في الوقت الذي تشتعل فيه الحملات الانتخابية البرلمانية والرئاسية بين الحزب الوطني والقوى السياسية المعارضة في مصر، تدور معركة مكتومة أخرى داخل الحزب الحاكم وحتى داخل مؤسسة الرئاسة نفسها بين حسني مبارك الأب وجمال مبارك الابن. * ولم تكن تلك المعركة وليدة اللحظة، بل بدأت منذ سنوات عندما طرح اسم جمال مبارك كمرشح محتمل للرئاسة، وكما أكدت لنا مصادر مطلعة قريبة من مؤسسة الرئاسة، فإن الرئيس مبارك لم يكن متحمسا لترشيح نجله جمال لهذا المنصب على الأقل في ظل استمراره بالرئاسة، لإدراكه بالصعوبات التي يمكن أن يلاقيها في ظل وجود معارضة واسعة لترشيحه لهذا المنصب. وكان يؤيد الرئيس في ذلك الحرس القديم المحيط بالرئيس، إلا أنه على الجانب الآخر لم يكن تلك الفكرة تروق لأفراد داخل أسرة الرئيس نفسها والتي كانت ترى أن فرصة تولي جمال مبارك الرئاسة في ظل وجود والده أفضل من حدوث تطورات مفاجئة تحول دون تحقيق هذا الهدف، وكان يؤيدهم في ذلك أعضاء من لجنة السياسيات من القيادات الشابة المرتبطة مصالحتها بمصالح تلك الطبقة. * ومع تردد أنباء عن تدهور حالة مبارك الصحية بفعل تقدم السن، بدأت مجموعة عمل مصغرة من قيادات الحرس الجديد بالحزب الوطني وبعض أعضاء أمانة السياسات وأساتذة من كلية الإعلام في عقد اجتماعات سرية لمناقشة خطة ترشيح جمال مبارك أمين السياسات خلال مؤتمر الحزب في أكتوبر للانتخابات الرئاسية. * وتشمل السيناريوهات الجاري الإعداد لها تكثيف النشاط والنشر الإعلامي والصحفي عن جمال مبارك مثل حواره الأخير مع شباب الجامعات بحلوان وإبراز جوانب من الحوار والتصريحات التي تشير إلى رؤيته الشاملة داخلياً وخارجياً ونشرها في مساحات بارزة أسوة بتصريحات رئيس الجمهورية. * كما يشمل السيناريو أيضاً بدء خطة التخلص التدريجي من أعضاء الحرس القديم داخل الحزب وطرح فكرة إسناد منصب الأمين العام للحزب إلى المهندس أحمد عز، أمين التنظيم ورئاسة مجلس الشعب القادم للدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والبرلمانية والأمين العام المساعد واختيار المستشار محمد الدكروري وزيراً للشؤون القانونية. * وتشمل السيناريوهات أيضاً استبعاد 35 نائباً بالحزب الوطني المحسوبين على الحرس القديم والدفع برجال جمال مبارك من أبناء الشباب والوحدات القاعدية للحزب في المحافظات. * واقترحت المجموعة تشكيل وفد من قيادات الحزب وبعض السفراء السابقين للقيام بجولة خارجية في بعض دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية لطرح حوار حول مستقبل مصر وتوضيح الرؤية لقيادات هذه الدول إلى جانب فتح حوار مباشر مع سفراء الدول الأوروبية بمصر من خلال لجنة مصر والعالم بأمانة السياسات. * كما بدأت الحملات الإعلامية عبر البريد الالكتروني من مجموعة من القيادات الشابة في الحزب الوطني في جمع توقيعات لترشيح جمال مبارك كرئيس في الانتخابات القادمة كما زادت الجولات الميدانية لجمال مبارك في محافظات مصر والتي تعامل خلالها على أنه الرئيس الفعلي لمصر، ورغم كل هذا فإن الحرس القديم لم يستسلم للأمر الواقع إذا بدأ أعضاء من الحزب الوطني يجمعون حمله توقيعات مضادة لترشيح مبارك لفترة قادمة باعتبار أن ذلك سوف يوفر الاستقرار واستمرار تنفيذ لبرنامجه الانتخابي الذي وعد به. * ومع الغموض الذي يحيط بالمرشح القادم لمصر طالب عدد من قيادات الأحزاب والقوي السياسية المعارضة بضرورة فتح ملف انتقال السلطة مؤكدين أن الأمر تأخر كثيرا ومن الأفضل فتح هذا الملف ودراسة سيناريوهاته الآن.. في الوقت الذي يرى البعض أن طرح ملف الرئيس القادم سابق لأوانه، لأن الانتخابات البرلمانية هي التي ستحدد أسماء مرشحي الأحزاب في الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث أكد عبد الغفار شكر أن ملف "رئيس مصر القادم" هو محط أنظار جميع دول العالم لأن مصر هي الدولة المحورية في الشرق الأوسط، لذا فمن المهم مناقشة سيناريوهات مستقبل مصر علي الساحة السياسية وليس فقط على شاشات الفضائيات وفي الصحف. * واتفق معه د. محمد البلتاجي، مساعد الأمين العام لكتلة الإخوان بالبرلمان في أن الحرية في الاختيار وحرية التعبير هي ما تضمن انتقالا شرعيا للسلطة في البلاد، فهناك أسس ومعايير لابد من توفرها من أجل انتقال سلمي للسلطة. * من جانبهم طالب شباب الفايس بوك بضرورة فتح الملف، لأنه من العيب ان يكون مستقبل الحكم في دولة بحجم مصر متروكا للظروف، خاصة في ظل وجود منصب نائب الرئيس شاغرا.