رمضان قادم... والاستقبال له "يبدو" حسب ما تنقله يوميا العديد من العناوين، فيه إرباك وتحبط، رغم الوعود المعسله، واللحم الهندي، وتدخل العديد من الدواوين "فالدجاج لم يستطع أن يقبض عليه وهو ميت، واللحم ملتهب رغم درجات "الجمود" المعرض لها، وحتى البطاطا وبرنامج الوفرة، فكلها يمكن إدخالها من باب الدعاية والديماغوجية، فالعديد من الوزراء يحاولون أن يجيبوا من قبله.. وكأنه شيء لم يكن، فالمضحك التصريحات "النارية" والخطيرة لوزير يعلن بعدم وجود أدوية لبعض فئات من المرضى... ويوزع "أدوية" على وشك انتهاء صلاحيتها!!؟ لكن لا حياة لمن تنادي . * يبدو أن الكل بمن فيهم البرلمان ولجانه " في عطلة " مدفوعة الأجر، فعلى خلفيات هذه الفضائح واليوميات يستقبل الجزائري البسيط " المصدوم " من قسوة المعيشة رمضان ... الشيء المتفق عليه في عالمنا الإسلامي أن هلال هذه السنة ورؤيته تكون رؤية سياسية وليست شرعية !! ، فكل المؤشرات والبيانات ومراكز الأرصدة تدل على ذلك التوجه السياسي المجرد من السند الشرعي !! ويبدو حتى لقمة معيشة الفرد الجزائري تم إدخالها لدى البعض، وبكل " استخفاف " وبدون " تحرٍ " بين تحليل اللحم الهندي وتحريمه بعيدا عن كل مرجعية فقهية رسمية !! ؟ وبالمناسبة فإن اللحم "الهندي" وبدون ذاتية -في العديد من الدول العربية والإسلامية- مرتب في المراتب الأخيرة، إن لم اقل هو الأخير مقارنة مع اللحم السوري، أو السوداني أو الاسترالي، ولكن لمن تقرأ زبورك يا داوود؟!! فرمضان 2010 من مفاجآته!!!... الوفرة الموعدة، والقضاء على جميع اشكال المضاربة، ومحاربة احتكار السوق، وتخفيف التهاب الأسعار، ولكن يبدو أن كل ذلك عبارة عن عناويين كبرى ومسكنات وشعارات للتمويه اكثر من نبض حي يرى بالعين المجردة. إنني اكتب هذا العمود -وما رأيته خلال اسبوع من تواجدي بالجزائر العاصمة-لا يوحي بأن الجزائريين سيستقبلون بهناء , وروحانيات ومعنويات مرتفعة للشهر الكريم، فالكل يرتقب ومتخوف من الشهر، لانهيار القدرة الشرائية، وعدم صمودها أمام الاسعار الملتهبة، فقفة رمضان والتي هي بجبهة الصمود والتصدي للزاولي قد توسعت رقعتها، فازداد عدد المحتاجين، والافتراض الحقيقي أن يحدث العكس بازدياد مؤشرات النمو والدخل للفرد الجزائري !! . فالكل يشتكي من قلة الدخل والمحسوبية، والشكرة، والزطلة، والآفات الاجتماعية وذهاب النية، والسرقات المقننة والممنهجة والغش، والتدليس، فأصبح ولد "العائلة" أو "ابن الحلال" هو الاستثناء... والحرامي أو "البندي" و"ولد الحرام" هو القاعدة، فانقلبت الصورة ومنطق التفكير لدى العديد في غياب عادلة " عمر " . وما أزعجني من هذا كله وبدون استثناء... كل الأحزاب التي أقامت جامعتها الصيفية اقترحت مواضيع مستقبلية، بعيدة المدى و الرهانات، تبحر في المخطط الخماسياو التحديات، إما هروبا من الواقع، او خوفا وإحراجا من استخلاص الدروس المريرة ليومية الجزائري، نظرا لقصر الرؤية أو فقدان البصيرة في استنتاج الواقع المرير والمعيشة "الضنكة" التي يتخبط فيها العديد والعديد من المواطنين.. فحتى البلدية بالنسبة للبعض اصبحت ترادف "العذاب" فاستخراج الأوراق وشهادة الميلاد والإقامة اصبحت بالسطو والتطباع والمسومات!!.. فأين عصرنة الإدارة، والإدارة في خدمة المواطن، وغيرها من الشعارات الكبرى التي يمكن ان تضاف للشعارات الرمضانية الأخرى الهادفة للتسويق فقط . أخيرا، أمام هذه "الفوضى" في شتى المجالات، من فوضى السوق وفوضى الإدارات.. وفوضى العقليات، الكل ينتظر ويترقب ويدعو بأيام أخرى، والمؤكد أن عهد المعجزات انتهى مع الأنبياء والرسول!!!، وعهد الكرامات يكون بجنس العمل، أي بالصدق والإخلاص في خدمة البلاد والعباد!!، ولذلك فلنجدد النية والنوايا ... ورمضان كريم وكل عام وأنتم بخير وصحة .