ما عجزت عن تنفيذه وزارة السياحة عبر عقود، حققه مجموعة شباب بأفكار وإمكانيات بسيطة... فالمتتبع لمختلف الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي الآونة الأخيرة، ينبهر من كَمّ العروض المقترحة حول السياحة الشتوية بالجزائر، فيما فتح آخرون صفحات كاملة للتعريف بأجمل المناطق بالجزائر شتاء، وكان إقبال السياح كبيرا، حسب تأكيد أصحاب وكالات سياحة. ازدهرت السياحة الشتوية مع تهاطل أولى قطرات الثلوج في فصل الخريف، حيث سارع الكثير من أصحاب الوكالات السياحية، إلى إطلاق عروض سياحية نحو مختلف المرتفعات عبر الولايات، على غرار جبال تيكجدة والشريعة وجبال البابور وجبال القروش وبني خطاب ومْسيد عيشة وأيضا سلسلة الونشريس... كما استثمر كثير من الشباب في تساقط الثلوج، وأطلقوا خدمات متنوعة، ومنها عرض لنادي التزحلق على جبال الشريعة، وآخرون أطلقوا تطبيقات سياحية على الإنترنت للأجانب والجزائريين، يعرضون فيها جمال الجزائر، ويؤكدون فيها استقبالهم الأجانب منذ نزولهم في المطار... ومن خلال تصفحنا عدة صفحات وموقع إلكترونية، لاحظنا تميز العروض وتنوعها، فبعض أصحاب الوكالات السياحية، أطلقوا عروضا سياحية للعائلات والأفراد، لقضاء يوم واحد أو عطلة نهاية الأسبوع. وتتراوح الأسعار بين 1000 دج وصولا حتى 2400 دج، مع اختلاف الخدمات المقترحة. إحدى الوكالات السياحية ببئر خادم بالعاصمة، أطلقت منذ بداية شهر سبتمبر الكثير من العروض في هذا الصدد، ومنها قضاء يوم الجمعة بجبال تيكجدة بمرافقة مرشد سياحي، وذلك بمبلغ 1000 دج للشخص. ولم تشر الوكالة في إعلانها إلى توفير خدمة الأكل. وينشط كثير من الشباب في الآونة الأخيرة بمجال السياحة، ومنهم ثلاثة شباب من العاصمة، دشنوا منذ سنة ما يعرف بوكالة سياحية إلكترونية، BluePrint Homes حيث يطلقون عروضهم على الإنترنت وعبرها يتم تسجيل الراغبين في الرحلات خاصة الشتوية، وأسهم الشباب كثيرا في تعريف العائلات بأجمل المناطق السياحية عبر الوطن. وعن هذا يؤكد لنا أسامة لوراري، واحد من الشباب الثلاثة، أنهم بدؤوا النشاط في مجال السياحة منذ سنة، حيث يطلقون كل مرة عروض رحلات إلى مختلف ولايات الوطن للعائلات والأفراد. وحسب قوله: "قبل تنظيمنا أي رحلة، نوفر جميع إجراءات الأمان، من إعلام مصالح الدرك الوطني، وتأمين السياح، وتوفير النقل والإطعام والمبيت المريح"، مؤكدا أن أغلب زبائنهم يفضلون السياحة الشتوية، أي انطلاقا من شهر جانفي وفيفري. وعن عروض هذا الشتاء، أطلقت الوكالة عرضا لقضاء 7 أيام كاملة بين المناطق تيكجدة، ياكوران، بجاية، جيجل، قسنطينة. وحسب محدثنا "كثير من العائلات التي سافرت معنا انبهرت من جمال بعض الولايات خلال فصل الشتاء، لأنهم كانوا يزورونها فقط صيفا، ومنها جيجل التي يكسو الثلج جبالها طيلة فصل الشتاء". وتتضمن هذه الرحلة التي يقدر سعرها بمليوني سنتيم للشخص، خدمات على غرار الإطعام الكامل، مع توفير أطباق تقليدية و"الباربكيو"، والمبيت في فيلات مؤجرة، وقضاء احتفال نهاية السنة، والتمتع بسهرات فنية وألعاب. وحسب أسامة "ما يميز بلدنا، الجمال الطبيعي والمنوّع، وأيضا وجود أماكن محترمة للعائلات".
عائلات من وهران والصحراء تسجل في رحلات شتوية إلى ولايات الشرق وعن إقبال المواطنين على الرحلات الشتوية، يؤكد أن الإقبال كبير جدا، إلى درجة أنك لن تجد مكانا تقف فيه على جبال تيكجدة خلال هذه الأيام، كاشفا لنا أن عائلات اتصلت بهم من وهران وأعماق الصحراء للمشاركة في رحلة سبعة الأيام. ومن جهة أخرى، ثمن رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية، إلياس سنوسي، مثل هذه المبادرات، معتبرا أنها تسهم وبشكل كبير في الترويج للسياحة المحلية، رغم نقص الفنادق وقلة الخدمات، مؤكدا أن السياحة الشتوية انتعشت وبشدة في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، وستنتعش أكثر لو انتبهت إليها السلطات وعلى رأسها وزارة السياحة.