نفى رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، عبد الوهاب دربال، أن يكون قد هاجم وزارة الداخلية والجماعات المحلية، وأكد أن بعض الذين نقلوا هذا الكلام أساءوا فهمه، واعترف دربال في الحوار الذي خص به "الشروق اليومي"، بأن بعض المترشحين الذين أسقطت اسماءهم من قبل غربال الإدارة، ظلموا، كما طالب بأحقية هيئته في التدخل قبل إصدار الإدارة قرارات بحق مترشحين، مشيرا إلى أنه وقف على حالات أخطأت فيها الإدارة كما قال. ما تقييمكم للمراحل التي قطعها التحضير للانتخابات المقبلة؟ أولا، الانتخابات المحلية تنطوي على خصوصيات بسبب ارتباطها بالحياة اليومية للمواطن مقارنة بالتشريعيات.. فهي تشهد كثرة المترشحين، كما أن طبيعة الترشح غالبا ما يحكمها النسيج الاجتماعي، فهناك من ترشحه القبيلة أو الزمالة، وقد تغيب القناعة السياسة أحيانا نظرا لطبيعة هذه الانتخابات. وعلى مستوانا، قمنا بندوات جهوية في 48 ولاية بحضور مختصين من الإدارة والقضاء وأعضاء الهيئة، حتى يلتقي الجميع عند فهم واحد للنصوص، والتطبيق، فتقل الشكاوى والإخطارات، وهذا مؤشر ايجابي، لأنه أعطى نتيجة. وبخصوص قضية التوقيعات، فقد طرحت لنا مشكلة، لاسيما ما تعلق بنسبة الأربعة بالمائة التي تضمنها قانون الانتخابات.. سياسيا تبدو منطقية، لأنها تحرم من التنافس السياسي، لكن من الناحية القانونية تبدو عكس ذلك، ولذا قلنا يجب مراجعة القانون الانتخابي بما يعكس التطور الثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد، فكلما تسايرت هذه الأبعاد يكون النجاح والتطوير، وكلما تطور المجتمع يتطور القانون، هذه الملاحظة سجلناها عندما اقترحنا مراجعة قانون الانتخابات. وفيما يتعلق بإيداع الترشيحات، فالقانون ينص حسب المادة 75 على أن الإيداع نهائي، ولا يُستبدل الترتيب إلا في الحالات الطارئة كالوفاة أو الضرورة وهنا يعوض المترشح بآخر في مكانه ولا يعاد الترتيب. هناك كلام عن وجود حركة في الترتيب، لكن لا يوجد شيء ملموس. أنا لا شكك في نية الأشخاص، لكن نحكم على ما يثبت وليس على النوايا.
ما هي أهم الملاحظات التي سجلتموها على المرحلة الأولى من العملية الانتخابية؟ بالتأكيد لدينا ملاحظات، لأن هناك حديثا في الصحافة، وكأن الصحافيين لم يفهموا قصدي أو لم يريدوا فهمي. لم أهاجم وزارة الداخلية على الإطلاق، وإنما لدي رأي واحد، وقلت إن وزارة الداخلية بعد إدخال التكنولوجيات حققنا نتائج معتبرة وغير متوقعة، خاصة فيما تعلق بتطهيرالسجلات من الوفيات، وكذا التسجيل المزدوج، لكن عند مراقبتنا والنزول إلى الميدان، لاحظنا أن الهيئة الناخبة مستخرجة من الحالة المدنية، وهذه الأخيرة لا تزال ورشة منذ عشر سنوات.. نحن أردنا المساهمة مع إخواننا في وزارة الداخلية في تنقية هذه السجلات لا أكثر ولم نهاجم وزارة الداخلية.
ما تعليقكم على ما أثير عن اتهام البعض ل"الأفلان" بتغيير قوائم مرشحيه خارج الآجال القانونية؟ سمعت هذا الكلام أيضا وتلقيته مكتوبا أو يقال عن طريق أصدقاء. لا استطيع تكذيب الناس. إذا كان ما قيل تم خارج القانون فهذا يعتبر جريمة في القانون الجنائي وعلى النائب العام أن يتحرك. هناك من يقول ان الهيئة بدون صلاحيات فلماذا يشتكون إليها؟ وحتى نكون منطقيين وعمليين فيما هو صلاحيات للهيئة لن نتوانى فيه بغض النظر عمن يرفع الشكوى معارضة كانت أم موالاة، لا يهم الشخص وإنما صاحب الحق. سمعت كلاما بهذا الخصوص، لكن زرت الكثير من الولايات وقابلت ولاة فأكدوا لي بأنهم طبقوا القانون فقط. نعم، هناك استبدالات، لسبب قانوني.. لكن الحديث عن إعادة الترتيب غير صحيح، وأتمنى من كل من له إثباتات أن يقدمها، لأن الكلام بلا دليل يعتبر لغوا.
ماذا عن اتهام أحزاب لبعض الولاة بالتدخل في تشكيل القوائم؟ في الهيئة لم يصلنا شيء يقنعنا. هناك كلام في المقاهي والشوارع والفضاء الأزرق (فيسبوك)، لكن لا يمكنني تتبع الكلام.
