يدعو مروان عبد العال، ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، إلى التعاطي الإيجابي مع المقاومة في فلسطين ولبنان، ويتهم الأنظمة العربية بتوفيرها لغطاء العدوان ويقول إن حسابها عند شعوبها... التقته"الشروق اليومي"وقلبت معه مواجع الشأن العربي فكان لها هذا الحوار. مبعوث الشروق اليومي إلى بيروت: رشيد ولد بوسيافة ❊كيف تفاعلتم في الجبهة الشعبية مع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان؟ أعتقد أنه من الوهم الانشغال بالسبب المباشر لهذه الحرب لأن القضية تتعلق بمعرفة أهداف الحرب التي تكشف طبيعة المخطط المعد مسبقا للقيام بهذا العدوان، وإسرائيل بالأساس تعتبر أن كل إنسان عربي حر عدوا يستهدف وأحيانا تقوم بأفعالها تحت حجج واهية. وبرأينا، فإن هذه الحرب هي حرب أمريكية تخوضها إسرائيل بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن الولاياتالمتحدةالأمريكية. لقد خاضت إسرائيل هذه الحرب بدافعين: الأول هو الثأر من لبنان الذي شكل سابقة في المقاومة الصلبة لمشاريعها ولطرد الاحتلال بدون قيد أو شرط وهي بهذا لن تغفر أبدا لا للبنان ككل ولا لمقاومته وشعبه، وحديث أولمرت كان صريحا عندما قال في بداية الحرب "سنعيد لبنان عشرين سنة إلى الوراء" والانتقام بادٍ في قتل المدنيين وتدمير البنى التحتية وقتل الحياة في لبنان بل بضرب الهدف الواحد أكثر من عشرين مرة وهي تعلم أنه قد دمر، أي حقد على هذا البلد. والنقطة الثانية في حرب إسرائيل على لبنان هي الردع حيث أن إسرائيل خضعت لمعادلة فرضتها المقاومة. إسرائيل لم تهاجم لبنان من أجل الأسيرين وإنما هاجمتها من أجل تنفيذ قرار 1559 بالقوة، والسؤال المطروح: متى كانت إسرائيل راعية لمجلس الأمن وحريصة على تنفيذ قراراته وهي التي مزقت كل القرارات والمواثيق المتعلقة بالقضية. أما الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تريد أن تدفع بالحرب إلى أقصى مدى، تريد أن يكون لبنان بآلامه وعذاباته مدخلا لشرق أوسط جديد وفي الواقع هو شرق أوسخ جديد لتغطية فشلها في نماذج الديمقراطية التي أحضرتها مع البوارج في العراق وأفغانستان أو حتى الانتخابات في فلسطين ولبنان. ❊هل تعتبرون الانتخابات اللبنانية والفلسطينية نموذجا أمريكيا؟ لا، هي ليست نموذجا أمريكيا إنما الولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي رعت الانتخابات في هذين البلدين لكن النتائج كانت عكس ما تريد، حيث فازت المقاومة في فلسطين. وفي لبنان أيضا تدعم حضور المقاومة وأفشل دعوات خلق تناقض بين السلطة والمقاومة، ويبدو أنها اختارت الحرب كوسيلة لتحقيق الديمقراطية وشعارها الذي ترافع به في أوجه القادة العرب إما أن تحاربوا بعضكم أو نحاربكم. ❊كيف تنظرون إلى الطريقة التي يدير بها حزب الله المعركة وما تعليقكم على الصمود الذي أبداه المقاومون واللبنانيون عموما؟ لاشك أن هذا الصمود بطولي نظرا لصبر الناس ووحدة اللبنانيين، وهذه مسائل كانت تراهن عليها إسرائيل مستفيدة من الشرخ الحاصل في لبنان قبل العدوان وبأن الصدمة الأولى ستشتت البلد. إن المقاومة الأولى وهي المقاومة السياسية التي منعت من تحقيق النصر والمقاومة الثانية هي المقاومة المسلحة التي رفعت الرأس في مارون الرأس وبنت جبيل وقرى جنوبية أخرى، هذه المقاومة استفادت من كل المقاومات التي سبقتها وبرهنت عن وجود إرادة عالية وتخطيط محكم وقدرة عالية وذكاء في عمليات المواجهة مما أربك العدو ومنعه من تحقيق أهدافه، وكبّدته خسائر فادحة جراء طول أمد الحرب. وكما تشاهد فإن أهدافه بدأت تتقزم بالدرجة التي تتقزم بها قوته التي ادعى أنها لا تقهر. ولهذه المقاومة قيادة سياسية غير قابلة للمساومة وغير قابلة للهزيمة، ومجرد قبول إسرائيل بوقف إطلاق النار وقبول التبادل بدون شروط يكون حزب الله قد غيّر قواعد المعادلة وفرض شروطا جديدة للصراع بما يترك آثاره على العالم العربي كله. ❊وماذا عن سكان المخيمات الفلسطينية، هل يتضامنون مع اللبنانيين ويقدمون لهم المساعدات؟ الفلسطينيون يعيشون مرارتين: الاولى هي أن نفس المجرم القاتل الذي يفتك بقسم من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في نفس الوقت الذي يفتك بالشعب اللبناني. والمرارة الثانية أن منظر النزوح وإجلاء القرى واقتلاع السكان منها أعادته 50 سنة إلى الوراء وذلك ليس غريبا أن يكون أول المتعاطفين هم الفلسطينيون، واللاجئون القدامى يفتحون دورهم للاجئين الجدد. وللفلسطينيين فرحة وبهجة في أن تتصل بيت حانوت ببنت جبيل، نفس الشموخ نفس الإرادة والتمسك بالحق، إن هدى الفلسطينية التي قتلت عائلتها على رمال غزة كان المستجيب الأول لها رغم الكلفة العالية هي المقاومة اللبنانية، والشعور الجميل هو تلهف الفلسطينيين لسماع أخبار المقاومة وهي تدك المدن والقرى التي اقتلعوا منها قبل 58 سنة واحتلها مستوطنون صهاينة ظلوا يشعرون بالأمان حتى جاء زمن المقاومة ليقولوا إنهم أول مرة يعيشون حالة حرب. ❊ وكيف كان شعوركم إزاء مواقف بعض الدول العربية التي تنكّرت لحزب الله ووصفت عمليته بالمغامرة وقالت إنه ينفّذ أجندة سورية إيرانية؟ أعتقد أن هذا الكلام أتفه من أن يرد عليه وربما أحد إيجابيات المقاومة في هذا الزمن أنها أسقطت ورقة التوت عن عورات هذه الأنظمة وظهرت على حقيقتها حتى لو لعبت في السابق دور المنسق والوسيط أي أخرجت نفسها من الصراع فهي اليوم تعطي غطاء للعدوان وحسابها عند شعوبها. ❊هل تعتقد أن الذي لازال يتحدث الآن عن السلام والتسوية وخرائط الطريق والتسويات ومجلس الأمن في كامل قدراته العقلية؟ أعتقد أن الشعب الفلسطيني اختبر مسار التسوية خلال عشر سنوات ولم يعد الحق إلى أصحابها، بل إن الأطراف التي وقعت على الاتفاقات لم تلتزم بها والعرب قدموا مبادرة في بيروت مزّقتها إسرائيل بالدبابات. إن الذي لا يستطيع اتخاذ قرار الحرب لا يستطيع اتخاذ قرار السلم. كيف يكون خيار السلام لدى العرب استراتيجيا واسرائيل ترد على مبادراتهم بالأسلحة الذكية، الأسلحة الذكية لا تواجه بالسياسات الغبية. ❊ كيف ترون المخرج على الصعيد الفلسطيني الداخلي، وهل ترون أن التطورات الأخيرة ساهمت في الوحدة الوطنية الفلسطينية؟ أعتقد أن الفلسطينيين أمام استحقاق تاريخي يتحدد بضرورة وجود رؤية استراتيجية وجود رؤية استراتيجية فلسطينية واحدة تعتمد على المقاومة بكل أشكالها السياسية والمجتمعية والعسكرية والتنظيمية، ولا إمكانية لوجود ثنائية سلطة ومقاومة. إن الشعب الفلسطيني بحكم أنه مازال تحت الاحتلال وبالتالي فإن المقاومة حق مشروع له. صحيح إن الشعب الفلسطيني يتوحد في الميدان ولكنه يحتاج إلى وحدة سياسية، أي التوجه بخطاب سياسي موحد للعرب وللعالم. إن أسر الجندي الإسرائيلي في غزة لم يكن اعتداءً ولا عملاً مغامراً أو في توقيت غير مناسب، إسرائيل خطفت 100 ألف فلسطيني من بيوتهم وخطفت أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية من معتقل السلطة الذي عليه رقابة أمريكية بريطانية، أما الوزراء والنواب فمن مكاتبهم، والكل يعلم أن الجندي اختطف من دبابته، يجب أن لا نقبل بالمعادلة العنصرية بتمايز دم عن دم آخر. الفصائل الفلسطينية توصلت على طاولة الحوار إلى وثيقة للوفاق الوطني تنسق العلاقات الفلسطينية الفلسطينية بين الشعب والسلطة والسلطة والمجتمع والمقاومة والسلطة، وهذه الوثيقة كفيلة بأن تكون قارب نجاة. في الواقع الفلسطيني.