أبدى جمع من الشباب أصحاب وكالات سياحية من مختلف ربوع الوطن، عزمهم على الترويج للسياحة الداخلية، من خلال مشاركتهم في تنظيم قافلة سياحية ترويجية إلى ولاية تمنراست، مؤكدين أن هذه العملية ستكون بمثابة مبادرة ومثابرة حقيقية لا ينوون تحقيق أرباح وراءها، وإنما دفع السائح الجزائري إلى تفضيل زيارة المدن الداخلية بدل مشاركته في تدفق العملة الصعبة إلى دول أجنبية أخرى، لاسيما في الوقت الذي تعد الصحراء بحاجة إلى إعادة بعث السياحة فيها بعد الركود الذي تشهده. السياحة الداخلية لا تزال تعاني العديد من النقائص، الأمر الذي يجعل السائح الجزائري في حالة من التيه، فلا يجد جدولة واضحة للفعاليات السياحية أو خطط تبين له برنامجا خاصا لزيارة ولايات الوطن، في الوقت الذي تعمل بعض الوكالات جاهدة في سبيل الترويج لهذه السياحة، تبقى وكالات أخرى تبحث عن وسائل أكثر سهولة من أجل دفع السائح للإقبال على وكالته بتقديم عروض سياحية لدول أجنبية تذر على تلك الوكالات أرباحا أكثر. لم يمنع العديد من الشباب أصحاب وكالات سياحية من الوقوف هذه المرة لصد "الاستنزاف" السياحي المتدفق نحو الخارج وتوجيهه هذه المرة نحو ولايات الوطن، سياسة ارتأى فيها هؤلاء وسيلة للمشاركة في التنمية الاقتصادية نظرا لأوضاعها "المحرجة" خلال هذه السنة، ولمساعدة نظرائهم من الوكالات السياحية الجنوبية التي تعيش فترة ركود حقيقية. بداية، كان لنا حديث مع السيد محمد لمين تريكي مدير شركة "رتاج" للسياحة والسفر، الذي أكد أن تعزيز السياحة الداخلية سيشكل نقطة تحول مهمة في القطاع السياحي، بالتالي اقتصاد الدولة، لافتا إلى أن تركيز الفنادق ووكالات السياحة على السوق الخارجية، بالدرجة الأولى، وغياب التسويق الجيد للمنتجات السياحية داخليا من أبرز معوقات نمو هذا القطاع، وقد أشار إلى أن هذه المثابرة التي بادرت بها الوكالات السياحية من الجنوب بالتنسيق مع وكالات الشمال أحسن دليل على النية الجيدة لمختلف الوكالات المشاركة في بناء قاعدة سياحية متينة تساهم في إنعاش السياحة الداخلية من جهة، والاقتصاد ككل من جهة أخرى. من جهة أخرى، قال السيد أحمد حنبلي مدير وكالة "حنبلي" للسياحة والأسفار من مدينة قسنطينة، أن إعادة إحياء السياحة الداخلية على رأسها السياحة الصحراوية المرتبطة بطبيعتها الفريدة ومواقعها الأثرية والتراثية، وتلك المتعلقة بالأنشطة الترفيهية فيها، وتعزيز مفهوم الإرشاد السياحي، إلى جانب التعريف بمقومات السياحة في تلك المنطقة، فضلا عن التوسع في طرح المزيد من العروض السياحية الموجهة للمواطنين، كل ذلك من شأنه المساهمة في تعزيز هذا القطاع ودوره الحيوي، مبرزا أن الاتفاق التي توصلت إليه وكالات الشمال ووكالات الجنوب فيما يخص سعر الرحلة إلى مدينة تمنراست الذي حدد ب52000 دينار بعد خصم 50 بالمائة من تكلفة نفس الرحلة، هو عرض ممتاز وفي متناول العائلات المتوسطة، ستمنح للراغبين بزيارتها تجربة فريدة من نوعها لا يمكن عيش لذتها في دولة أخرى مهما كانت نظرا لتفرد صحراء الجزائر بتلك الطبيعة الخلابة.. شدد المتحدث على أهمية جذب أكبر قدر ممكن من السياح في هذه الفترة من السنة، إذ أن السياحة في الجنوب تركد في موسم الحر، مؤكد أهمية التنسيق بين الهيئات المختصة في قطاع السياحة شمال جنوب، لدعم السياحة الداخلية، فضلاً عن تعاقد وكالات السياحة والسفر المحلية، مع الفنادق المنتشرة المحلية على طرح العروض بأسعار الجملة لتخفيض التكاليف بالنسبة للسائح الذي يفضل دولا أجنبية إذا ارتفعت تكلفة الوجهة المحلية مقارنة بالأجنبية. من جهته، حذر السيد عبد السلام زهار مسير شركة "العاصمية للسياحة والسفر" بالعاصمة، من ارتفاع معدلات هجرة المواطنين الموسمية تجاه دول وصفها بأنها استثمرت فعليا في تطوير السياحة لجذب السائح وتوفير أرقى الخدمات، وبالأسعار التي تناسب جميع الفئات، موضحا أن السياحة الداخلية تعد قطاعا حيويا ومهما، ينتعش خلال مواسم معينة من السنة، على غرار نهاية رأس السنة الأمر الذي يتطلب تفعيله بشكل خاص في هذا الموسم ومن هذا المنطلق فإن الوكالات السياحية المحلية سعت من خلال القافلة السياحية لولاية تمنراست إلى إعادة إحياء السياحة الصحراوية، لافتا إلى أن التسويق الجيد له أهمية كبيرة في دعم هذا القطاع، فالأسعار التنافسية ستعطي السائح الداخلي أولوية تفوق باقي الوجهات، خصوصا أن الولاية تحوز مقومات فريدة لا يمكن عيش تجربتها في دولة أخرى، وهي الميزة التي ستسهل عمل الوكالات بهدف الترويج للسياحة فيها، كما وأوضح أن السياحة لا تعني فقط الفنادق فهناك العديد من القطاعات المكملة، مثل الأنشطة الترفيهية التي يمكن تجربتها في الصحراء كالمبيت في العراء والتخييم، فضلا عن التنزه في الكثبان الرملية وبين الصخور طيلة النهار لاكتشاف جمال المنطقة. وأخيرا، أكد السيد مولود يوبي صاحب وكالة "يوبي" للأسفار بمدينة عنابة أنه آن الأوان لضبط استراتيجية فعالة وجذب السائح الداخلي وكذا الأجنبي في آن واحد، مؤكدا أنه لا يمكن الوصول إلى ذلك إلا بتوفير الدعم الحكومي للاستثمارات ش والمشاريع المميزة والبنيات التحتية في مدينة تمنراست، على ضرورة إبقاء قلب الصحراء على حاله، على غرار الطاسيلي، بتوجيه بوصلة المستثمرين نحو القطاع السياحي، بهدف الوصول إلى توطين السياحة والمحافظة عليها، فمواجهة التحديات مثل ندرة الفنادق، غلاء الأسعار، مشكلة الحجوزات، وضعف الخدمات المقدمة لابد أن تتم قبل طرح عروض سياحية. كما دعا المتحدث إلى ضرورة خلق شرطة سياحية، أو درك سياحي مهمته ضمان الراحة للوفد السياحي على أن يكونوا بزي فريد يميزهم عن باقي الوحدات الأخرى كنوع من ضمان الراحة للسائح.