جريمة كاملة ارتكبتها إسرائيل في قانا الجريحة بغارة واحدة وضعت حدا لسكان حارة كاملة كانت تحتمي في دهليز تحت بناية في مرتفعات قانا، الشروق اليومي ورغم القصف المتواصل على الجنوب ورغم المسالك المرعبة تنقلت من بيروت إلى أقصى الجنوب في قانا وعبرت مسالك وقرى مدمرة على الآخر مثل صيدا وصور، ووصلت إلى قانا مساء أمس، ووقفت على الجريمة المهولة... أطفال ونساء ماتوا اختناقا في قصف لطائرة إسرائيلية ليلة أول أمس على الساعة الواحدة ليلا ، الحصيلة المؤقتة التي تحصلت عليها الشروق اليومي من فرقة الصليب الأحمر اللبناني التي كانت بعين المكان هي انتشال جثة 19 طفلا و6 بين رجال ونساء وحسب الطبيب حسام مقداد عضو الصليب الأحمر اللبناني فإن المتوقع هو إيجاد من 20 إلى 25 جثة تحت الركام. مبعوث الشروق إلى قانا : رشيد ولدبوسيافة وكانت الجثث تنقل عبر دفعات إلى المستشفى الحكومي بمدينة صور التي تبعد قرابة 15 كلم إلى الشمال، وقد تنقلت الشروق اليومي إلى المستشفى ووقفت على هول المأساة والتقت بعض أقارب الضحايا، ويقع المستشفى قرب مخيم اللاجئين الفلسطينيين، وقد صادف تواجد الشروق اليومي بعين المكان تنظيم مسيرة غاضبة من قبل سكان المخيم يقودها أمين سر حركة فتح في لبنان أبو العينين. وفي مسرح الجريمة الأجواء كانت لا توصف، تواجد مكثف للصحافة الدولية والقوات الدولية والصليب الأحمر، لكن كل هؤلاء وصلوا متأخرين حسب تصريحات الناجين من المذبحة، والذين قالوا للشروق اليومي إن أول هيئة وصلت إلى عين المكان كانت على الساعة التاسعة صباحا أي بتأخر ثمان ساعات كاملة وهو ما أدى إلى الحصيلة الثقيلة فأغلب الضحايا استشهدو اختناقا. وقد تابعت الشروق عمليات النبش بحثا عن الضحايا الذين بقوا تحت أكوام التراب والأحجار، وغادرت المكان قبل أن تبدأ الجرافات بتجريف المكان بحثا عن الجثث، حيث أبلغنا المسؤولون عن العملية أنه لم يعد بالإمكان العثور على أحياء. المشهد كان مروعا في الداخل عندما كان أعوان الصليب الأحمر والقوات الدولية وبعض المواطنين يستخرجون الأفرشة المضرجة بدماء الضحايا بينما وصف لنا أحمد وهو مواطن لبناني تابع العملية منذ بدايتها، بأن منظر الجثث كان مروعا حيث تحولت كلها إلى اللون الأزرق بفعل الاختناق، فاستشهاد الضحايا كان بطيئا ومن الواضح أنهم لم يفارقوا الحياة بفعل الضربة وإنما بفعل الغبار وربما بفعل مواد كيميائية موجودة في السلاح الذي استخدمته إسرائيل حسب شهادات البعض، وقد تقربت الشروق اليومي من بعض الناجين وتحدثت إليهم ومن بينهم محسن هاشم الذي نجا بأعجوبة حيث لم يكن بالمكان حين وقعت الواقعة بينما قضى 25 فردا من أقاربه كلهم أعمامه وأبناؤهم ، حدثنا بصوت متقطع عن التراجيديا التي عاشوها حيث شرعوا منذ وقوع الغارة في استخراج الناجين من الحادث، وقال محسن إنهم ذهبوا فور وقوع الهجوم إلى القوات الدولية إلى أنهم رفضوا التحرك إلى غاية مجيء الصليب الأحمر. أما محمد الذي فقد عددا من أفراد عائلته فقد اتهم الهيئات الدولية بالتقاعس وأنها كانت سببا إضافيا في اسشتهاد الكثير من الضحايا لأنها رفضت التحرك في الوقت المناسب، وصب آخر جام غضبه على الصحافة الغربية وقال إنها تشجع إسرائيل في جرائمها ، وقال إن شخصين نجيا من أقاربي وهما نور هاشم 13 سنة ومحمد شلهوب نجم 17 سنة. وفي مدينة صور التي نقل إليها الناجون والضحايا فإن الأجواء كانت أكثر احتقانا عكس قانا التي لم نجد بها غير الهيئات الدولية والفرق الصحفية ، كان الاحتقان والغضب هو سيد الموقف في صور خصوصا بالنسبة للفلسطينيين الذين خرجوا مسلحين وأطلقوا صيحات بالتصدي لإسرائيل مهما كانت النتائج وتحدث أبو العينين لقد أنهت هذه الجريمة مابقي من أمل لدى أهل صور ولم يعد يهمهم توقف الحرب لأنه لم يعد لهم شيئا يخسروه، دمرت المدينة واستشهد أبناؤها بالعشرات والبعض منهم لم ينتشل إلى الآن من تحت الركام، والغريب في الأمر أن الجيش الإسرائيلي واصل دك المنطقة بالقنابل في الوقت الذي لا زالت جثث الضحايا تحت الركام مما خلق أجواء رعب كارثية لدى الفرق الصحفية ونحن منهم، وقد غادرنا المكان تحت القصف الذي لم يتوقف منذ انطلاقنا من قانا إلى غاية وصولنا إلى صيدا وهي المسافة التي استهلكت منا أكثر من ساعة ونصف من الزمن. الطريق إلى قانا كان مليئا بالأهوال والوصف يعجز عن إيصال ما حدث في جنوب لبنان وسنعود بالتفصيل لكل ذلك في العدد المقبل من جريدة الشروق اليومي.