لجأت الحكومة الصينية إلى أسلوب جديد للضغط على الأيغور المسلمين لتغيير عاداتهم الدينية المحافظة وحثهم على تقبل النظام الشيوعي أكثر. وتلقى أكثر من مليون موظف شيوعي صيني أمراً بالانتقال إلى بيوت عائلات مسلمي الأيغور، في محاولة من قبل الحكومة لغرس قيم التأييد للحزب الشيوعي. وأُطلق على الفترة التي سيقضيها الموظفون الشيوعيون في منازل المسلمين اسم "أسابيع الوحدة"، وتتضمن عيش العمال مع عائلات لضمان ولائهم للحزب، حسب وسائل الإعلام الحكومية، وتتضمن كذلك تعليمهم على "ممارسة روح المؤتمر القومي ال19 للحزب الشيوعي الصيني"، وفقاً لما ذكره موقع "هاف بوست عربي" نقلاً عن صحيفة "التايمز" البريطانية، الجمعة. ويعد تقديم "أقارب" جدد للعائلات، واحداً من إجراءات عديدة اتخذتها بكين لتعزيز الولاء للحزب الشيوعي، حتى يكون سابقاً على الولاء للدين في إقليم شينجيانغ، حيث يعيش 11 مليوناً من أقلية الأيغور. وأشارت التايمز إلى أنه طُلِب من العائلات أيضاً إبراز صور للرئيس الصيني شي جين بينغ في غرف معيشتهم، والمشاركة في احتفاليات رفع العلم الوطني وقسم الولاء. ويُشجع "الأقارب" الشيوعيون عائلاتهم البديلة على إبلاغ السلطات عن أي شخص يشك في انتمائه إلى "قوى الشر الثلاث": الإرهاب، والانفصالية، والتطرف. ويأتي ذلك فيما تخشى الحكومة من الاضطراب في إقليم شينجيانغ، وكانت قد قمعت الذين يمارسون الطقوس الدينية هناك. كما وضعت إجراءات مراقبة وأمن يقول المراقبون إنها حولت المنطقة إلى دولة بوليسية. أحد الموظفين ويلقب ب"نيو" انضم إلى أسرة في مقاطعة ينغيسار في شينجيانغ. وحسب صحيفة غلوبال تايمز المملوكة للدولة، استخدم نيو اللغة الأويغورية "للحديث عن المؤتمر القومي ال19 للحزب الشيوعي وجعل القرويين يدركون أن التغيرات الجيدة في حياتهم إنما جلبها الحزب والحكومة، وأنه ينبغي لهم العمل بجد والاستماع إلى الحزب وإتباعه". وساعد الموظفون الشيوعيون أيضاً الأطفال على أداء واجباتهم الدراسية، وقاموا بلفتات ودية مثل شراء تذاكر القطار لأعضاء الأسرة وتشجيع مضيفيهم على مشاركة القصص حول ولاء الجنود والمزارعين الصينيين. يمنعونهم من الصيام خلال وجود الموظفين الشيوعيين في بيوت الأيغور، منعوا المسلمين في منازلهم من ممارسة الطقوس الدينية، حسب ما ذكرته إذاعة آسيا الحرة. وكانت الحكومة الصينية أمرت موظفيها في 25 ماي 2017، وهو اليوم الذي سبق شهر رمضان الذي يصوم فيه المسلمون بالإقامة في بيوت للأيغور، وظلوا فيها 15 يوماً ذاك الشهر. وقال أحد ضباط الشرطة الذي لم يكشف عن اسمه آنذاك: "وقعنا جميعاً خطاب مسؤولية يضمن أننا لن نصوم. معظم محتويات الخطاب تشبه العام الماضي. ومع ذلك، طُلِب منا هذا العام مراقبة عائلاتنا وجيراننا وحتى العائلات المسؤولة منا، وإقناعهم بعدم الصوم". وقالت غلوبال تايمز، إن شيونغ كونشينغ، وهو أستاذ في الدراسات العرقية في جامعة مينزو في بكين، قد "انتقد التقارير" التي تحدثت عن تهديد مشروع إقامة هؤلاء الموظفين في منازل أسر مسلمي الأيغور للحرية الدينية. وقالت الصحيفة، إن التقارير السلبية كتبها "بعض أصحاب الدوافع الخفية لتشويه الحقيقة عمداً". وليس هذا الإجراء الذي تقوم به الحكومة مع مسلمي الأيغور سوى واحد من بين إجراءات أخرى هدفها التضييق عليهم ومراقبتهم. وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن التدابير التي تتخذها الحكومة ضد مسلمي الأيغور تشمل التنازل عن جوازات السفر، ووضع أجهزة تعقب GPS إلزامية في السيارات، فضلاً عن تطبيق الحكومة لتشريع يحظر تأييد الأفكار المتطرفة أو بثها، وارتداء غطاء كامل للوجه (نقاب) أو إجبار الآخرين على فعل ذلك، كما يمنع الأطفال بتلقي التعليم الخاص أو التشويش على ما يُقدمه تعليم الدولة. من الأيغور؟ هم مجموعة مسلمة في أغلبها، وهي الجماعة العرقية المهيمنة في إقليم شينجيانغ، وهو إقليم يتمتع بحكم ذاتي واسع، ويحد روسيا، ومنغوليا، وآسيا الوسطى والجنوبية. وينتمي الأيغور الموجودون في أقصى غرب الصين (تركستان الشرقية) والأتراك لعرق واحد، ولديهم صلات ثقافية ودينية وثيقة. ويعتبر الأيغور أنفسهم أقرب لغوياً، وثقافياً، وعرقياً إلى آسيا الوسطى، برغم التاريخ الطويل من الحكم الصيني. وثارت توترات بين الأيغور وقومية الهان، التي تُعد الجماعة العرقية المهيمنة في الصين، والتي هاجرت بأعداد كبيرة إلى شينجيانغ على مدار السنوات الستين الماضية. وذكر تقرير صادر في 2011 عن اللجنة التنفيذية للكونغرس بشأن الصين، أن العمال الهان تولوا معظم الوظائف، وأن البطالة في صفوف الأيغور عالية. ويقول ناشطون إن الصين كانت تتخذ تدابير لتقويض لغة الأيغور، وثقافتهم، وممارساتهم الدينية، بما في ذلك القيود المفروضة على إقامة شعائر رمضان. وتلقي بكين باللائمة في العنف على أُناس من الأيغور، لكن العديد من المحللين يعارضون تصويرهم كجماعة تابعة لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وأكدت الصين طويلاً، أن مقاتلين من الأيغور قد انضموا إلى صفوف "داعش" في سوريا والعراق. ويُقدر مركز أمريكا الجديدة، وهو مركز بحثي أمريكي، أن 100 مقاتل أيغوري خرجوا من الصين ليقاتلوا من أجل قضية "داعش"، في حين تُقدر صحيفة غلوبال تايمز التي تُديرها الدولة الرقم بحوالي 300 مقاتل.