ما تعليقكم على إسقاط الإدارة لمترشحين بسب مبررات مثل "خطر على النظام العام"؟ هذا الموضوع يجب أن نعطيه عناية كبيرة، لأنه مقلق، ويجب معالجته بهدوء، لأنني اشعر أحيانا أن بعض الحالات التي وضعت أمامي ظلمت، وأتكلم هنا بحرية وأريحية. الآن شروط الترشح موجودة في القانون وواضحة وعلى سبيل الحصر، وأحيانا شروط الترشح بعضها ظني الدلالة، يحتاج أكثر من تفسير، وهذا الموضوع لا أقوله تحايلا، بل درسته لطلبتي.. عندما يحتمل النص أكثر من دلالة فإن من يطبقه هي الإدارة ومن يقرأه هو القاضي الذي يفك النزاعات.. لذلك فمن يشعر بوقوع تجاوز بحقه عادة ما يحول ملفه إلى القضاء الإداري. وكل الحالات التي تلقتها الهيئة جاءت بعد صدور قرارات قضائية نهائية. وفي هذه الحالة لا يمكنني أن أفعل له شيئا، ولذا نطلب من الإدارة ألا تحوّل الملف مباشرة للعدالة، بل تعطينا الحق في القراءة، وقد فعلنا ذلك وأنقذنا الإدارة بعد ما وجدناها مخطئة في بعض الحالات، وطالبنا أن تمنح للهيئة فترة زمنية حتى نبدي رأينا، وفي حال ما إذا تأكد حدوث مخالفة، القانون واضح ويعطى لنا حق إصدار القرار.
يعتبر البعض عبارة "خطر على النظام العام" مطاطية يمكن ليّ رقبتها من طرف الإدارة؟ لدينا مشكلة في مبادئ القانون، أو بالأحرى، فهم القانون الإداري. فطبيعته عامة ولذلك صاحب الامتياز فيه هي الإدارة بحكم التعريف. ولذلك القانون يعطي للإدارة مبدأ الملاءمة، واحيانا من يطبق القرار الإداري يكون اكثر ملاءمة..
لكن هناك أحزابا تقول إن الإدارة لم تقدم مبررات وإنما عبارات تحتمل أكثر من فهم؟ عادة، عندما يقصى المترشح بقرار إداري يطعن لدى القضاء.. وأسوق هنا حالة مترشح حر، أسقط في 2012، ولما لجأ للقضاء أعيد وأصبح رئيس بلدية، لكن عندما ترشح في 2017 رفض ملفه من جديد لذات السبب. وهنا أتساءل ما هو القرار الإداري الصحيح، هل هو قرار 2012، أم قرار 2017؟ وهنا تصبح تساؤلات المترشحين جدية ولا نشكك في النوايا، ولهذا يجب أن تراجع صلاحيات الهيئة.
نحن أمام جدل سياسي وإعلامي بسبب هذه الإقصاءات، ألا يؤثر ذلك على مصداقية الانتخابات؟ مصداقية الانتخابات مرتبطة بمعالجة النقائص التي تحدثنا عنها، وليس بالعواطف. يجب تصليح الأمور. والغليان الذي تتحدثون عنه في الكثير من الأحيان غير مبرر، وأسبابه خاطئة، بدليل أن هناك احتجاجات لأشخاص رفضت ملفاتهم بالرغم من أنهم لم يقدموا تبريرهم إزاء الخدمة الوطنية، لذلك الإنسان يجب ألا يحكم على تظلمات المترشحين على أنها صحيحة جميعها.
الحملة الانتخابية على الأبواب.. ما هي الإجراءات التي ستتخذونها لدرء ما يمكن أن يعكر صفوها؟ لدينا إجراءات ستتخذها الهيئة الدائمة بخصوص القرعة والتوزيع الزمني والمكاني، وسنشترط أن يكون البرنامج دقيقا، يحدد خطاب المترشح، وألا يكون مجرد عنوان كبير، وسنلح على ضرورة ألا يتم التطرق إلى الحياة العائلية والشخصية للمترشحين، ولن نسمح بالتعرض لأعراض الناس والرموز الوطنية والثوابت أثناء الحملة، لأنها خط أحمر، ولن نكرر الأخطاء التي حصلت في التشريعيات، لأنه بات لدينا اليوم تجربة.
هيئتكم تتعرض للكثير من الانتقادات؟ الأحزاب شركاء أساسيون في العملية الانتخابية، ومن الطبيعي أن لا نرضي جميع الأحزاب الموجودة في الساحة والتي يفوق عددها السبعين، لكن نحن مقتنعون بما نفعل وأنا شخصيا مقتنع أخلاقيا ووطنيا بأن البلد في حاجة إلى تطوير المسار الانتخابي، ولذلك نقول لأعضاء الهيئة في كل مرة إننا في مهمة نضالية، لكن هذا الكلام قد لا يعجب الكثير.
هل أنتم متخوفون من العزوف يوم الاقتراع؟ كل الكلام الذي قلناه قد يبرر العزوف إذا لم تصلح الأمور وتراجع الاختلالات في وقتها، وفي هذه الحالة تصبح الانتخابات خارج دائرة اهتمام الناخبين. كما لا ننسى افتقار البعض للحس المدني وهذا يؤثر أيضا على العملية الانتخابية.