- إتحاد الاذاعات والتلفزيونات العربية خذلنا - نصر الله قال لنا: لولا المنار لضاع الانتصار "بث المنار انقطع دقيقتين فقط وعاد بنوعية عالية ونحن نعمل الآن في عدة مواقع سرية في انتظار المقر الجدد.. كونا مخارج طوارئ في مبنى المنار ولما تم القصف خرجوا كلهم.. هذا ما يفسر عدم وجود قتلى في حصيلة الأضرار" "الجزيرة سقطت في فخ اغتيال السيد حسن نصر الله وإسرائيل خسرت 23 طنا على هدف وهمي في آخر يوم للعدوان.." حوار مبعوث الشروق إلى لبنان: نصر الدين معمري رجل من مواليد مدينة صور متزوج وله 7 أولاد.. ناشط في الحقل الإعلامي منذ سنة 84، وتولى مسؤولية الاعلام في حزب الله.. انتخب كنائب في البرلمان، ثم عاد للمجال الاعلامي سنة 2005 ليستلم إدارة قناة المنار. بعد إصرار كبير ووساطات عديدة، نجحت "الشروق "في الظفر بموعد مع المسؤول الأول لقناة المنار السيد "عبد الله قصير"، تم اللقاء بالمقر السري المركزي (المؤقت) في مكان ما. وصلناه بعد مشوار من التنقلات السرية بين الضاحية، حيث المقر المدمر وثلاثة مواقع أخرى.. في كل مرة تجد شخصا في إنتظارك. ساعة من الزمن تطرق فيها المدير العام الى الخذلان الذي لقيه من قبل إتحاد الاذاعات والتليفزيونات العربية الذي يرأسه حمراوي حبيب شوقي الذي لم يستطع إصدار حتى بيان استنكار أو تنديد، وتحدث عن التنسيق الإعلامي مع قناة الجزيرة وطريقة معالجة التغطيات الاعلامية خلال فترة العدوان وكيفية العمل مع خطابات السيد نصر الله وغيرها... - تعرضت قناة المنار للقصف عدة مرات وسُوي مقرها أرضا ومع ذلك واصلت البث والتغطية، كيف ذلك؟ ومن أين؟ - - طبعا الحرب التي شنت ضدّ لبنان لم تستثن أحدا بما في ذلك أجهزة الإعلام وبخاصة تلفزيون المنار، إلا أننا استطعنا والحمد لله أخذ الإجراءات والخطوات السريعة لمعالجة الوضع والمحافظة على البث الذي لم ينقطع سوى دقيقتين وتواصل من أماكن سرية مختلفة في وضع استثنائي ناتج أساسا عن تدمير كامل للمقر بتجهيزاته الحديثة، وبالتالي فنحن نعمل في ظروف صعبة وسرية جدا، ومع ذلك لدينا أمل كبير وعزيمة أكبر لتجاوز هذه الأزمة، حاليا يعمل فريق الدراسات التابع للمنار على إعداد الدراسات اللازمة لمباشرة عملية بناء المقر الجديد والعودة لمركزة عمل القناة كما كانت قبل 12 جويلية في مكان واحد. - وكيف تعملون الآن؟ - - نحن الآن مقسمين المديريات العشر التابعة للقناة على أماكن عدة (البرامج العامة، السياسية، الإنتاج..) مناسبة لكل واحد منها، وقد ساعدتنا وسائل الإتصالات الحديثة والتكنولوجيا المتطورة على تنسيق العمل وإنجاح التغطية والسيطرة على إدارة العمل في القناة بجودة عالية وسرية تامة. - ما السر في هذه الجودة والنوعية للبرامج المقدمة رغم تشتت وحدات القناة؟ - - بالفعل، بذل فريق الهندسة جهودا جبارة لتحسين البث بعد القصف لدرجة تفوق نوعية البث الآن على البث الذي كان في الأوضاع العادية، وقد اجتمعت أمس مع فريق العاملين في القناة، وأخبرتهم بأننا مطالبون بعد توسع دائرة المتابعين والمشاهدين لنا بتحسين النوعية وتطوير العمل بما يعزز هذه الثقة التي كسبناها خلال فترة العدوان. وقد قطعت وعدا على نفسي رفقة الطاقم العامل بتحقيق التحدي وإنجاز المطلوب منا كما ينبغي. - متى تتوقعون إنجاز المقر الجديد، وهل سيتم في نفس المكان؟ - - المقر الجديد يتطلب وقتا يتراوح ما بين سنة وسنة ونصف تقريبا، وهناك مجموعة من الخيارات التي تتم دراستها حاليا، ومن بينها إمكانية الرجوع لمكان المقر الأول مع إضافة مقار أخرى مجاورة بقصد التوسعة، وفي ظرف أيام سيتم إنضاج أحد الخيارات والفصل نهائيا في المشروع. - هل لكم أن تقدروا لنا حجم الخسائر؟ - - هناك 05 جرحى أصيبوا في الضربات المتتالية لمقر القناة، لكن الحمد لله إصاباتهم ليست خطيرة، أما القيمة المالية فقد تجاوزت 14 مليون دولار. - بصراحة، هل كنتم تتوقعون أن يكون القصف بهذه الدرجة الشرسة؟ - - نحن في لبنان، نتيجة تكرار العدوان والإستهداف المستمر للنساء والأطفال والبنية التحتية والمؤسسات العامة.. نتوقع أن يشمل الإستهداف كل شيء، وكنا نحس بالخطر، خاصة بعد تحلل اسرائيل من كامل الإلتزامات والإتفاقات الدولية، لذلك بادرنا باتخاذ بعض الإجراءات الإحتياطية الأمنية لحماية العاملين في القناة في الحالات الإستثنائية، وكوّنا مخارج طوارئ في مبنى المنار ولما تم القصف خرجوا كلهم بأسرع وقت من هذه المخارج وهذا ما يفسر عدم وجود قتلى في حصيلة الأضرار. - هلاّ كشفتم لنا احتياطاتكم الأمنية خلال التغطيات التي تتم منذ تدمير المقر الرئيسي للمنار؟ - - في الحقيقة كنا نتخذ تدابير تتناسب مع الظروف الصعبة، خاصة في الجهة الجنوبية، واستطعنا استضافة ضيوف البرامج في استوديوهات خاصة تنقل من خلالها الإشارة إلى مقر مركزي مؤقت وتبث بعدها في الأقمار الصناعية ومواقع الإرسال المحلية. ومعلوم أن لبنان يملك بُنية إعلامية ضخمة يمكن استخدامها بالتأجير أو الإعارة، ونحن استفدنا في بعض المجالات من هذه البُنية الإعلامية عبر بعض الأستوديوهات، التي تقدم خدمات خاصة. - هل تلقيتم الدعم اللازم من بقية القنوات والأجهزة الإعلامية؟ - - نعم، تلقينا دعما في هذا المجال، خصوصا من قبل التلفزيون السوري الذي لم يكتف بالدعم في الموقف وقدّم تجهيزات إعلامية تقنية، إلا أن مستوى الدعم والتعاطف بصفة عامة لم يرتق إلى مستوى حجم الجريمة المرتكبة بحق المنار، ولابد هنا أن نتذكر القول المأثور: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، بمعنى أن الكل مستهدف في أي وقت. وأهيب هنا، باتحاد الإذاعات والتلفزيونات العربية إلى فعل شيء في المستوى ولو من درجة بيانات الإستنكار التي غابت حتى هي كذلك، لذلك كان من الواجب الدعوة إلى اجتماع استثنائي واتخاذ موقف صارم وحازم كون المنار عضو في الإتحاد ومن حقها وقوف بقية الأعضاء معها في محنتها، ونحن مازلنا إلى الآن ننتظر حصول مبادرة معينة. - هل تقدروا لنا نسبة الإرتفاع في معدل مشاهدة قناة المنار؟ - - بكل صدق، ليست لنا أرقاما دقيقة، لكن هناك مؤشرات كافية من خلال عدة معطيات تفيد بارتفاع معدل متابعة قناة المنار وارتفاع نسبة المشاهدة على كل الأصعدة، خاصة وأن القناة تسعى دائما لتكون قناة عامة وليست حزبية، رغم أن الأزمة تحتم علينا أن نصب اهتمامنا بشكل مركز على المقاومة التي أصبحت شأنا قوميا لبنانيا وعربيا، لدرجة أننا كنا في الصف الأول لخط الدفاع عن لبنان والمقاومة وبدليل شهادة محلل أمريكي، أكد تفوّق المنار على قناة فوكس نيوز الأمريكية في الأخبار والمصداقية، وأكشف هنا أننا نلجأ في الكثير من الأحيان إلى التحري من صحافة العدو وتغطيات أجهزته الإعلامية المختلفة قبل إذاعة بيانات المقاومة. وقد نقل لي بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح لا يثق في قنواته بمقدار ما يثق في أخبار قناة المنار، التي لم تذع وقت الحرب سوى ما يكون يقينا بعيدا عن الشك والإثارة. - حزب الله بدون المنار، كالمقاتل بدون سلاح، أليس كذلك؟ - - نعم، لقد سبق لسماحة السيد حسن نصر الله، أن قال بعد تحرير سنة 2000 بأنه لولا المنار، لضاع الانتصار، وبالتأكيد دورها تعاظم في الحرب الأخيرة، ضد البروباغندا الإسرائيلية المفضوحة والتي دحضناها بالأدلة الكافية. - كيف كان عمل مراسليكم في أجواء الحرب، خاصة بالجهة الجنوبية؟ - - فريق مراسلينا كان في خطر، وكانوا يقومون بالتغطية في ظروف صعبة جدا، دفعتنا إلى نصحهم جميعا بأن حياتهم أولى من العمل الإعلامي، مثلا مراسل مدينة مرجعيون التي شهدت أعنف المواجهات وأطولها، كان بها فقط مراسل المنار علي شعيب، بعد خروج مراسلي الجزيرة والعربية، فصمد لوحده وظل المرجع الإعلامي المباشر الوحيد في المنطقة. - وماذا عن علاقتكم ببقية القنوات والفضائيات؟ - - توجد علاقات تكامل وتعاون وتنسيق في الخدمات الإعلامية العامة والتقنية بيننا وبين بعض القنوات بحسب حاجة العمل وإمكانيات كل طرف. - لكن يبدو التنسيق كان كاملا مع قناة الجزيرة؟ - - حقيقة، لم يكن هناك تنسيق عملياتي وميداني بقدر ما هو تلاق وتقارب في السياسة الإعلامية المتبعة مع بعض الفروقات البسيطة، والتعاون كان مفتوحا بيننا في التواصل والأخبار، ونقول هنا أن المنار أخذت خطابات السيد نصر الله أربع مرات في حين أخذته الجزيرة مرة واحدة، كما أخذت "نيو تيفي" الخطاب الأخير، وفي كل المرات نأخذ المباشر من بعضنا بدون أي مشكلة. - كيف تعاملتم مع المعلومة الخطيرة التي تمّ تداولها في آخر يوم قبل وقف إطلاق النار حول اغتيال سماحة السيد حسن نصرالله؟ - - تعاملنا مع الموضوع بأعصاب باردة، فلم نتسرّع وانتظرنا ربع ساعة حتى تأكدنا من عدم صحة الخبر، وبالتالي فلم نسقط في سقطة الجزيرة التي تسرعت في إذاعة الخبر وقدمت تحليلات على أساس خبر غير صحيح. وقد تمّ آنذاك إلقاء 23 طنا من القنابل الخطيرة على المكان الذي قيل بأن نصر الله كان فيه، وظهر بأن إسرائيل اعتمدت على معلومات خاطئة وخسرت 23 طنا من سلاحها من أجل هدف وهمي. - هل تؤكدون أو تنفون خبر تواطؤ وزير الإتصالات اللبناني مروان حمادة في كشف مكان نصر الله حسب ما ورد في بعض المصادر الإعلامية قبل القصف الأخير؟ - - الكثير من وسائل الإعلام الغربية تحاول بث أخبار الفتنة لتفرقة الصف اللبناني وهذه المعلومة تندرج في هذا السياق، ونحن رغم خلافنا مع توجهات هذا الوزير الذي يتواجد مع معسكر 14 آذار المضاد للمقاومة، لكن لا نتوقع أن تصل الخلافات إلى مستوى الخيانة والتواطؤ مع العدو لاستهداف زعيم المقاومة، وأمريكا وإسرائيل أصغر من أن يكتشفا مكان سماحة السيد. - ما هي حدود علاقتكم مع السيد نصر الله؟ - - الإتصال معه في الحقيقة بسيط وليس دائم ونتحيّن فرص رغبته في بعث رسالة أو خطاب، فنستقبل إشارته ونرسل له فريق العمل المناسب لتسجيل الخطاب وإعادة بثه، ومع ذلك أشير إلى أن القناة ليست حزبية ولا تتلقى الأوامر من نصر الله، رغم أن أكثر من 50٪ من أعضاء مجلس إدارة القناة ينتمون إلى حزب الله ويملكون غالبية الأسهم، وهذا ما يفسر انسجام خط القناة مع خط حزب الله دون أن يمنع هذا الأمر تقديم برامج سياسية مخالفة للرأي تستضيف بعض المخالفين لتوجهات الحزب. - ما هي مشاريعكم المستقبلية؟ - - بدأنا منذ فترة، بإنشاء موقع إلكتروني زوّدناه قبل 4 أشهر من الحرب بنافذة للبث المباشر على الأنترنات، سنعطيها الأهمية الكاملة لتعويض الجهات التي لا يصلها بث القناة مثل فرنسا وأمريكا. - كيف يتم تمويل القناة؟ - - الدعم الأول، يأتي من الإعلانات والإشهارات، ثم التبرعات وكذلك رعاية بعض المرجعيات الدينية لبعض البرامج، تزامنا مع بيع المواد التي تنتجها المؤسسة وتسوقها "دار المنار" التي تعمل على توزيع كل المنتوجات والبرامج المدبلجة وتدرّ بدورها أرباحا معتبرة.