تسبب في دحرجة بعض المشاريع ومنها مشروع قانون المالية 2018، الذي يجب أن يحسم فيه قبل نهاية السنة. ففي ظرف ثلاثة أشهر فقط، تغيرت الحكومة ثلاث مرات، فعبد المالك سلال غادر الحكومة في ماي، ليحل محله عبد المجيد تبون، ثم لم يلبث هذا الأخير أن غادر الجهاز التنفيذي في ظروف خاصة في أوت المنصرم، ليحل محله المتردد دائما على قصر الدكتور سعدان، أحمد اويحيى، يضاف إلى ذلك استحقاقات أخرى لا تزال قيد التحضير، مثل الثلاثية التي كانت مقررة في نهاية الشهر المنصرم، ومشروع قانون القرض والنقد، وكذا التحضير للانتخابات المحلية المرتقبة في ال23 نوفمبر المقبل. فقد ناقش أعضاء غرفتي البرلمان مخطط عمل حكومة تبون في بداية الصيف، ثم لم يلبثوا أن عادوا مباشرة من عطلتهم السنوية، ليجدوا مخطط عمل حكومة أحمد أويحيى في انتظارهم.. وهم اليوم في انتظار مناقشة مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، والذي لا يزال مجرد مشروع على مستوى الجهاز التنفيذي ينتظر المصادقة الأولية، وقبل ذلك يجب أن يحسم في مشروع قانون القرض والنقد. وقد برمجت المصادقة على مشروع قانون المالية المقبل على مستوى مجلس الوزراء غدا الأربعاء في الاجتماع الذي يترأسه الرئيس بوتفليقة في ثاني ظهور رسمي له في مدة أقل من شهر، ما يعني أن وصول المشروع إلى الغرفة السفلى للبرلمان سيتأخر على غير العادة، أما مناقشته فستأخذ وقتا أطول بالنظر إلى القنوات التي سيمر عليها. ومعلوم أن مشروع قانون المالية ينطوي على حساسية كبيرة، بالنظر لما يتضمنه من تدابير تنعكس مباشرة على الحياة اليومية للمواطن، من ضرائب ورسوم وارتفاعات في أسعار بعض المواد الواسعة الاستهلاك، وهو ما يحتم على الوزراء نزول كل واحد على حدا، لعرض مشروع قطاعه على لجنة برلمانية مختصة، تمهيدا لإعداد التقرير التمهيدي الذي سيوضع بين أيدي النواب عند مناقشة المشروع. وإن كان مخططا عمل حكومتي تبون ومن بعده أويحيى، مرا من دون ضجيج، نظرا لخصوصية هذا الإجراء الذي لا يقدم قرارات ملموسة، بقدر ما يعرض خطوط عريضة لسياسة الحكومة الجديدة، فإن مشروع قانون المالية، عادة ما يشهد جدلا داخل قبتي البرلمان، تتحكم فيه مدى شعبية القرارات التي ينوي الجهاز التنفيذي مباشرته خلال السنة الموالية. ومن هذا الجانب، يبدو مشروع قانون المالية 2018 أكثر إثارة للجدل، مقارنة بالقوانين التي سبقته وبدرجة أقل قانون 2017، الذي تضمن الكثير من أوجه الشبه مع القانون الحالي، لا سيما ما تعلق بالقرارات التي تضيف أعباء جديدة على كاهل المواطن، ما يؤشر على إمكانية وقوع صدام بين البرلمان والحكومة، حتى وإن كانت الأغلبية البرلمانية داعمة لحكومة أحمد أويحيى. وتبرز القرارات غير الشعبوية المنتظرة في المشروع الجديد، ولعل في مقدمتها الزيادات التي أدرجت على أسعار الوقود، وكذا الزيادات المتوقعة على أسعار بعض الطوابع والرسوم الجزافية، الخاصة ببعض الوثائق الرسمية مثل شهادة السياقة والبطاقة الرمادية، وهي تدابير من شأنها أن تشعل النقاش داخل مبنى زيغود يوسف، خاصة من قبل نواب المعارضة، الذين سيحاولون تبرئة ذمتهم أمام الرأي العام، عبر المداخلات المباشرة التي اعتاد التلفزيون العمومي نقلها.